تشهد ولاية كاليفورنيا، وتحديدًا منطقة لوس أنجلوس، حرائق غابات مدمرة تُعد من بين الأكثر تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة، وفقًا لتقديرات شركة "أكيو ويذر" لخدمات التنبؤ بالطقس، تتراوح الخسائر الاقتصادية بين 135 و150 مليار دولار، مما يعكس التأثير الكبير على منطقة تحتوي على بعض من أغلى العقارات في البلاد.

تسببت هذه الحرائق في تدمير آلاف المنشآت؛ حيث أتلف حريق "باليساديس" أكثر من 5300 منشأة، بينما دمر حريق "إيتون" أكثر من 5000 منشأة أخرى، ورغم الجهود المستمرة لاحتواء النيران، فإن الصورة الكاملة للخسائر لم تتضح بعد، ووصف جوناثان بورتر كبير خبراء الأرصاد الجوية في "أكيو ويذر"، هذه الكارثة بأنها واحدة من أكثر كوارث حرائق الغابات تكلفة في العصر الحديث.

ومن المتوقع أن تدخل هذه الحرائق ضمن قائمة أعلى خمس كوارث تكلفة على الإطلاق، متجاوزةً حرائق سابقة مثل حريق "كامب فاير" عام 2018 في كاليفورنيا، الذي بلغت تكاليفه المؤمنة حوالي 12.5 مليار دولار، مع القيمة العالية للعقارات في المناطق المتضررة حاليًا، يتوقع الخبراء أن تكون الخسائر الاقتصادية هائلة.

وأدت هذه الحرائق إلى خسائر بشرية أيضًا؛ حيث ارتفع عدد القتلى إلى 24 شخصًا، وتم إجلاء أكثر من 360 ألف شخص، ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن هذه الحرائق بأنها "أكبر حرائق الغابات وأكثرها تدميرًا في تاريخ كاليفورنيا"، مؤكدًا أن "التغير المناخي حقيقة واقعة"، كما أعلن حالة كوارث كبرى في الولاية، وعقد اجتماعات مع كبار المسؤولين.

وتداولت وسائل الإعلام العالمية مقاطع فيديو تظهر لحظة هروب فرق الإنقاذ في مدينة لوس انجلوس بعد ما حاصرتها النيران جراء الانتشار السريع للأعاصير النارية في المدينة.

لمشاهدة الفيديو اضغط هنــــــــــــا

وتواجه فرق الإطفاء تحديات كبيرة في مكافحة هذه الحرائق غير المسبوقة؛ حيث يشارك أكثر من 7500 إطفائي، بعضهم من ولايات أخرى، في جهود الإطفاء، وتم إرسال تعزيزات عسكرية قوامها نحو 400 عنصر من الحرس الوطني للمساعدة في السيطرة على النيران، يُعتقد أن هذه الحرائق ناتجة عن تماس كهربائي، إذ تعاني كاليفورنيا من تاريخ طويل من حرائق الغابات التي أشعلتها خطوط الكهرباء في الرياح العاتية.

وتتجاوز تأثيرات هذه الحرائق الأضرار المباشرة؛ حيث قد تترك تأثيرات طويلة المدى على الصحة العامة والسياحة. كما أنها تُعمّق الأزمة القائمة في قطاع التأمين؛ إذ اضطرت شركات التأمين إلى رفع الأسعار أو إلغاء التغطية تمامًا بسبب ارتفاع مخاطر الكوارث الطبيعية مثل الحرائق والفيضانات، وأظهرت بيانات من برنامج "فير بلان" الخاص بولاية كاليفورنيا أن عدد البوليصات المقدمة من خلال البرنامج تضاعف منذ عام 2020 ليصل إلى أكثر من 450 ألف بوليصة بحلول سبتمبر 2024.

وتشير هذه البيانات إلى أن حرائق لوس أنجلوس تمثل نقطة تحول خطيرة، ليس فقط في إدارة الكوارث، ولكن أيضًا في تعامل الأسواق والحكومات مع المخاطر المتزايدة الناجمة عن التغيرات المناخية، ومن المتوقع أن تؤثر هذه الكارثة سلبًا على سوق التأمين في الولاية، مع زيادة في أقساط التأمين وتراجع في توفر خيارات التأمين، إلى جانب تأثيرات محتملة على قيم العقارات والمالية العامة للولاية.