يوم الاستشارات الطويل... كيف غيّر "معادلات" جلسة انتخاب الرئيس؟! - جورنالك

0 تعليق ارسل طباعة

شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: يوم الاستشارات الطويل... كيف غيّر "معادلات" جلسة انتخاب الرئيس؟! - جورنالك ليوم الثلاثاء 14 يناير 2025 04:15 صباحاً

صحيح أنّ صفحة الانتخابات الرئاسية طويت، مع دخول الرئيس المُنتخَب جوزاف عون إلى قصر بعبدا، وطويت معها كلّ الخلافات التي رافقت الاستحقاق حتى إنجازه يوم الخميس الماضي، إلا أنّ القراءات لمجريات الجلسة "الحاسمة"، وما سيترتّب عليها على المستوى السياسية لا تزال مستمرّة، وفق موازين "الربح والخسارة"، رغم الإشادة الجماعيّة بعناوين خطاب القَسَم، الذي يصحّ وصفه بالجامِع بين اللبنانيين.

وإذا كانت معظم هذه القراءات "تقاطعت" على حقيقة شبه ثابتة، وهي أنّ رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل كان "الخاسر الأكبر" بنتيجة الاستحقاق، وهو الذي خاض معركة "حياة أو موت" مع عون، ولم يتراجع عن رفضه المطلق لانتخابه حتى اللحظة الأخيرة، فإنّها لم تصمد على ما يبدو سوى أيام قليلة، ليتحوّل باسيل من خلال الاستشارات النيابية الملزمة إلى "الرابح الأكبر"، أو بالحدّ الأدنى "بيضة القبان".

فمع انقسام النواب بين نجيب ميقاتي ونواف سلام، اتجهت الأنظار نحو وجهة تصويت تكتل "لبنان القوي" برئاسة باسيل، الذي استطاع بالنتيجة أن يلعب الدور الذي حُرِم من أن يلعبه في استحقاق الرئاسة، وهو دور "الناخب الأول"، لتكون كلمته هي "الفاصلة"، وقد تعمّد عدم الإفصاح عنها حتى اللحظة الأخيرة، تاركًا بذلك لنفسه، وربما للحلفاء والخصوم أيضًا، هامشًا للتفاوض معه، قبل أن يحسم الاستحقاق برمّته.

لكن، كيف تغيّرت الصورة لهذه الدرجة خلال أيام معدودات فقط؟ ما الذي قلب المعادلات التي كانت قائمة في جلسة انتخاب الرئيس، حتى أمكن لباسيل أن يتحوّل في فترة قياسية من الخاسر الأكبر إلى الرابح الأكبر؟ والأهمّ من ذلك، ماذا عن "تحدّيات" ما بعد تسمية رئيس الوزراء؟ فهل ينجح فعلاً في تأليف حكومة متناغمة ومتجانسة، وتحظى بثقة البرلمان الواجبة، وسط هذا الانقسام الذي يكاد يكون غير مسبوق؟!.

في المبدأ، يتحدّث العارفون عن عوامل عدّة دفعت إلى "انقلاب" الصورة بالشكل الذي أفرزه يوم الاستشارات النيابية الطويل، أولها "تقاطع" قوى المعارضة على اسم واحد، كما لم تفعل حتى في انتخاب الرئيس، بعدما فشلت في تجميع الأصوات الكافية لمرشحها، وثانيها غياب "كلمة سرّ" واضحة المعالم، خصوصًا أنّ كثيرين كانوا ينتظرون رأيًا سعوديًا وازنًا يوجّه "بوصلة" النواب، على طريقة الدعم الخارجي الذي حظي به الرئيس عون.

في هذا السياق، يلفت العارفون إلى أنّ العامل الأساسيّ المؤثر الذي أفرزه استحقاق رئاسة الحكومة، يتمثّل في الموقف الموحّد الذي أبرزته قوى ما يُعرَف بالمعارضة، باعتبار أنّ هذه القوى عجزت عن تظهير مثل هذا التقاطع منذ الانتخابات النيابية وحتى اليوم، رغم كلّ المحاولات التي بُذِلت في هذا السياق، وهو ما شكّل إخفاقًا جدّيًا لهذه القوى في مقاربة الانتخابات الرئاسية على مدى أكثر من عامين وشهرين.

ويشير العارفون إلى أنّ المعارضة كادت تقع في "الفخّ" نفسه، عندما بادرت إلى خوض استحقاق رئاسة الحكومة بعدّة مرشّحين، بعدما اختار جزء منها تبنّي ترشيح النائب فؤاد مخزومي، ليقرّر النائب إبراهيم منيمنة خوض المعركة في مواجهته، رغم حظوظه الضئيلة، علمًا أنّ هناك من وضع هذا الترشيح تحديدًا في خانة "الدفع" نحو الذهاب إلى خيار ثالث، يمثّله القاضي نواف سلام، باعتبار أنه قادر على "جذب" الآخرين.

ولعلّ موقف رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل تحديدًا شكّل أيضًا "علامة فارقة" في مقاربة الاستحقاق، حيث "تقاطع" مع المعارضة على خيار سلام، كما لم يكن ليفعل مع الخيارات الأخرى المُتاحة، علمًا أنّ الرجل نجح من خلال هذا الموقف، في استعادة بعض ما خسره في جلسة انتخاب الرئيس، من خلال الظهور بمظهر "القوة" التي تمثّلها "الاستقلالية" التي يعمل بها، وهو ما أكّده بقول إنّ "لا حلفاء ولا أعداء له بالمُطلَق".

وثمّة من يعتبر أنّ "نقطة القوة" التي انطلق منها باسيل في موقفه هذا، هي أنّه بدا أيضًا "متناغمًا" مع نفسه بعدم تصويته لصالح ميقاتي، بعد كلّ "المعارك" التي خاضها ضدّه على امتداد المراحل الماضية، ولا سيما بعد كلّ التسريبات عن "مغريات" تلقّاها من أجل التصويت لصالح ميقاتي، وعن "مقايضات" عُرِضت عليه، من أجل التصويت لميقاتي، مقابل الحصول على حقائب في الحكومة، وبالتالي عدم الخروج من السلطة.

بمعزل عن مفارقات ومفاجآت يوم الاستشارات النيابية الطويل، يبقى "التحدي الكبير" هو ما بعد التسمية، وقد بدأ الجدل يدور منذ الآن حول الخيارات والسيناريوهات المحتملة، في ضوء التجارب "المريرة" السابقة التي كانت تحصل، حتى حين كان رئيس الحكومة يُسمّى بالأغلبية، وهو ما قد يضع الأخير أمام موقف لا يُحسَد عليه، في ظلّ إصرار على أن ينطلق "العهد" من دون إبطاء، وعماد ذلك تشكيل الحكومة.

في هذا السياق، يؤكد العارفون أنّ المهمّة التي تنتظر رئيس الوزراء المكلّف، هي "معقّدة وغير سهلة" بطبيعة الحال، خصوصًا إذا ما بدأ "بازار الحصص" المُعتاد، وباعتبار أنّ جميع الكتل تقريبًا تبدو "طامحة" للدخول إلى الحكومة، ولو أنّ هناك من يعتبر أنّ المرحلة تتطلّب مقاربات من نوع آخر، انسجامًا مع خطاب القسم للرئيس جوزاف عون، ولا سيما أنّ مهمّة هذه الحكومة يجب أن تكون "إصلاحية"، بعيدًا عن الحسابات السياسية.

ولعلّ "التحدي الأكبر" الذي ينتظر رئيس الوزراء المكلّف بهذا المعنى، يكمن في التعامل تحديدًا مع المكوّن الشيعي، خصوصًا بعدما تمّ تصوير أمر تسميته وكأنّه "انكسار" لهذا الفريق الذي كان داعمًا لعودة رئيس حكومة تصريف الأعمال، بل كان يتحدّث عن اتفاق "شامل" حصل على الرئاسة والحكومة دفعة واحدة، علمًا أنّ ما صدر عن رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد ينبئ بالعقد التي قد تصطدم بها عملية التأليف.

وقد تكون المعادلة التي تحدّث عنها رعد، بين "حقّ" الآخرين بأن يعيشوا تجربة تشكيل الحكومة، وبين المطالبة بأن تكون الحكومة "ميثاقية"، في إشارة ضمنية إلى التمثيل الشيعي، تختصر "المعضلة" التي ستنتظر رئيس الوزراء المكلف في طريق تأليف الحكومة، ولو أنّ هناك من يشدّد على أنّ الأساس في الحكم يبقى أداء الرجل وشكل الحكومة والمعايير التي ستُعتمَد، وكلّ ذلك يبقى مفتوحًا على كلّ الاحتمالات بطبيعة الحال.

في النتيجة، من الواضح أنّ الكثير من المعادلات تغيّرت، ليس فقط بين جلسة الخميس الرئاسية ويوم الإثنين الاستشاري، وهي معادلات يُبنى عليها الكثير في رسم صورة المرحلة المقبلة، لكنّ كلّ ذلك يبقى رهنًا بمسار عملية التأليف، الذي يبدو مليئًا بالألغام، التي لا تشكّل المطالبة باحترام الميثاقية سوى النقطة الأولى على خطّها، والتي لن تنتهي باختبار "الثقة" الذي لن يكون مضمونًا، إن اكتمل عقد الحكومة، وأبصرت النور...

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق

انضم لقناتنا على تيليجرام