الرياض - عمر العمودي - أراد جمهور سلسلة ألعاب Assassin’s Creed طويلًا أن يلعب “أساسنز كريد في اليابان”، وبقي هذا حلمًا بعيد المنال لسنوات طويلة، حيث لم يكن يبدو أن يوبي سوفت مقتنعة بالجدوى التجارية من لعبة كهذه. بالطبع، تغير كل شيء مع النجاحات التجارية الضخمة التي حققتها ألعاب مثل Sekiro و Ghost of Tsushima. الحلم على وشك أن يتحقق مع أساسنز كريد شادوز: أساسنز كريد في اليابان القديمة، اليابان الإقطاعية بقلاعها الشامخة ذات الطابع المعماري الفريد، ومنازلها، وجبالها، وغاباتها، ومعابد الشينتو، ومقاتلي الساموراي، وأساطير اليوكاي، والصراعات المتناحرة بين الإقطاعيين. لقد وضعنا أيدينا أخيرًا على هذه اللعبة المنتظرة بشوق من مجتمع اللاعبين من خلال حدث نظمته شركة Ubisoft عن بعد، ولعبت من خلاله بشخصيتي ناوي وياسكي، هذه اللعبة تأتي في وقت عصيب للغاية على شركة Ubisoft فهل ستكون المنقذ؟ وهل ستعيد هذه السلسلة العريقة إلى أمجادها؟ إليك انطباعاتي.

اللعبة هي نقلة جيل جديد حقيقية

في البداية يسرني أن أؤكد لك عزيزي القارىء أن اللعبة تقدم نقلة جيل جديد حقيقية على صعيد تقني. في الواقع، كنت خائب الأمل من إصدار Valhalla في هذا الجانب، وحتى Mirage، و كانت ذاكرتي دائمًا تعود إلى إصدار Unity الذي قدم نقلة تقنية هائلة عندما صدر للمرة الأولى على جهاز PS4. هذه المرة فعلتها يوبي سوفت من ناحية تقنية بالتأكيد و Assassin’s Creed Shadows ستبهر الكثيرين. البيئة في اللعبة ديناميكية للغاية، الأشجار تتحرك وتنحني أمام العواصف، أوراق الشجر تتطاير وشعر ناوي يتحرك بنعومة مع هبوب الرياح، كل شيء يبدو ديناميكيًا للغاية، البيئة قابلة للتدمير جزئيًا حيث ستتمكن من تحطيم بعض الجدران والأبواب وغير ذلك. ملامح الشخصيات ممتازة حقًا مما يزيد من فخامة المشاهد السينمائية، أما التحريك فقد حظي بعناية خاصة لا سيما شخصية ناوي الرشيقة بقفزاتها الدورانية البارعة.

تأثير الطقس يبدو رائعًا من أمطار وعواصف ستبلل ملابس الشخصية الرئيسية، الظلام يبدو دامسًا و موحشًا، والدماء تتطاير في المعارك وتلطخ الجدران القريبة كما يحصل في الأفلام القتالية اليابانية والآسيوية الفاخرة. أنا بلا شك متحمس كثيرًا لاستكشاف البيئة اليابانية الجميلة في شادوز عندما نضع أيدينا على النسخة النهائية بمشيئة الله، وفي الحقيقة، رأينا بعض ردود الأفعال من اللاعبين على وسائل التواصل الاجتماعي تجاه عروض اللعبة وشعرنا بالتعجب مقارنة بالتجربة التي خضناها ونعتقد أن المتشائمين أمامهم مفاجأة كبيرة.

الأداء الصوتي فاخر ولكن السرد القصصي يحمل تحديًا كبيرًا

مباشرة قمت بتجربة اللعبة بالأداء الصوتي الياباني وذلك لزيادة انغماسي بالتجربة وإحساسي بواقعيتها وقدرتها على نقلي إلى تلك الحقبة الزمنية من تاريخ اليابان الإقطاعية، وقد كان قرارًا موفقًا حقًا، الأداء الصوتي للشخصيات فاخر ومتقن للغاية لا سيما كل من ناوي و ياسكي وحتى بقية الشخصيات وسيجعلك تنتقل إلى حقبة اليابان الإقطاعية بكل جوارحك. أحداث القصة تدور في الفترة الزمنية التي وصل فيها البرتغاليون إلى اليابان، البرتغاليون تركوا أثرًا كبيرًا على الحضارة اليابانية والتي دخلت عليها الأسلحة النارية للمرة الأولى آنذاك، في هذه الحقبة من التغييرات والتقلبات تدور أحداث قصتنا. تقدم اللعبة شخصيتين قابلتين للعب هما ياسكي صاحب البشرة السمراء وهو في قصة اللعبة ساموراي ومن أتباع نوبوناغا أودا المخلصين، وهناك أيضًا شخصية ناوي والتي تملك خلفيتها القصصية الخاصة التي سنتجنب حرقها عليك عزيزي القارىء. بالطبع، وكعادة السلسلة، ستجد عددًا من الشخصيات التاريخية الشهيرة والتي ستلعب دورًا كبيرًا في اللعبة.

تقود القصة كل من ياسكي و ناوي إلى رحلة مشتركة حيث سيتعاونا معًا على مدار مغامرتنا هذه، تم التأكيد لنا بأن اللاعب سيكون قادرًا على التبديل بين الشخصيتين في أي وقت، لكننا في النسخة التجريبية لم نتمكن من التبديل بينهما سوى في جزئيات معينة. اللعبة حملت حسًا سينمائيًا في تجربتنا يفوق الأجزاء السابقة ولكن حقًا، يصعب الوقوف على مستوى القصة والسرد القصصي الآن، والذي سيلعب دورًا بلا شك في تقييم التجربة النهائية، هل ستنجح اللعبة في تلافي مشاكل التكرار والحشو الذي ربما عانت منه بعض الأجزاء السابقة؟ هل ستنجح في تقديم مهام جانبية وأنشطة رائعة ومكتوبة بعناية؟ سنرى ذلك.

القتال ممتع والتركيز على الاستكشاف كبير

أعتقد أن اللاعبين سيتفقون في نهاية المطاف على أن وجود شخصيتين قابلتين للعب في أساسنز كريد شادوز هو أمر إيجابي يخدم اللعبة، لأنه أضاف الكثير من التنوع وسمح للمطورين بتقديم طريقتي لعب مختلفتين كليًا. ناوي قد تكون أسرع وأخف “أساسن” في تاريخ السلسلة، إنها رشيقة للغاية وهي تقفز وتدور حول الأشياء بكل براعة، ولديها حبل تعلق تستخدمه في التنقل أيضًا مما يزيد من متعة الباركور في اللعبة لا سيما مع التحسين البارز على الأنميشن، لكن ناوي بالتأكيد تواجه المتاعب عندما تحاط بعدد كبير من الأعداء. من جهة أخرى، ياسكي مقاتل صنديد قوي البنية، وهو ليس سريعًا، إلا أنه يستطيع أن ينفذ الهجمات المعاكسة (parry) وضرباته قوية جدًا. في النسخة النهائية من اللعبة سيكون بمقدورك التبديل بين ناوي وياسكي في أي وقت فهما يشكلان فريقًا، مما يعني أنك تستطيع أن تركز على التخفي والباركور أو أن تركز على الأكشن إن شئت ذلك.

كل من الشخصيتين لديه مهاراته الخاصة والتي يمكن تعلمها وتطويرها من خلال شجرة المهارات في اللعبة، وعند الضغط على زر R2 مه أحد الأزرار الأمامية ستتمكن من تنفيذ أحد المهارات المنوطة بهذا الزر، وسيظهر تأثير رسومي تأثير جميل جدًا على الشاشة بالأبيض والأسود والأحمر، إحدى مهارات ياسكي هي صيحة قوية تربك جميع الأعداء، أو أن يركض إلى الأمام ويطعن العدو بسلاحه بكل قوة. أسلوب القتال يذكرنا بعض الشيء بلعبة شبح تسوشيما حيث عليك أن تقرأ هجمات الأعداء وأن تتفادى الضربات غير القابلة للصد والتي ستومض باللون الأحمر، لكنني أراه في الحقيقة أفضل منها بفارق ملحوظ وأكثر متعة فهو يتيح مجالًا أكبر للمناورة، كما إن وزن وإحساس اللعب بكل من ناوي و ياسكي مختلف كليًا وحتى الأسلحة مختلفة. بالطبع، هناك أيضًا أسلحة أخرى في اللعبة حيث يمكن لناوي أن تقوم برمي الشوريكن بينما يمكن لياسكي أن يستخدم البندقية والأسلحة النارية. إحساس القتال واللعب رائع جدًا وهو الأفضل من بين جميع كل ألعاب أساسنز كريد.

الاستكشاف في اللعبة هو حجر أساس للتجربة، فالخريطة باتت ضخمة ومقسمة على طبقات عديدة يمكن التقريب إليها، الأماكن المثيرة للاهتمام مرسومة يدويًا بطريقة جميلة على الخريطة حتى تحفز اللاعب على الذهاب إليها. عند تنفيذ المهام لن تظهر لك على الخريطة علامة (objective) محددة بل ستحصل على تفاصيل ومعلومات حول الأماكن التي ينبغي أن تذهب إليها من لوحة المهام، حتى تسلق الأبراج لم يعد يكشف كل نقاط الاهتمام مثل السابق حيث سيكون عليك أن تستكشف الأماكن بنفسك هذه المرة أو أن تقوم بإرسال أحد المستطلعين (scouts) قبل أن يتم تحديد الهدف على الخريطة، كما بمقدورك أن تضع علامة على الأعداء لمراقبتهم. التخفي في اللعبة مميز مع إمكانية الاختباء في الأماكن وإطفاء الإنارة وتنفيذ الاغتيالات من أماكن متعددة للتخلص من الأعداء بصمت.

تحتوي اللعبة على طرق متعددة للتنقل، الحصان مرن وسلس وبعيد عن الثقل أو الواقعية الزائدة كما كان الحال في لعبة Red Dead Redemption 2، كما كنا مسرورين بأننا نستطيع ركوب القوارب الخشبية الطويلة والإبحار فيها من مكان إلى آخر. كما ذكرنا بالأعلى، تبدو اللعبة ساحرة ومشجعة جدًا للاستكشاف مع البيئة اليابانية الجميلة بقلاعها وقصورها ومنازلها الورقية/الخشبية والأزياء الكلاسيكية وحتى الأسلحة اليابانية الكلاسيكية تبدو مليئة بالتفاصيل الدقيقة والجميلة. أنهينا تجربتنا للنسخة التجريبية بقتال أحد الزعماء وقد استمتعنا بالمعركة ونجحنا في هزيمته شر هزيمة بالاعتماد على قوة ياسكي. وبالحديث عن ياسكي، نحن مدركون جيدًا للجدل الدائر حوله وحول كونه “ساموراي” من عدمه، حسنًا، الشخصية ممتعة في اللعب وهي تبرر وجودها بتقديم تجربة لعب مختلفة كليًا عن ناوي ومن لا يحب التسلل والتخفي سيجد نفسه يعتمد على ياسكي كثيرًا، أما من يريد الحصول على تجربة يابانية خالصة فإن شخصية ناوي ستلبي رغباته كليًا.

الكلمة النهائية

في الحقيقة، تجربتنا مع أساسنز كريد شادوز كانت واعدة أكثر مما كنا نتوقع، تحقق اللعبة مطلبًا قديمًا لجمهور السلسلة ومحبيها بالانتقال إلى اليابان القديمة والتي تناسب طبيعة حكايا وقصص السلسلة كثيرًا بجرائمها واغتيالاتها و مؤامراتها ودسائسها، يوبي سوفت تدرك جيدًا حجم الاهتمام والآمال المعقودة على هذه اللعبة ومن الواضح أنها تعتني بها عناية استثنائية، اللعبة دون شك هي المشروع الضخم الحقيقي والتالي لسلسلة أساسنز كريد وهي أضخم بكثير من Mirage على كل الأصعدة. على أية حال، هذا لا ينفي من كوننا ما زلنا نشعر بالحذر تجاه اللعبة رغم التجربة الممتعة: كيف ستكون التجربة النهائية؟ هل ستتمكن اللعبة من الاحتفاظ بمتعتها على مدار عشرات الساعات من اللعب؟ هل ستتمكن من تجنب الملل الذي اشتكى منه الكثيرون في فالهالا؟ هل ستنجح يوبي سوفت في تقديم سرد قصصي مثير وشخصيات تعلق في الذاكرة أم أنها ستقدم تجربة مجوفة تنساها بمجرد أن تنهيها؟ البوادر الأولى تبدو مشجعة وقد تركت علينا انطباعًا إيجابيًا أقوى بكثير من السابق، لكن، مثل أي لعبة عالم مفتوح، التجربة النهائية ستحدد إن كانت يوبي سوفت قد تمكنت من تطوير لعبة عظيمة بالفعل أم لا.