نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: بالتجربة... لماذا سيتعظون؟ - جورنالك اليوم الأربعاء 15 يناير 2025 09:57 صباحاً
لدى وقوع أي واقعة في بعض الأقطار، يتساءل اليمنيون: هل من متعظ؟ هل من معتبر؟ وفي القرآن الكريم: «وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ» (سورة القمر: 51). يُجيب «نهج البلاغة» للإمام علي بن أبي طالب: ما أكثر العِبَر وأقل الاعتبار.
بما أنها «عِبَرٌ كلها الليالي، ولكن... أين من يفتح الكتابَ ويقرأ»، يتوزع بنو الإنسان، إذا فتحوا «الكتاب»، بين: حكيمٍ ذكي ينتفع بتجارب الآخرين وتجاربه، وغبي ينتفع بتجاربه فقط، وأحمق لا ينتفع بأي تجربة.
رغم عدم الانتفاع، عالمياً ويمنياً، لن يُقال: «الإنسان حيوان أحمق... دائماً»، إذ تُباغته أحياناً «لحظة نادرة» فيؤتى الحكمة أثناء التلذذ بخوض تجربة مباشرة يُقدِّم بمحصوله منها درساً يجعله هو نفسَه «عِبرة» لِمن «لن» يعتبر... لماذا؟
لأن البشر «ما هُم عن تكرار التجربة بمستغنين» حسبما يخلُصُ صاحب «العبقريات» عباس محمود العقاد في مقال «من دروس الحرب» مقرراً: «لو أن درساً من دروس جيل ينفع الجيل الذي بعده لما تلاحقت المصائب عليهم جيلاً بعد جيل... وويحهم مرتين! لو أن الأجيال السابقة تُجرِّب للأجيال التي بعدها وتعيش لها لَبَطَل عيش اللاحقين، وأصبح كالنسخة المكررة من عيش السابقين».
استخلاصُ العقاد، سبقه تحليلُ الطبيب والمؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون في كتابه المهم والشهير «سيكولوجيا الجماهير» الصادر قبل قرنٍ ونيف، حيث عدَّ «التجاربَ التي عاشها جيلٌ ما غير مجدية بالنسبة للجيل اللاحق، ولهذا السبب فإن الأحداثَ التاريخية التي تُضرَب كمثلٍ على العظة والبرهنة لا تفيد شيئاً». ثم يحدد لوبون فائدة وحيدة لضربِ تلك الأمثال وهي «البرهنة على ضرورة تكرار التجارب».
إليكم البرهان: لم ينصرم 2024م إلا والكيان الإسرائيلي «المحتل» يشن غاراته على اليمن بسبب الكيان الحوثي وأفعاله، وكلاهما مغتر ومتمادٍ بتجاربه. وهكذا تستعر نيران الحروب بمُكابرين غير مكتفين بما جربوا، مبتزين للأشقاء والأصدقاء، غير مبالين بضرر الأبرياء فوق التربة اليمنية... وانظروا مدى صبر اليمنيات واليمنيين على تكرار تجارب المجربين... والمخربين!
بالتجربة المتكررة ثبت أن «الحكمة اليمانية»، التي وَصفَ بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم وفدَ تهامة اليمن، يفتقر إليها يمنيون لم تعظهم وتنفعهم تجاربهم سوى أنهم ينتفخون ويتفاخرون بها بوصفها «درساً مبهراً!»... هكذا يصفون تجاربهم؛ إذَن كيف، ولماذا سيتعظون من غيرهم؟
بالتجربة أيضاً تبين أن المعاناة الإنسانية تتفاقم، وأحوال اليمنيين عامة تسوء نتيجة تغييب المصلحة الوطنية وتغليب المصلحة الخاصة، حسب المطلعين على ما تطور وتدهور من تفاصيل «اليمننة: الأزمة اليمنية».
وبالتجربة، تقرر لدى بعض اليمنيين أنه لا تعويل على يمنيين آخرين.
وفق تجارب تفسدها العنتريات والتطرف وعدم التسامح، لا يُضمَن الرهان على استفادة واعية من دروس الماضي وحتى الحاضر، كما لا يَعُم اطمئنان لمسارعة التقاط الفرص.
وبينما انتهت تجارب أخرى إلى أن بعض العلل والمحن تُعالَج وتزول بمرور الزمن، ثمة تجارب ودروس «مصالحات» يمنية خلال مراحل مختلفة، لم يُنظَر إلى إيجابياتها فيُنتفَع منها كما ينبغي، تأثراً بتفاعلات سلبية ودعاية مضادة مكثفة. تلك التجارب تؤكد حتمية التعايش والسلام. وحال مراجعتها يرسخ اليقين وتُبنى الثقة في:
- أن المستقبل - قريباً كان أم بعيداً - كفيلٌ بتصفية الأجواء ممن جر البلاء على البلاد والعباد.
- وأن «الذكاء اليماني» ستواتيه الفرصة ليُسفرَ عن جهدٍ يجدد طيب الآثار ويمحو العار ويطفئ النار.
أنّى ومتى يكون هذا؟ بتجربة جديدة عنوانها #السلام_لليمن تُشرِقُ أضواؤها يومَ تتجلَّى «الحكمة اليمانية» الموصوفة في الأثر فتنطوي صفحة من لم يَدَّكِر.
كل عام و«تجربة» وأنتم بخير.
*الشرق الأوسط