نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: هل ينهي «الرئيس العائد» الحروب في الشرق الأوسط وأوروبا؟ - جورنالك في الأحد 11:35 مساءً اليوم الأحد 19 يناير 2025 11:35 مساءً
عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، اليوم، تعد الحدث الأبرز المرتقب على الساحة الدولية؛ وسط نذر تحولات محتملة في السياسة الخارجية الأمريكية، التي من شأنها تغيير دفة عدة ملفات إقليمية ودولية.
رئاسة ترامب الثانية تأتي وسط مناخ سياسي معقد، في وقت تتداخل فيه الصراعات المستمرة في الشرق الأوسط وأوروبا مع التحولات الجيوسياسية التي فرضتها المنافسة المتزايدة بين القوى العظمى، لاسيما الولايات المتحدة والصين وروسيا وأوروبا.
الرئيس ترامب، الذي لطالما انتقد أسلوب إدارة سلفه جو بايدن في التعامل مع الأزمات الدولية، وعد بإنهاء الحروب المستعصية في الشرق الأوسط وأوكرانيا، كما أن تصريحاته المتكررة - خلال الحملة الانتخابية - بأن الحروب في غزة وأوكرانيا لم تكن لتحدث لو كان في السلطة تشير إلى أنه يخطط لتغيير شامل في أسلوب التعاطي مع هذه الأزمات.
تقليص الأدوار
ورغم غياب تفاصيل واضحة عن الأدوات التي سيستخدمها لتحقيق ذلك، فإن ملامح استراتيجيته المحتملة قد تشمل تقليص الأدوار الأمريكية المباشرة، والتركيز على الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية لدفع الأطراف نحو التفاوض، وهذا التوجه يتسق مع شعاره «أمريكا أولاً»، الذي يعيد تشكيل الأولويات الأمريكية على المسرح الدولي.
في الشرق الأوسط، يتوقع أن تشهد السياسة الأمريكية انحيازاً أكبر نحو إعادة ترتيب العلاقات مع الحلفاء التقليديين، ومع ذلك، فإن تفجر الصراعات الأخيرة في أماكن مختلفة بالمنطقة قد يجعل من الصعب تحقيق استقرار طويل الأمد، وبما يلقي بثقله على سياسات ترامب.
أما في أوروبا، فإن الحرب في أوكرانيا ستكون اختباراً حقيقياً لرؤية ترامب، فتصريحاته السابقة حول أهمية تقاسم الأعباء الأمنية بين أعضاء حلف الناتو قد تدفعه إلى تقليص الدعم العسكري لأوكرانيا، والتركيز بدلاً من ذلك على الضغط السياسي لإجبار موسكو وكييف على اتفاق سلام.
وهذه المقاربة قد تثير حفيظة الحلفاء الأوروبيين، لكنها تتماشى مع استراتيجية ترامب لخفض النفقات الأمريكية الخارجية في الوقت نفسه. من برلين، يشير الكاتب المتخصص في العلاقات الدولية، محمد الخفاجي، في تصريحات لـ«جورنالك الاخباري» إلى أن السياسة الخارجية الأمريكية في العام 2025 ستتأثر بعدة متغيرات رئيسية من شأنها إعادة تشكيل خريطة التوترات الجيوسياسية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
أبرز هذه المتغيرات ما يتعلق بتوجه الإدارة الأمريكية الجديدة، ذلك أن عودة الجمهوريين إلى البيت الأبيض، بقيادة دونالد ترامب، قد تثير قلق حلفاء وأعداء أمريكا على حد سواء، نظراً للأولويات المختلفة التي قد تعتمدها الإدارة الجديدة؛ إذ يتوقع التركيز على السياسات الانعزالية، وزيادة الضغط الاقتصادي.
ومن المتوقع أن تعزز واشنطن تحالفاتها مع دول مثل الهند واليابان وأستراليا في إطار استراتيجية «الاحتواء»، مما يزيد من حدة الاستقطاب في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
ثالث تلك المتغيرات - بحسب الخفاجي - يتمثل في السياسة تجاه روسيا، على اعتبار أن مستقبل الحرب في أوكرانيا، أو أية تسوية محتملة، سيكون عاملاً حاسماً في تحديد العلاقة مع روسيا. ورغم التوجه نحو حلول دبلوماسية، إلا أن هناك احتمالية لخلافات داخل حلف الناتو، حيث تسعى بعض الدول الأوروبية لتشديد العقوبات على روسيا.
ولا يمكن استثناء ملفات الشرق الأوسط من بين أبرز المتغيرات في هذا السياق، إذ يبين الخفاجي أن المنطقة ستظل محوراً أساسياً.
ويتحدث كذلك عن «الملفات العالمية المشتركة»، على اعتبار أن قضايا المناخ والطاقة المتجددة قد تستخدم كأدوات ضغط سياسي واقتصادي، بينما قد تؤدي السياسات الأمريكية تجاه المنظمات الدولية إلى تقليص التعاون أو تعزيز الهيمنة الأمريكية عليها.
وفيما يتعلق بالانعكاسات المتوقعة لهذه المتغيرات، يعتقد الكاتب المتخصص في العلاقات الدولية، بأن هذه العوامل ستفرض تحديات كبيرة على الإدارة الأمريكية الجديدة مع تداعيات قد تعيد تشكيل النظام العالمي كما نعرفه. أما على مستوى العالمي فإن استمرار الانقسام بين التحالفات الدولية قد يؤدي إلى استقطاب أعمق، في حين أن استخدام العقوبات الاقتصادية بشكل أوسع قد يسبب أزمات في الدول النامية.
مواجهة أكثر صرامة
على الصعيد الدولي، من المتوقع أن تتجه واشنطن في عهد ترامب نحو مواجهة أكثر صرامة مع الصين، التي يعتبرها خصماً استراتيجياً رئيسياً. ذلك أن السياسات التجارية العدائية التي ميزت فترته الأولى من المرجح أن تتجدد، مع احتمالية توسيع القيود على التكنولوجيا والاستثمارات الصينية، لا سيما في ظل اتباعه سياسات حمائية، وتهديده بفرض رسوم جمركية من 10 إلى 20 % على السلع الواردة للولايات المتحدة، وبنسبة 60 % من الصين بشكل خاص.
ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر الذي قد يواجه ترامب هو تحقيق توازن بين هذه المواجهة وضمان استقرار الأسواق العالمية، خاصة في ظل تصاعد الاعتماد المتبادل بين الاقتصادين الأمريكي والصيني.
من بروكسل، يقول خبير الشؤون الأوروبية، محمد رجائي بركات، في تصريحات لـ«جورنالك الاخباري» إن التصريحات التي أدلى بها ترامب، خلال حملته الانتخابية تشير إلى احتمالية تغييرات جوهرية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا والشرق الأوسط.
ويضيف: «بالنسبة للحرب في أوكرانيا، فقد وعد ترامب بوقف الحرب خلال أيام من توليه الرئاسة، مما يشير إلى إمكانية إجراء مفاوضات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا تحت إشراف أمريكي وأوروبي، ومع ذلك، فإن ثمة تساؤلات بشأن قدرة ترامب على تحقيق هذا الوعد دون تقليص الدعم العسكري والمالي الأمريكي المقدم لأوكرانيا، وهو عامل أساسي لاستمرار الحرب».
وقبيل أيام، عبر ترامب عن استعداده للقاء بوتين «في أقرب وقت»، مُجدداً ويتوقع بركات أن تشهد فترة رئاسة ترامب تخفيفاً نسبياً للتوترات في بعض المناطق، مثل أوكرانيا والشرق الأوسط، ولكنه يحذر من أن هذه التهدئة قد تكون قصيرة الأمد إذا لم يتم معالجة القضايا الجذرية للصراعات.
فيما يخص ملفات وقضايا منطقة الشرق الأوسط، يشدد على أن الرئيس الأمريكي المنتخب كان أيضاً قد تعد بإنهاء الحروب، بما في ذلك وقف الحرب في قطاع غزة. ولكنه في المقابل أطلق تصريحات مثيرة للجدل تتعلق بإسرائيل، إذ أشار إلى ضرورة توسيعها، مما يثير مخاوف من تداعيات هذا التوسع.
وفيما يتعلق بالعلاقة مع أوروبا، يشير خبير الشؤون الأوروبية، إلى أن ترامب يعتزم فرض إجراءات حمائية جديدة تهدف إلى حماية المنتجات الأمريكية، بما في ذلك فرض ضرائب إضافية على الواردات من الصين ودول الاتحاد الأوروبي. ويعتبر بركات أن هذه الإجراءات قد تتسبب في توتر العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، بالإضافة إلى تصعيد التوتر مع الصين.