نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: مفاوضون يتطلعون لاتفاق محتمل ينزع الفتيل عن آخر ساحات المعارك بسوريا - جورنالك اليوم الأحد 19 يناير 2025 11:40 مساءً
يوجه مفاوضون كل تركيزهم على التوصل لاتفاق محتمل لحل واحدة من أكثر القضايا خطورة التي تلقي بظلالها على مستقبل سوريا: مصير القوات الكردية التي تعتبرها الولايات المتحدة حليفا رئيسيا في القتال ضد تنظيم "داعش" الإرهابي فيما تعتبرها الجارة تركيا تهديدا للأمن القومي.
وقال نحو عشرة مصادر لرويترز، إن مفاوضين دبلوماسيين وعسكريين من الولايات المتحدة وتركيا وسوريا إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد يبدون في المفاوضات قدرا أكبر من المرونة والصبر مما تشير إليه تصريحاتهم العامة. وشاركت 5 من هذه المصادر بشكل مباشر في مناقشات مكثفة خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وقالت 6 من المصادر، إن هذا قد يمهد الطريق لاتفاق في الأشهر المقبلة من شأنه أن يتضمن مغادرة بعض المقاتلين الأكراد من المنطقة المضطربة في شمال شرق سوريا فيما يضع آخرين تحت قيادة وزارة الدفاع الجديدة.
لكنهم قالوا إن هناك العديد من القضايا الشائكة التي لا يزال يتعين حلها. ومن بين هذه القضايا كيفية دمج مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية الذين يتمتعون بتسليح وتدريب جيد في الإطار الأمني السوري وإدارة الأراضي الخاضعة لسيطرتهم والتي تضم حقولا رئيسية للنفط والقمح.
وفي حديث لقناة الشرق للأخبار السعودية الثلاثاء، قال قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي إن المطلب الأساسي للقوات هو الإدارة اللامركزية، وهو ما قد يمثل تحديا للإدارة السورية الجديدة التي تتطلع إلى إعادة كل مناطق البلاد إلى سلطة الحكومة بعد الإطاحة ببشار الأسد الشهر الماضي.
وأشار عبدي إلى أن قوات سوريا الديمقراطية لا تعتزم حل نفسها وأنها منفتحة على ربط نفسها بوزارة الدفاع والعمل وفق قواعدها، ولكن "ككتلة عسكرية".
ورفض وزير الدفاع السوري الجديد مرهف أبو قصرة هذا التوجه في مقابلة أجرتها معه رويترز الأحد، وقال؛ إن مقترح أن تظل قوات سوريا الديمقراطية كتلة واحدة "لا يستقيم".
وتقول السلطة الجديدة في دمشق، التي كانت حتى وقت قريب من قوات المعارضة، إنها تريد دمج جميع الجماعات المسلحة ضمن القوات الرسمية السورية وتحت قيادة موحدة. وعندما طُلب من قوات سوريا الديمقراطية التعليق أحالت رويترز إلى مقابلة قائدها.
ويقول دبلوماسيون ومسؤولون من جميع الأطراف إن مقدار الحكم الذاتي الذي يمكن أن تحتفظ به الفصائل الكردية سيتوقف على الأرجح على دعم واشنطن المستمر منذ فترة طويلة لحلفائها الأكراد.
ولم يتحدث ترامب علنا عن نواياه، بما في ذلك فيما يتعلق بألفي جندي أميركي موجودين في سوريا. ولم يعلق أيضا ممثل عن ترامب.
وسيعتمد أي اتفاق أيضا على ما إذا كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيحجم عن شن هجوم عسكري يهدد بتنفيذه ضد وحدات حماية الشعب، وهي قوات كردية تقود تحالف قوات سوريا الديمقراطية.
وتنظر أنقرة لوحدات حماية الشعب على أنها امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا مسلحا ضد الدولة التركية منذ عام 1984 وتصنفه كل من تركيا والولايات المتحدة جماعة إرهابية.
وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان هذا الشهر، إن السلطات السورية الجديدة "يجب أن تُتاح لها فرصة... لإنهاء الاحتلال والإرهاب الذي خلقته وحدات حماية الشعب"، لكنه لم يحدد المدة التي ستنتظرها أنقرة حتى تتخلى وحدات حماية الشعب عن سلاحها قبل أن تُقْدم على شن توغل.
وقال مصدر في وزارة الخارجية التركية، إن نزع سلاح الفصائل المسلحة ورحيل "المقاتلين الإرهابيين الأجانب" أمر ضروري من أجل استقرار سوريا وسلامة أراضيها وأنه كلما حدث ذلك في أقرب وقت كان أفضل.
وأضاف المصدر "إننا نعبر عن هذه التوقعات بأشد العبارات خلال اتصالاتنا مع الولايات المتحدة والإدارة الجديدة في دمشق".
محادثات مكثفة
قال دبلوماسي أميركي كبير لرويترز، إن مسؤولين أميركيين وأتراكا يعقدون مناقشات "مكثفة للغاية" منذ أن شن مقاتلون بقيادة هيئة تحرير الشام، وهي فرع سابق لتنظيم القاعدة، هجوما خاطفا من معقلهم في شمال غرب البلاد نجحوا خلاله في الإطاحة بالأسد في الثامن من كانون الأول.
وقال الدبلوماسي إن البلدين لديهما "وجهة نظر واحدة بشأن أين يتعين أن تنتهي الأمور"، بما في ذلك الاعتقاد بأن جميع المقاتلين الأجانب يجب أن يغادروا الأراضي السورية، وأشار إلى أن المفاوضين الأتراك يرون أنه يتعين تسوية الأمور "على وجه الاستعجال".
لكن الدبلوماسي، الذي طلب مثل بعض المصادر الأخرى عدم الكشف عن هويته حتى يتسنى له الحديث عن المفاوضات الحساسة، قال إن المحادثات "معقدة للغاية" وستستغرق وقتا طويلا.
ويقول مسؤولون من جميع الأطراف إن محادثات تجري بالتوازي بين الولايات المتحدة وكل من قوات سوريا الديمقراطية وهيئة تحرير الشام، ومحادثات بين تركيا وهيئة تحرير الشام، وأخرى بين قوات سوريا الديمقراطية وهيئة تحرير الشام.
وكان الأكراد، الذين يشكلون جزءا من مجموعة عرقية لا دولة لها ولها وجود في العراق وإيران وتركيا وأرمينيا وسوريا، من بين أطراف قليلة استفادت من الصراع السوري إذ تمكنوا من السيطرة على مناطق ذات أغلبية عربية بعد أن تعاونت الولايات المتحدة معهم في الحملة ضد تنظيم "داعش". ويسيطرون حاليا على ما يقرب من ربع مساحة البلاد.
إلا أن سقوط الأسد ترك الفصائل الكردية السورية في موقف دفاعي، وسط اتساع سيطرة الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا في الشمال الشرقي وفي ظل العلاقات الوثيقة بين حكام البلاد الجدد في دمشق وبين أنقرة.
وبرزت تركيا، التي قدمت الدعم المباشر لبعض فصائل المعارضة في مواجهة الأسد، كواحدة من أكثر الأطراف نفوذا في سوريا منذ سقوطه. ومثلها مثل الولايات المتحدة، تصنف تركيا هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية بسبب ماضيها المرتبط بتنظيم القاعدة، لكن من المعتقد أن أنقرة لديها نفوذ كبير على الهيئة.
ويخشى مسؤولون من جميع الأطراف من أن يؤدي الإخفاق في التوصل إلى وقف لإطلاق النار واتفاق سياسي يمكن أن يصمد طويلا في الشمال الشرقي إلى زعزعة استقرار سوريا بينما تسعى للتعافي من حرب أهلية استمرت أكثر من عقد وأسفرت عن مقتل مئات الآلاف ونزوح الملايين واجتذبت أطرافا من الخارج من بينها روسيا وإيران وإسرائيل.
وتشير الأنباء إلى مقتل العشرات في شمال سوريا منذ كانون الأول في اشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد وحلفاء لتركيا وكذلك في غارات جوية شنتها تركيا عبر الحدود.
كما أن عدم التوصل إلى تسوية حول مصير الفصائل الكردية في سوريا من شأنه أن يقوض الجهود الناشئة لإنهاء تمرد حزب العمال الكردستاني في تركيا.
وتحذر الأمم المتحدة من "عواقب وخيمة" على سوريا والمنطقة إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي في شمال شرق البلاد.
المقايضات المحتملة
كان الدعم الأميركي لقوات سوريا الديمقراطية مصدرا للتوتر مع تركيا. وواشنطن وأنقرة عضوان في حلف شمال الأطلسي.
وترى واشنطن في قوات سوريا الديمقراطية شريكا رئيسيا في مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي الذي يحذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أنه سيحاول استغلال هذه الفترة لإعادة بناء قدراته في سوريا. ولا تزال قوات سوريا الديمقراطية تتولى حراسة عشرات الآلاف من المعتقلين المرتبطين بالتنظيم.
وقال أردوغان الأربعاء، إن تركيا قادرة على "سحق" جميع الإرهابيين في سوريا، بما في ذلك تنظيم "داعش" والمسلحين الأكراد.
وتطالب تركيا بنقل إدارة معسكرات الاعتقال والسجون التي يتم احتجاز معتقلي التنظيم بها إلى حكام سوريا الجدد، وعرضت مساعدتهم. كما طالبت قوات سوريا الديمقراطية بطرد جميع المقاتلين الأجانب وكبار أعضاء حزب العمال الكردستاني من أراضيها والتخلص من سلاح الأعضاء المتبقين بطريقة يمكنها التحقق منها.
وأبدى قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي مرونة فيما يتصل ببعض المطالب التركية، وقال لرويترز الشهر الماضي، إن مقاتليه الأجانب، بمن في ذلك أعضاء حزب العمال الكردستاني، سيغادرون سوريا إذا وافقت تركيا على وقف إطلاق النار.
وقال حزب العمال الكردستاني في بيان لرويترز الخميس، إنه سيوافق على المغادرة إذا احتفظت قوات سوريا الديمقراطية بسيطرة في الشمال الشرقي أو بدور مهم في القيادة المشتركة.
وقال عمر أونهون، آخر سفير تركي في دمشق، لرويترز، إن مثل هذه التطمينات من المستبعد أن ترضي أنقرة في وقت تحاول فيه قوات سوريا الديمقراطية "الاحتفاظ بحضورها واستقلاليتها" في سوريا.
وقال وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني الأربعاء، في أنقرة إن الوجود المكثف لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة لم يعد مبرَرا، وإن الإدارة الجديدة لن تسمح بأن تكون الأراضي السورية مصدر تهديد لتركيا. وقال نظيره التركي فيدان، الذي كان يقف إلى جانبه، إن الوقت قد حان لوضع تعهدات مكافحة الإرهاب موضع التنفيذ.
وقال عبدي للشرق للأخبار إنه التقى قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع وإن الجانبين اتفقا على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لبحث كيفية دمج قوات سوريا الديمقراطية مع وزارة الدفاع. ووصف الاجتماع مع الشرع بالإيجابي.
واتهم وزير الدفاع أبو قصرة قادة قوات سوريا الديمقراطية الأحد، "بالمماطلة" في هذه القضية، وقال إن "اندماج كل المناطق تحت الإدارة الجديدة... حق للدولة السورية".
وقال مسؤول لرويترز، إن القيادة الجديدة تعتقد أن السماح لمقاتلي قوات سوريا الديمقراطية بمواصلة العمل ككتلة واحدة من شأنه أن "يهدد بزعزعة الاستقرار، بما في ذلك حدوث انقلاب".
وأكد عبدي أن الإدارة اللامركزية لن تهدد وحدة سوريا، وقال إن قوات سوريا الديمقراطية لا تطالب بنوع من الفيدرالية كما في العراق حيث يوجد للأكراد حكومة خاصة في إقليمهم.
ويقول بعض المسؤولين السوريين والدبلوماسيين إن قوات سوريا الديمقراطية ستحتاج على الأرجح إلى التخلي عن السيطرة على مناطق واسعة وعائدات النفط التي سيطرت عليها خلال الحرب في إطار أي تسوية سياسية.
وفي المقابل، قد تُمنح الفصائل الكردية حماية للغتها وثقافتها داخل هيكل سياسي لامركزي، وفقا لبسام القوتلي رئيس الحزب الليبرالي السوري الصغير الذي يدعم حقوق الأقليات لكنه لا يشارك في المحادثات.
وأقر مصدر كردي سوري كبير بأن بعض هذه المقايضات قد تكون ضرورية على الأرجح، لكنه لم يقدم تفاصيل.
وقال عبدي للشرق للأخبار إن قوات سوريا الديمقراطية منفتحة على تسليم المسؤولية عن موارد النفط للإدارة الجديدة، بشرط توزيع الثروة بشكل عادل على جميع المحافظات.
وتدعو واشنطن إلى "انتقال مُدار" لدور قوات سوريا الديمقراطية.
وقال الدبلوماسي الأميركي إن الإطاحة بالأسد فتحت الباب أمام واشنطن لدراسة سحب قواتها من سوريا في نهاية المطاف، إلا أن جانبا كبيرا من الأمر يعتمد على ما إذا كانت قوات موثوقة مثل حلفائها الأكراد ستظل منخرطة في الجهود الرامية إلى مواجهة أي عودة لتنظيم "داعش".
وتثير عودة ترامب إلى البيت الأبيض الاثنين، الآمال في تركيا بشأن التوصل إلى اتفاق ملائم، نظرا للتوافق بينه وبين أردوغان خلال ولايته الأولى.
وتحدث ترامب بإيجابية عن دور أردوغان في سوريا، ووصفه بأنه "رجل ذكي للغاية"، وقال إن تركيا "تملك المفتاح" لما يحدث هناك.
وقال السفير التركي السابق أونهون إن "الأميركيين لن يتخلوا عن قوات سوريا الديمقراطية، لكن وصول شخص لا يمكن التنبؤ بأفعاله مثل ترامب لابد وأن يثير قلقهم بصورة أو بأخرى".
رويترز