الحكومة البريطانية أمام تحدي تطوير القوات المسلحة - جورنالك

إن التحديات التي تواجه رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، في عام 2025 عديدة وواضحة، لذا فإن استجابة حكومته ستحدد كيف سيحكم عليه التاريخ، وقد يخوض في هذا الربيع معركة سياسية أكثر شراسة من أي معركة واجهها حتى الآن، والقضية هي تطوير القوات المسلحة.

مع دفع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الآن نحو هدف دفاعي غير واقعي بنسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي لأعضاء حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وصدور تقرير مراجعة الدفاع الاستراتيجي الخاص بالمملكة المتحدة في وقت لاحق من هذا الشهر، فإن هذه قضية لا يمكن تأجيلها لفترة أطول.

سيكون هناك بالطبع ضجة احتجاجية من التقدميين الذين يريدون إنفاق أغلب الأموال على هيئة الخدمات الصحية الوطنية والمدارس والرعاية الاجتماعية، لكن الواجب الأول لحكومة حزب العمال هو الحفاظ على سلامة البلاد، لأنها تعيش في مرحلة خطيرة.

بريطانيا في مرمى أعداء متنوعين حول العالم، ويقال إن «الناتو» سيصدر قريباً تحذيراً بأنها معرضة لهجمات الصواريخ الباليستية، وأننا يجب أن نزيد من إنفاقنا على الدفاعات، لكننا بالكاد لاحظنا التهديد، فالجيش البريطاني ليست لديه ذخيرة كافية للقتال لمدة ثلاثة أيام، وليس لديه ما يكفي من الجنود.

وخلص تقرير صادر عن مجلس اللوردات، العام الماضي، إلى أن حجم الجيش «غير كافٍ»، مضيفاً أنه «لا يستطيع، كما هي الحال حالياً، تقديم المساهمة المتوقعة ضمن القوات لحلف شمال الأطلسي، ولذلك يتساءل المراقبون عما إذا كان الجيش البريطاني مستعداً لمواجهة التهديد المتزايد الذي تشكله روسيا للأمن الأوروبي».

بعد سنوات المحافظين ظلت القوات المسلحة تحت إشراف حكومة حزب العمال تفتقر إلى الدعم الطبي المناسب، والدفاعات الصاروخية الكافية، أو أي حماية حقيقية ضد الهجمات الكيمياوية والبيولوجية، وفي الأثناء تقول التقارير إن إيواء أولئك الذين يخدمون في المؤسسة العسكرية مروع في بعض الأحيان، والتجنيد في أزمة، كل هذا قبل أن نفكر حتى في الاستثمار الجديد الضروري في الفضاء الإلكتروني، والطائرات بدون طيار، والفضاء وشبكات أنظمة الاتصالات.

روسيا تفوز في أوكرانيا ولن تتوقف عند هذا الحد، لكن كما يقول أحد كبار الشخصيات في حزب العمال: «إن التهديد المباشر لا يتمثل في الدبابات التي قد تتغلغل عبر الحدود البولندية، بل في الكبلات البحرية التي نعتمد عليها بشكل كامل»، ولتوضيح السياق يقول المعلق الدفاعي، إدوارد لوكاس - وهو يصف الكبلات البحرية التي يبلغ عددها نحو 60 كبلاً في المملكة المتحدة، والتي توفر نحو 99% من حركة الإنترنت للسكان، بالإضافة إلى عدد قليل من موصلات الغاز والكهرباء الحيوية - إن «الهجوم الكامل من شأنه أن يتركنا باردين ومفلسين وغاضبين ومهزومين».

وقال النائب العمالي، توركويل كريشتون، في مناظرة برلمانية، إن خط المواجهة الآن هو شمال الأطلسي، ولم تكن السفن التجارية الروسية والصينية التي تقطع الكبلات في بحر البلطيق تحاول الاستفزاز، بل كانت تتدرب فحسب، وأضاف كريشتون: «كان هناك نشاط روسي أكبر في مياهنا في السنوات الثلاث الماضية أكثر من أي وقت مضى منذ الحرب الباردة».

وهناك ردان واضحان على كل هذا: الرد الأول هو أن العديد من الناس يفترضون أو يأملون أن يتم التوصل إلى اتفاق مع ترامب لتقسيم أوكرانيا، وأن يتراجع التهديد الروسي بسرعة مرة أخرى، وأن نتمكن من العودة إلى سنوات السلام.

والرد الثاني هو أن حزب العمال يدرك التهديد، لكنه لن يفعل شيئاً لأنه لا يوجد مال ولا ضغوط انتخابية فورية.

وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، واضحاً للغاية بشأن عدائه ليس فقط لأوكرانيا بل وأيضاً لدول البلطيق وبولندا وفنلندا وحلفائنا المقربين الآخرين، ومن خلال التقدم على جبهة القتال فإنه سيصر على التوصل إلى اتفاق مع ترامب من شأنه أن يترك أوكرانيا عاجزة عن الدفاع عن نفسها، وفوضوية، وغير قابلة للازدهار.

يعرف بوتين، ربما أفضل من البريطانيين، مدى ضعف عدوه المزعج المتمثل في بريطانيا، وهو قادر على هز الحياة العادية فيها وتعطيلها بسهولة بالغة، دون إشعال فتيل حرب نووية شاملة، لكن المملكة المتحدة لا تملك رادعاً قوياً في مواجهة ذلك، وإذا كان البعض يعتقد أن ترامب قادم لإنقاذنا، فهم واهمون، وفي الوقت نفسه وعلى مسافة أبعد، يقوم الصينيون ببناء ما يعادل البحرية الفرنسية بأكملها كل أربع سنوات. عن «نيوستايتسمان»


الوفاء بالالتزامات

كير ستارمر مُطالب بإنفاق المزيد على الدفاع. أرشيفية

في عام 2024 أنفقت المملكة المتحدة 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، وهو رقم جيد بالنسبة لحلف شمال الأطلسي، والمشكلة أن خُمس هذا المبلغ يذهب إلى الردع النووي، ويترك 1.6% من الناتج المحلي الإجمالي فقط لكل شيء آخر، وهذا لا يكفي لسد الفجوات التي خلفتها سنوات حكم المحافظين، والوفاء بالتزامات بريطانيا تجاه الحلف في أوروبا وحماية البحار الشمالية والكبلات البحرية، وعلاوة على ذلك فإن الوفاء بالالتزام بزيادة الإنفاق إلى 2.5% سيكلف نحو 15 مليار جنيه إسترليني إضافية سنوياً.

. حزب العمال يدرك التهديد، لكنه لن يفعل شيئاً لأنه لا يوجد مال ولا ضغوط انتخابية فورية.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الحكومة البريطانية أمام تحدي تطوير القوات المسلحة - جورنالك اليوم الأربعاء 22 يناير 2025 02:24 صباحاً