نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: معركة الخلاص.. منطق اللحظة اليمنية - جورنالك اليوم السبت 14 ديسمبر 2024 08:28 مساءً
بعد اندثار محور المقاومة الإيراني في أهم قطبين (لبنان وسوريا) وتهاويهما بشكل مريع، فبسقوط تلك الهالة التهويلية والتضخيم الخادع تكشفت الحقيقية المتمثلة أن أقطاب إيران آيلة للأفول، ويعتبر تحرر سوريا مدعاة لتشخيص الأبصار وتوجيه الأقدار نحو صنعاء ومنطق اللحظة المواتية لإسقاط المليشيات الحوثية وتحرير البلاد من قبضتها الطائفية وعمالتها الإيرانية .
كل المؤشرات الواقعية سياسياً وعسكرياً تؤكد ضرورة إقدام اليمن على البدء بمعركة الخلاص ضد الكهنوت الحوثي واجتثاث وجوده، وليست قوته وسلطته أكبر مما كان لدى الأسد، وليست حاجة اليمنيين إلى الخلاص أقل حضوراً من حاجة السوريين واللبنانيين، بل تتعداها أضعافاً شغفاً وحماساً ويقيناً ونفوراً من بقائه أكثر مما مضى .
فلم تعد المعركة شأناً يمنياً داخلياً بمنأى عن رغبة المجتمع الدولي والإقليمي اللذين حاولا مراراً العمل على تجنب انزلاق اليمن في الحرب من جديد، لكن الحوثي أهدر كل الفرص واستخف بكل الحلول واستهان بكل الأضرار التي تسببها تعسفاته من تهديد إقليمي ودولي، فقبل أسابيع صرحت مصر أن خسارتها العام المنصرم من دخل قناة السويس بلغت ستة مليارات دولار إزاء تهديد الحوثي للملاحة الدولية، وتغيير السفن التجارية وجهتها تجنباً للخطر، وفي المقابل اعترفت العديد من شركات الملاحة الدولية بأنها تدفع للحوثي مبالغ مالية لضمان سلامة مرور سفنها عبر البحر الأحمر.
وفي تصريح أخير للمبعوث الأممي إلى اليمن قال : "إن اليمن لا يسعها الانتظار لخارطة السلام إلى مالانهاية"، وهذا التعبير يضمر أن وجوب خوض معركة الخلاص حتمي ومنطقي، ومن المتوقع أن يتم العمل من أجل ذلك في الأيام المقبلة لمنح الشرعية اليمنية ضوءاً أخضراً بهذا الطموح.
تفصح الأخبار الواردة من صنعاء أن المليشيات مصدومة مما حدث في سوريا، ومستشعرة للخطر المحدق بها وتعاني من ارتباك مريع في صفوفها؛ لإدراكها أن الدور يحوم حولها، وأنها ليست محصنة وأن سندها الإيراني أيقن ضرورة التخلي عن أجندته، وأن نهايتها غدت وشيكة بعد فقدانها كل أوراق المساومة والتبختر بتبعيتها لطهران التي باعت حلفاءها بثمن بخس، ولن تكون أعز عليها من حزب الله ونظام الأسد.
ولذا فكل المعطيات تؤيد صوابية معركة الخلاص وحسم لحظتها دون تأجيل، وعلى الشرعية اليمنية أن تتمسك بهذا الخيار وتعزم عليه وتلملم صفوفها لمباغتة المليشيات دون سابق إنذار أو ارتهان لتعليمات المجتمع الدولي أو التعويل على السلام الذي يبدو مستحيلاً مع الشرذمة الحوثية .
وفي هذا السياق ينبغي استحضار الحراك السياسي الأخير في جورنالك الاخباري المتمثل بتشكيل تكتل الأحزاب والقوى والمكونات الحزبية والسياسية والعسكرية الذي جمع أطياف القوى اليمنية الفاعلة باستثناء الانتقالي الجنوبي، هذا التكتل الجديد وقف على جملة التحديات التي تواجه الشرعية اليمنية إجمالاً ويطمح في تكوين قوة سياسية شاملة ضاغطة وطامحة بالخروج من رتابة الوضع السائد، وضرورة زحزحة صورة الشرعية اليمنية المتجمدة في مجلس القيادة المفتقرة لوحدة وطنية وصيغة توافقية واقعية، فجاء هذا التكتل بمباركة كل القوى لإعادة صياغة المشهد السياسي وتغيير خطابه داخلياً وخارجياً وردم الهوة التي تشكل عائقاً أمام تغير التموضعات القائمة والتفكير بطريقة مختلفة لإدارة البلاد خلافاً لهامشية المحاصصة والبحث عن المناصب اللذين أضعفا الشرعية وقللا من حضورها، ولذا ينبغي على هذا التكتل إثبات فاعليته وتأكيد وطنيته بالضغط على المضي في معركة الخلاص واتخاذ موقف حازم وتأهب تام ونية حقيقية لانتهاز هذه الفرصة التاريخية وجعل الحرب ضد الحوثي خياراً لا ثان له مهما كانت الموانع .
ومن جملة المؤشرات المحفزة والمشجعة على هذا الخيار ما شاع مؤخراً في لغة الخطاب السياسي الشرعي من ثيمة بارزة متمثلة بـ"وحدة الصف" كعنوان لمرحلة جديدة ارتضتها كل القوى واتخذتها جسراً لتجاوز إخفاقات الحاضر أو الماضي، والسؤال هنا: إذا كانت هذه الثيمة مجرد خطاب سياسي مفرغ من الفعل والحقيقة والجدية واعتبارها إعادة تموضع لا جدوى منه إلا إضافة خيبة إلى كل النكسات السابقة التي تتحمل أوزارها كل القوى، أو إثبات أنها خلاصة وطنية تم التوصل إليها عن إرادة سياسية وعزيمة جمهورية سيتم ترجمتها بخطوات فعلية كتوحيد القوى العسكرية التابعة لكل مكون وإعادة ترتيبها في جيش وطني واحد ومؤسسة عسكرية واحدة تابعة لوزارة الدفاع اليمنية التابعة للشرعية اليمنية وإنشاء غرفة عمليات مشتركة تقود معركة التحرير بدلاً من التمركزات العسكرية والقتالية المنفردة في نطاقات جغرافية متفرقة من الأراضي اليمنية المحررة، وانفصامها البارز عن الشرعية لأن واقعها يناقض خطابها، فالفرصة سانحة للخروج من تأزم تعدد القوى العسكرية واختلاف وجهاتها ومسرح عملياتها، وإلا فإن وحدة الصف أكذوبة مفضوحة لا تزيد الشرعية إلا قتامة وبؤساً.
وهنا يبقى القرار بيد الشرعية اليمنية التي تدرك تماماً أن بقاءها في حالة اللا حرب واللا سلم من أكثر الأسباب التي أنهكتها وجمدت حركتها، فرضوخها لقرار إيقاف الحرب من جهتها جعل جيشها وأراضيها ومواطنيها ساحة مفتوحة "يتنصع" عليها الحوثي ليل نهار: خروقات وتسللات واستهدافات بمختلف الأسلحة ومحاولات جمة للاختراق ونشوب المواجهات من حين لآخر، وسقوط شهداء وضحايا بشرية مدنية وعسكرية ومعدات وممتلكات، خسارات تجبر الشرعية العزم على خوض معركة دون تردد أو احتساب العواقب، ومن جهة ثانية فإن الوضع القائم بينهما أوصل الشرعية إلى ورطة حقيقية في هذه الأثناء عجزت معها عن دفع الرواتب والانهيار الاقتصادي في أوج عنفوانه نظراً للضغوطات الاقتصادية الحوثية على الشرعية كفارق الصرف ومنع تصدير النفط والغاز وشل حركة الموانئ الشرعية والتحكم بكثير من الموارد لصالحه جعل الشرعية على حافة العجز الذي يعني البقاء فيه والتخلي عن منطق الخلاص انهيار محقق لن تنفع معه كل سبل الإنقاذ.
إذا كان العسكريون والموظفون المدنيون بلا رواتب لأشهر، وإن استلموها لا تغطي 10% من احتياجاتهم، والشعب في حالة مجاعة حقيقية وفقر مدقع سواء هنا أو هناك، شعب فقد قدرته على التحمل ويحلم بمغامرة الخلاص فإما تحرر من عدوه الذي تحكم بمصيره أو هلك في سبيل حلمه بالتحرير والحياة، ومن هنا فإن استغلال هذا السخط الشعبي من المليشيات والاستعداد الكلي لمعركة فاصلة من قبل الجماهير سيرجح كفة النصر، والشعوب دوماً لا يمكن لسلطة كبح جماحها أو إخماد غضبها فإرادتها تلتهم كل تحد وتسقط كل جبار .
وبعد قراءة المشهد من كل جوانبه والإمساك بتلابيب لحظته وتفحص وعيه ومشاعره، فإن معركة الخلاص ليست مجرد وهم من كاتب قصير النظر ومحدود التفكير، وإنما كل المعطيات التي أحصيتها تؤيد طرحي وتثبت أن هذا الخيار إنقاذ أخير لمصير كل يمني يدفع ثمن بقاء المليشيات من دمه وماله وعرضه وحريته سواء كان في المناطق المحررة أو في المناطق المحتلة، ولا يقتصر الخطر على الفرد فحسب؛ بل على كل مكون حزبي أوسياسي أو عسكري أو مجتمعي أو مدني حيث يستحيل التعايش مع سلالة عنصرية كهنوتية أو الحفاظ على طموحاتهم أو مشاريعهم في ظل بقائها جاثمة على اليمن أرضاً وإنسانا.
0 تعليق