شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: "استمرار" فرنجية في المعركة الرئاسية... أيّ "رسائل" يحملها ولمن؟! - جورنالك ليوم السبت 21 ديسمبر 2024 04:15 صباحاً
منذ بداية الأسبوع، اتّجهت كلّ الأنظار نحو موقف قيل إنّ رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية سيتّخذه إزاء الاستحقاق الرئاسي، بعد مرحلة طويلة نسبيًا من الصمت والهدوء، حيث أجمعت التقديرات على أنّه سيعلن الانسحاب من البازار الرئاسي، والخروج من المعركة، نتيجة قناعة باتت راسخة لديه بأنّ حظوظه تراجعت بفعل المتغيّرات التي فرضتها الأحداث الدراماتيكية الأخيرة، من الحرب الإسرائيلية على لبنان، إلى سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.
واستندت هذه التقديرات أيضًا إلى سلسلة من التسريبات عن لقاءات جمعت فرنجية، مع ممثلين عن "حزب الله" و"حركة أمل" الأسبوع الماضي، اتفق فيها المجتمعون على أنّ وصول رئيس تيار "المردة" إلى قصر بعبدا بات "متعذّرًا"، أقلّه في الظرف الحاليّ الذي لم يعد يتيح التأجيل والمناورة، وإن "اختلفوا" بحسب المعطيات المتوافرة، على المرشح "التوافقي" الذي سينسحب فرنجية لصالحه، باعتبار أنّ المشاورات بشأن ذلك مع الفريق الآخر لم تكتمل.
وبعدما بدأ الجميع يتصرّف على أساس أنّ ترشيح فرنجية بات "من الماضي"، حتى إنّ عددًا من الكتل الداعمة له خارج "الثنائي"، سارعت لفتح النقاش حول المرشح "البديل" بعد خروج الرجل من المعركة، جاءت المفاجأة في خطاب رئيس تيار "المردة" المُنتظَر، بأن أعلن "استمراره" في المعركة الرئاسية، لا انسحابه منها كما كان متوقّعًا، ولو أنّه ترك "هامشًا" للتوافق على مرشح آخر، بشرط أن يكون بحجم الموقع، وفق توصيفه.
وحتى لو أنّ كثيرين وصفوا إعلان فرنجية بأنه "شبه انسحاب"، أو "انسحاب غير مباشر"، فإنّ الواقع أنّه لم "يحرّر" حلفاءه وأصدقاءه إن صحّ التعبير، ولم يلبّ "شرط" معارضيه من أجل فتح باب التشاور "جدّيًا"، وهو ما يخشى كثيرون أن "يعقّد" الأمور، بدل أن يسهّلها، فكيف يُفهَم موقف رئيس تيار "المردة" المفاجئ للأصدقاء والخصوم، وأيّ تبعات له على الاستحقاق الرئاسي ككلّ، وعلى جلسة التاسع من كانون الثاني بصورة خاصة؟.
صحيح أنّ الجميع كان بانتظار أن يعلن رئيس تيار "المردة" انسحابه من المعركة الرئاسية، ويبرّر ذلك بالظروف التي استجدّت بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان، والمقاربة الجديدة التي تتطلبها رئاسيًا، إلا أنّ العارفين يعتبرون أنّ "حسابات" فرنجية أمْلَت عليه "التريّث" في مثل هذا الإعلان، الذي كان يمكن أن يستغلّه خصومه، بوصفه "هزيمة سياسية" له، ولا سيمّا بعدما حوّلوا المعركة معه "شخصية"، على الرغم من محاولاته المتكرّرة لطمأنتهم.
في هذا السياق، يقول العارفون إنّ فرنجية يدرك أنّ انسحابه من المعركة، سواء أعلِن أم لم يُعلَن، بات بمثابة "أمر واقع"، وهو يعلم علم اليقين بأنّ حظوظه الرئاسية تراجعت إلى حدّها الأدنى، ولا سيما بعدما خابت "رهاناته" على أن تميل الأمور لمصلحته بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، ليأتي سقوط النظام السوري الذي لطالما كان مقرّبًا منه، أو حتى محسوبًا عليه، ليُضعِف وضعيّته الانتخابيّة أكثر وأكثر.
من هنا، فإنّ فرنجية لم يكن معترضًا على مبدأ الانسحاب، وقد توافق عليه بصورة أو بأخرى مع حلفائه وأصدقائه، إلا أنّ مشكلته كانت مع شكل خروجه من "البازار الرئاسي"، فهو يرفض أن يكون انسحابه "مجانيًا"، إن صحّ التعبير، من دون ضمانات حقيقية وفعليّة بالذهاب إلى توافق حقيقيّ لمصلحة لبنان، ولذلك فهو كان يرغب بأن يكون انسحابه لصالح مرشح "قوي" يكون قد ضمن فوزه بالرئاسة، وهو ما لم يحصل لغاية تاريخه.
على العكس من ذلك، ثمّة مؤشّرات عدّة دفعت فرنجية إلى "التوجّس" من أن يكون انسحابه، مقدّمة لمقاربة رئاسية أكثر تصلّبًا من جانب فريق المعارضة، الذي لم يكن تلويحه مثلاً بترشيح رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع مثلاً بريئًا برأيه، ولعلّ فرنجية أراد أن يردّ تحديدًا على محاولة فرض هذه المعادلة بالقول إنه جاهز لها، وهو يعتقد أنّها ستكون لصالحه، لأنّ الكثيرين في المعارضة نفسها لن يعطوا صوتهم لـ"الحكيم".
بهذا المعنى، يُفهَم موقف فرنجية من الاستمرار في المعركة الرئاسية، على أنّه رفض لتقديم "هدايا مجانية" لخصومه، طالما أنّ ظروف المعركة لم تنضج، وأن أيّ اتفاق على "البديل" لم يكتمل، علمًا أنّ فرنجية يصرّ على أن يكون من ينسحب لصالحه "قويًا كفاية" ليستحقّ مثل هذا الانسحاب، ولكن ما حقيقة الانطباع بأنّ فرنجية أراد أن يوجّه رسالة "سلبية" لحلفائه بموقفه هذا، وكيف سينعكس ذلك على الاستحقاق الرئاسي ككلّ؟.
يستبعد العارفون الانطباعات السائدة بأنّ "رسالة" فرنجية كانت موجّهة لحلفائه في المقام الأول، وتحديدًا لرئيس مجلس النواب نبيه بري، علمًا أن فرنجية استبق مثل هذه القراءات، حين أكّد في خطاب إعلان الاستمرار في المعركة الرئاسية نفسه، أنه لن يختلف مع أصدقائه، بل إنه لا يمتلك "ترف الاختلاف"، علمًا أنّ هناك من يذكّر بأنّ فرنجية لم يختلف مع "حزب الله" مثلاً، حتى حين أبعد عنه الرئاسة، يوم كان الأقرب إليها، كرمى "وعده" للعماد ميشال عون.
إلا أنّ "عدم الاختلاف" لا يعني أنّ فرنجية لم "يصعّب" الأمر على أصدقائه، إذ إنّ إعلان انسحابه كان يُنظَر إليه على نطاق واسع على أنّه سيفتح باب التشاور على مصراعيه، خصوصًا أنّ "الثنائي" سيعتبر أنّه قدّم بادرة "حسن نيّة" ويطلب من الفريق الآخر أن يتلقّفها، من أجل التفاهم على "الخيار الثالث"، الذي كانت المعارضة أصلاً من تدعو إليه سابقًا، ولو أنّ موقفها بات أقلّ مرونة وليونة، بعد اعتبارها أنّ "حزب الله" أصبح أضعف من أيّ وقت مضى.
ولعلّ خير دليل على أنّ إعلان فرنجية "عقّد" الأمور، يتمثّل في مواقف قياديّي "حزب الله" في الساعات الأخيرة، حيث أعادوا التأكيد على الاستمرار في "دعم" فرنجية، طالما أنّه لا يزال مستمرًا في الترشيح، ولم يعلن عزوفه عنه، ولو أنّ هناك من يعتقد أنّ ذلك لن يقفل باب التشاور، باعتبار أنّ ما قاله فرنجية يمثّل "شبه انسحاب"، ما يعني أنّ النصاب لن يطير في حال التوافق على غيره، حتى لو لم ينسحب فرنجية لصالحه، وحتى لو لم يصوّت له الحزب فعليًا.
في كلّ الأحوال، إذا كان هناك من يعتقد أنّ عدم انسحاب فرنجية جاء ليصعّب المهمّة على حلفائه وأصدقائه، ثمّة في المقابل من يرى أنّه "لصالحهم"، وحتى لا يظهر الانسحاب بمثابة "خضوع" للفريق الآخر، أو ردّ على "الابتزاز"، وبالتالي فهو مؤجَّل حتى إنجاز التوافق. إلا أنّ هذا المنطق "يصطدم" بوجهة نظر، تقول إنّ المعارضة قد لا تكتفي بـ"شبه انسحاب" لفتح قنواتها، ما قد يؤدّي إلى طغيان مبدأ "التحدّي" على "التوافق"، وهنا الخشية الكبرى!.
0 تعليق