نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: وهم المقاومة! - جورنالك اليوم الأحد 22 ديسمبر 2024 11:51 صباحاً
حين يسقط المطر على أرضٍ مُشبعةٍ بالدمار، لا يكون ماءً، بل رصاصاً جديداً ينهمر فوق الخواء. قصفٌ إسرائيلي على صنعاء، قبحٌ بلا تبرير، ولكنّه حتمية عبثية يُدركها كلُّ مَن قرأ التاريخ وفهم أن الأوطان لا تُستعاد بالمزايدة، ولا تُحرسُ بشعاراتٍ فارغةٍ يصدح بها من لا يملك إلا الصوت.
الحوثيون، أولئك الذين أمسكوا بأطراف البلاد كما يمسك الموت برقاب الأحياء، يتوهمون أنهم يقارعون جبال العالم بقبضة من تراب. يدعون أنهم مقاومون للاحتلال، وأنهم درع فلسطين، لكن متى كانت البيوت المهدّمة، والأرواح المهدورة، والمآذن التي تُفجَّر في ليل صنعاء نصراً لفلسطين؟ ومتى كان الوطن ساحةً يُستدعى إليها الوحش ليُدمّر ما بقي من إرثٍ وتاريخ؟
عبدالملك الحوثي، الذي يرفع كتاب الله على لسانه ويُسقطه بفعاله، لم يُبقِ للمحرّمات حرمة، ولا للبيوت قداسة، ولا للناس أمناً. أفتى بنسف القرى كما تُنسف الجسور، جعل من اليمنيين قوافلَ تُلاحقها الخرائب من مدينةٍ إلى أخرى. يقرأ قول الله: "لا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة" ثم يزجُّ بالبلاد في فم الوحش، وكأن التاريخ لم يُعلّمنا أن الطائرات لا تميز بين الأبرياء والطغاة.
اليمن اليوم، وطنٌ ينزف من خاصرته لأنّ ساسته لم يُتقنوا غير العبث. شعبٌ جائعٌ، عارٍ، يُحاصر من الداخل كما يُحاصر من السماء. الحوثيون أرادوا أن يُصدّقوا أنهم نِدٌّ للكبار، وأنَّهم قادرون على إزعاج العالم، لكنهم مثل الفراشات التي تتهافت نحو النار ظناً أن الضوء خلاص. لم تكن معاركهم إلا حرائق تأكل الأخضر واليابس، بينما البلاد تدفع الثمن.
هذا الوعي المُغيَّب، الذي تُستباح به الأرض باسم فلسطين، يُحتم أن نصرخ: هل فلسطين تُحرّر بتدمير صنعاء؟؛ هل تُبنى الأوطان على جماجم أهلها؟؛ أليس القرآن الكريم هو من قال: "ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها"؟
لكن الحوثي، بأوهامه التي نبتت من شجرةٍ مسمومة، جعل من كل بيتٍ يمنيّ محرقة، ومن كل حقل مقبرة، ومن كل صوتٍ معارض هدفاً للرصاص.
لقد آن لليمنيين أن يُدركوا ما يحدث. هذه ليست مقاومة، بل انتحار جماعي تجرّهم إليه جماعةٌ غارقة في الغرور. آن لهم أن يعرفوا أن الحرب مع القوى الكبرى ليست استعراضاً فارغاً، بل هو فعلٌ عقيم لا يُنتج إلا المزيد من الخراب. عبدالملك الحوثي يستدعي الوحش ليُفجّر بقايا صنعاء، ويدفع اليمن نحو الظلام ظناً أنه سيحكم الأطلال.
لكن الحقيقة أكبر من صوته، وأقسى من وهمه: الذبابة التي تُزعج الأسد ستُسحق.
اليمن لن يكون ميداناً للتجارب العبثية، ولن يغدو ورقة تُشهرها يدُ الحوثي لتُفاوض بها في الظل.
من يرفعون شعار العداء لإسرائيل هم أنفسهم مَن جرّوا اليمن إلى الخراب، هم أنفسهم من صادروا أرزاق الناس وأمنهم ومستقبلهم.
اليمن اليوم على حافة اليقظة، ولا بد لليمنيين أن يصرخوا: لا معركة تُربح على جثة وطن، ولا مجد يُكتب بدم أهله.
عبدالملك الحوثي ليس خصماً لأحد إلا لليمن.
فليُرفع الستار عن الحقيقة: اليمن يحتاج إلى حياة، لا إلى موتٍ جديد باسم فلسطين.
.. وإلى لقاء يتجدد.
0 تعليق