شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: لبنان الذي في نسب المسيح - جورنالك ليوم الاثنين 23 ديسمبر 2024 04:15 صباحاً
هي راحابُ، الكَنعانِيَّةُ-الفينيقِيَّةُ-الُلبنانِيَّةُ. تِلكَ التي مِن نَواحيَ صورَ وَصَيدا، الساكِنَةُ في أريحا، وَليدَةَ صورَ،غَربَ نَهرِ الأُردُنِ المُتَدَفِّقِ مِن ثُلوجِ لبنانَ، وَشَمالَ-شَرقَ أورشَليمَ، سَليلَةَ صورَ.
هي راحابُ، الباحِثَةُ عَن حَقيقَةِ الإنسانِ وَحَقيقَةِ الأُلوهَةِ، في أبعَدَ مِن كِفايَةِ الثالوثِ الفينيقيِّ-الكَنعانِيِّ: الإلَهُ الأبُ، الإلَهَةُ الأُمُّ، الإلَهُ الإبنُ. وأبعَدَ مِن لَهَفِ الحَياةِ المُنتَصِرَةِ على المَوتِ.
هي راحابُ، السائِرَةُ في حَجٍّ مِن بِدايَةِ تاريخٍ غَرَفَتهُ مِن شَعبِها وَذُرِيَّتِها وَمَوطِنِها الى بِدايَةِ التاريخِ، فيهِ تَكتُبُ سِفرَ الشُعوبِ وَغاياتِ الذُرِيَّاتِ وإنبِساطِ مَواطِنَ المَوعِدِ بَينَ اللهِ الحَقِّ والإنسانِ الحَقِّ.
مَتَّى الإنجيليُّ يَذكُرُها وَحدَها مِن غَيرِ اليَهودِ في إستِهلالِيَّةِ نَسَبِ المَسيحِ:
"نَسَبُ يَسوعَ المَسيحِ إبنِ داودَ إبنِ إبراهيمَ: إبراهيمَ وَلَدَ إسحَقَ...، وَسَلمونَ وَلَدَ بوعَزَ مِن راحابَ..." (مَتَّى 1/1-5.2).
وَيَكتَفي.
إسمُها تِلكَ الُلبنانِيَّةُ، كِفايَةُ ذُرِيَّتَها في نَسَبِ إبنِ اللهِ ألصارَ بَشَراً، مِن خِلالِ مَريَمَ وَيوسُفَ، وَكِلاهُما مِن نَسلِها، الى كَهَنَةٍ وأنبياءَ مِن بَينِهِمِ إرميا وَحَزقيالَ. لا لإحتِكارِ شَعبَ قَبائِلَ مُتَبائِدَةٍ، مُبيدَةٍ... بِل لِأجيالَ مُتَجَدِّدَةٍ بِهِ، على إختِلافِ نَسَبِها.
وَعدُ إيمانِها دَفَعَها لِجَعلِ بَيتِها نَزلاً لِلغُرَباءِ، في عُبورِهِمِ طُرُقاتِ العالَمِ القَديمِ. فإتُّهِمَت بالزِنى، وَتَسَمَّت بالزانِيَةِ.
إيمانُ وَعدِها دَفَعَها لإستِضافَةِ كَثيرينَ، مِن بَينِهِمِ... يَهودِيَّينِ، جاسوسَينِ مِن شَطيمَ، قَصَداها مُتَخَفِيَّينِ بِسِتارِ شَريدَي قَوافِلَ. وَلَما عَرِفَتهُما، أخفَتهُما لِتُنقِذَ روحَيهِما طالِبَةً تَعَهُّدَهُما: "إحلِفا لي بالرَبِّ، لأنِّي إلَيكُما صَنَعتُ رَحمَةً، أن تَصنَعا أنتُما أيضاً رَحمَةً... وَتُعطياني عَلامَةً ثابِتَةً." (يَشوعُ 2/12).
إيمانُها رَفَعَها مِن مَنبِتِ الأرضِ لِجُذورِ السَماءِ. فَكانَتِ الأُولى في الإعتِرافِ بالمَسيحِ، إلَهاً وَسَيِّدَ الخَليقَةِ: "الرَبُّ إلَهُكُمُ هو إلَهٌ في السَماءِ مِن فَوقَ وَعلى الأرضِ مِن أسفَلَ." (يَشوعُ 2/11).
سَبيلُ المَقصَدِ الإلَهيِّ
ذاكَ الإلَهُ المُتَأنِّسُ سَيَعتَرِفُ لِكَنعانِيَّةٍ مِن نِواحِيَ صورَ وَصَيدا: "ما أعظَمَ إيمانَكِ أيَّتُها المَرأةُ، فَليَكُن لَكِ ما تُريدينَ" (مَتَّى 15/28)، بَعدَما كَرَّسَتهُ مُخَلِّصَ البَشَرِ وَمَلِكَهُمُ صائِحَةً: "رُحماكَ يا رَبُّ! يا إبنَ داودَ، إنَّ إبنَتي يَتَخَبَّطُها الشَيطانُ." (مَتَّى 15/22).
قالَها، وَهوَ يَعرِفُ راحابَ مواطِنَتَها، لِأَنَّهُ مِنها إنتَسَبَ الى البَشَرِيَّةِ بأسرِها.
تُراها إستَبَقَت راحابُ رُموزَ سِرِّ فَدائِهِ، حينَ أمَرَتِ الجاسوسَينِ: "إذهَبا في طَريقِ الجَبَلِ...، وَإختَبِئا هُناكَ ثَلاثَةَ أيَّامٍ" (يَشوعُ 2/16)؟ وَحينَ وَضَعَت "خُيوطَ القُرمُزِ في الكُوَّةِ التي دَلَّتهُما مِنها" (يَشوعُ 2/18) لَيَخلُصا؟
هي رَسَمَت عَلامَةً. وَهو العَلامَةُ.
هي المُستَبِقَةُ الوَعدَ. وَهو تَحقيقُهُ.
هي الإيمانُ. وَهو إنتِصارُهُ.
وَها بولُسُ لَها يَشهَدُ أمامَ العِبرانِيِّينَ، إذ تَنَكَّروا لِلعَلامَةِ الحَقِّ، لِلوَعدِ الحَقِّ، لِلإيمانِ الحَقِّ: "بالإيمانِ لَم تَهلَك راحابُ البَغِيُّ مَعَ الكُفَّارِ، لِأنَّها تَقَبَّلَتِ الجاسوسَينِ بالسَلامِ." (الرِسالَةُ الى العِبرانِيِّينَ 11/31).
هي راحابُ، الُلبنانِيَّةُ-الفينيقِيَّةُ-الكَنعانِيَّةُ. تِلكَ التي مِن نَواحيَ صورَ وَصَيدا، "الساكِنَةُ في السورِ" (يَشوعُ 2/15) مُجَذِّرَةُ سَبيلَ المَقصَدِ الإلَهيِّ في ثَنايا الكَينونَةِ البَشَرِيَّةِ، بالتَلاقيَ والتَشارُكِ والشُكرانِ. الحُبُّ بالحُبِّ. أبعَدَ مِن مُجَرَّدِ دَعوَةِ البَشَرِ لِمُشارَكَةِ اللهِ في بِناءِ الإنسانِيَّةِ... على جَبَلٍ. على ذُروَةِ العِناقِ مَعَ السَماءِ... حَدَّ التَضحِيَةِ بالدَمِّ. قُلّ: تَقابُلُ التَكامُلِ لِحَقيقَةِ الوجودِ. فَإذا الوجودُ كُلُّهُ جَوهَرٌ كُلُّهُ.
هي راحابُ، الُلبنانِيَّةُ-الفينيقِيَّةُ-الكَنعانِيَّةُ. تِلكَ التي أرسَت لبنانَ في نَسَبِ المَسيحِ، جَعَلَت هَذا النَسَبَ أمانَةً مُتأصِّلَةً في ذاتِ لبنانَ. وَذاتِ اللهِ. حُرِيَّةَ فِعلٍ وإقتِرانٍ. حُرِيَّةَ إبتِداعٍ.
0 تعليق