البحرين موجة لا تهدأ، كلما لامستها الرياح، عادت لتروي قصتها. وفي هذه الليلة، وقفت كما تقف الأشجار في وجه التحدي، وكأنها تُعلن: هنا يولد المجد. كأس الخليج بين يديها قطعة من الذهب، ونافذة على روح هذا الشعب، تلك الروح التي تعانق الفجر بيد، وتحمل إرث التاريخ بالأخرى.

رأيت البحرين ذات يوم، ورأتني. كانت حديثًا بيني وبين الأرض، سمعت خطوها في الأسواق، وشعرت بيدها تمتد نحوي في زقاق بهيج يختبئ فيه الزمن. الأسواق هناك متحف مفتوح للحياة، تعبر فيه وجوه الناس كأنها فصول رواية لم تُكمل بعد.

حين يغيب القمر في لياليها تزداد بريقًا. أنوار المنازل هناك شموع تُضاء من قلوب أهلها. البحر الذي يحتويها قصيدة تُكتب بموجٍ لا يعرف الانقطاع.

البحرين، صاحبة فكرة كأس الخليج العربي، تسطر اليوم إنجازًا جديدًا كأحدث أبطاله، مؤكدة أنها مهد الفكرة، وموطن الانتصار.

اليوم، أصبحت البحرين عنوانًا للفرح في الخليج، مرآة تعكس شموخها في وجه العالم. أقدام اللاعبين كانت ترسم على العشب خارطة جديدة، لا حدود فيها سوى الأمل. الأعلام التي ارتفعت كانت حكايات مكتوبة على نسيج الذاكرة.

هذا الشعب الذي عرفتُه، يشبه النخيل، جذوره في عمق الأرض، وأغصانه تعانق السماء. كل وجه هناك يحمل شيئًا من الحكمة، من الإصرار، من الفخر الذي لا يُكسر.

مباركٌ للبحرين، مباركٌ لهذه الأرض التي تُعيد تعريف الانتصار في كل مرة. حيث لا ينتهي المجد، وإنما تبدأ معه الحكاية من جديد.

*الملحق الإعلامي السابق بسفارة اليمن لدى البحرين الحبيبة