هل حقاً الاقتصاد البريطاني بهذا السوء؟ - جورنالك

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: هل حقاً الاقتصاد البريطاني بهذا السوء؟ - جورنالك اليوم الاثنين 6 يناير 2025 01:03 مساءً

جورنالك الاخباري - مع بداية يناير 2025، تبدو بريطانيا مقبلة على فترة عصيبة، حيث لا تزال الشركات تترنح من موازنة الخريف التي رفعت الضرائب والتكاليف. وتشهد البلاد تراجعاً في الثقة الاقتصادية، مع ركود في النمو منذ تولي حزب العمال السلطة في يوليو الماضي. ويزيد الطين بلة سوء الأحوال الجوية. قد يدفع هذا الوضع البعض للتساؤل عن جدوى الاستثمار في بريطانيا هذا العام. غير أن الواقع يعد واعداً بشكل أكبر مما توحي به هذه الصورة القاتمة.

في الواقع، تبدو الآفاق الاقتصادية لبريطانيا قوية جداً مقارنة بالاقتصادات المتقدمة الأخرى. بل ويعتقد الاقتصاديون أن المملكة المتحدة ستتفوق على فرنسا وألمانيا هذا العام، وفقاً لاستطلاع سنوي أجرته «فايننشال تايمز». فبفضل قوتها في صادرات الخدمات، فإن بريطانيا أقل عرضة للتعريفات الأمريكية المحتملة مقارنة بنظرائها الأوروبيين.

كما أن الأغلبية البرلمانية القوية لحزب العمال تمثل عاملاً إيجابياً آخر يطمئن المستثمرين مع تصاعد عدم اليقين السياسي في أماكن أخرى. وقد انتعشت الاستثمارات في القطاع الخاص في الأشهر القليلة الماضية.

والأسواق المالية والمستثمرون الدوليون على علم بهذه المؤشرات الإيجابية، حيث يتزايد تفاؤل بنوك «وول ستريت» ومديري صناديق الاستثمار تجاه سوق الأسهم البريطانية. ويرى المحللون أن شركات النفط والبنوك المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» قد تكون المستفيد الأكبر من خطط دونالد ترامب لتخفيف القيود التنظيمية، كما أنها تقدم فرصة للمستثمرين لتنويع محافظهم بعيداً عن أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية ذات التقييمات المرتفعة. ومع تحسن المشهد الاقتصادي واستقراره، تبدو أسعار الأصول البريطانية فرصة استثمارية جذابة.

رغم ذلك، فلتحقيق تدفقات رأس مال مستدامة وتعزيز الاستثمارات في الأعمال التجارية، يجب على الحكومة أن تضطلع بدورها، فلقد كان قرار تحميل العبء الضريبي الأكبر على أصحاب العمل قراراً خاطئاً. كما أن الخطاب السياسي السلبي لحكومة حزب العمال، الذي يركز على انتقاد الإرث الاقتصادي لحكومة المحافظين السابقة، يضر بثقة المستثمرين.

وبدلاً من التركيز على المشكلات الهيكلية التي تواجهها بريطانيا، تحتاج الحكومة إلى تقديم رؤية اقتصادية إيجابية وواضحة تستعيد ثقة المستثمرين وتحفز النمو الاقتصادي. في ظل الضغوط على الميزانية العامة البريطانية، تبدو الحكومة عاجزة عن تقديم حزمة كبيرة من التخفيضات الضريبية أو زيادة الإنفاق لدعم قطاع الأعمال في المستقبل القريب.

وقد عزز هذا التوجه قرار وزيرة المالية راشيل ريفز بتحديد مراجعة مالية واحدة سنوياً. وأمام هذا الوضع، تبقى خيارات الحكومة محدودة، حيث يبدو ترشيد الإنفاق العام الخطوة الأولى المنطقية. لكن قطاع الأعمال ما زال متوجساً من احتمال فرض مزيد من الضرائب، رغم تعهدات ريفز المتكررة بعدم اللجوء لهذا الخيار.

كما تتجه الأنظار نحو إزالة العوائق التي تكبل النمو الاقتصادي البريطاني. ويرى خبراء الاقتصاد أن بعض الإصلاحات المقترحة في برنامج حزب العمال للعام المقبل قد تدفع التوقعات الاقتصادية نحو آفاق جديدة. على سبيل المثال، ستؤدي خطط تبسيط الإجراءات البيروقراطية في قطاع البنية التحتية - بدءاً من مراكز البيانات وصولاً إلى شبكات نقل الكهرباء - إلى تسريع عجلة التنمية. كما أن تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي سيخفف الأعباء البيروقراطية في التجارة مع أكبر شريك اقتصادي لبريطانيا.

ومن شأن الاستراتيجية الصناعية التي تعتزم الحكومة إطلاقها في الربيع أن تقدم صورة واضحة عن المشاريع الحكومية وفرص الشراكة الاستثمارية والخطط المالية، وهو ما قد يؤدي إلى تحفيز اهتمام المستثمرين وقطاع الأعمال. وتشكل هذه الاستراتيجية فرصة مهمة للتأكيد على المزايا التنافسية التي تتمتع بها بريطانيا، خصوصاً في قطاعات الخدمات المالية والمهنية والتعليم الجامعي وعلوم الحياة والصناعات الإبداعية والتقنيات المتقدمة، والتي لم تحظ بالاهتمام الكافي في ظل حالة التشاؤم السائدة، وهو ما يستدعي من حزب العمال التركيز على إبرازها وتسويقها بشكل أفضل.

ويعتمد نجاح خطة الحكومة على عاملين أساسيين: تنفيذ الإجراءات المقترحة بكفاءة، والتواصل الفعال مع مجتمع الأعمال الذي يلعب دوراً محورياً في التوظيف والابتكار والاستثمار. وإذا نجحت الحكومة في هذين العاملين، فإنها ستتمكن من تعزيز الثقة في الاقتصاد البريطاني، خصوصاً في ظل المزايا النسبية التي يتمتع بها مقارنة بالاقتصادات العالمية الأخرى.

وتشكل الحالة المزاجية السلبية تجاه الاقتصاد خطراً حقيقياً، إذ يمكن أن تتحول إلى حلقة مفرغة من التراجع المستمر. لكن حالة التشاؤم التي تسود بريطانيا حالياً تبدو مبالغاً فيها مقارنة بالواقع الفعلي. فالفرص الاستثمارية متوفرة، والطريق نحو تحقيق نمو اقتصادي أعلى ما زال ممكناً. ورغم أن سياسات حزب العمال جعلت المهمة أكثر صعوبة، إلا أنه ما زال قادراً على تغيير الاتجاه من خلال تبني رؤية أكثر تفاؤلاً وسياسات اقتصادية حكيمة.



replay

تابع قناتنا على يوتيوب

replay

تابع صفحتنا على فيسبوك

replay

تابع منصة ترند جورنالك الاخباري



نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق