الأردن بين مطرقة "الوطن البديل" وسندان الحصار الإيراني - جورنالك

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الأردن بين مطرقة "الوطن البديل" وسندان الحصار الإيراني - جورنالك اليوم السبت الموافق 16 نوفمبر 2024 03:05 مساءً

 قراءة تحليلية**

 

الأردن في قلب العاصفة**

لا شك أن الأردن اليوم يواجه تحديات جسيمة على عدة جبهات، تتراوح بين الضغوط الإسرائيلية المتزايدة والمخاطر الإقليمية المتفاقمة بسبب النفوذ الإيراني المتنامي.

وفي هذا المقال، سأقوم بتحليل هذه التحديات المستمرة وكيف يمكن للأردن أن يناور للحفاظ على استقراره وسيادته في ظل هذه الظروف المعقدة.

الوطن البديل : هاجس قديم يتجدد

منذ سنوات طويلة، يواجه الأردن هاجسًا مزعجًا يتمثل في فكرة "الوطن البديل"، وهو مصطلح تعود جذوره إلى *السياسات الصهيونية* التي تعتبر الأردن بمثابة حل لإعادة توطين الفلسطينيين بدلاً من حل قضية الاحتلال. هذه الفكرة عادت لتطفو على السطح مرة أخرى بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، حيث تتردد أصوات تطالب بأن يتحول الأردن إلى دولة فلسطينية بديلة.

رغم أن الأردن كان قادرًا على حماية سيادته على مدى عقود من خلال *التوازن الداخلي بين المكونات الأردنية والفلسطينية*، إلا أن الضغوط المتزايدة من اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي يسعى لتعزيز سيطرته على الأراضي الفلسطينية، قد تدفع الأمور نحو التصعيد. ولعل تصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين حول إمكانية جعل الأردن "الوطن البديل" تزيد من حدة المخاوف.

الأردن اليوم يجد نفسه محاصرًا بين قوتين إقليميتين لهما مصالح متضاربة: *إسرائيل وإيران*. إسرائيل من جهة تعتبر الأردن جزءًا من دائرة نفوذها وتسعى لتعزيز علاقاتها الاقتصادية والأمنية معه، بينما تتخذ إيران من الحدود السورية والعراقية قاعدة لتعزيز نفوذها العسكري وتوجيه الرسائل إلى خصومها، بما في ذلك إسرائيل.

إسرائيل تدرك أن وجود الأردن كدولة مستقرة يخدم مصالحها الأمنية، خاصة أن المملكة تمثل *حاجزًا أمنيًا* ضد تسلل الجماعات المسلحة إلى داخل الأراضي المحتلة. ولكن في نفس الوقت، هناك توجه داخل الحكومة الإسرائيلية اليمينية للضغط على الأردن للقبول بتسويات تخدم أجندتها الاستيطانية.

أما إيران، فهي تستخدم *حرب الوكلاء* واستراتيجيات غير تقليدية للضغط على الأردن وحلفائه في المنطقة. فالوجود الإيراني في سوريا والعراق يعزز من قدرة طهران على تهديد أمن الأردن، خصوصًا مع تزايد تهريب الأسلحة والمخدرات عبر الحدود.

*ترامب و"عقيدة القوة": هل يخضع الأردن للابتزاز؟*

لقد أظهرت إدارة الرئيس الأمريكي السابق *دونالد ترامب* استراتيجيات مبنية على *عقيدة "الرجل المجنون"*، حيث اعتمد على سياسة التخويف والمفاجأة لتحقيق أهدافه. ترامب لم يكن مهتمًا بحل النزاعات المعقدة مثل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي بقدر اهتمامه بجني الأموال من خلال صفقات السلاح والابتزاز المالي.

في هذا السياق، لم تكن حماية إسرائيل بالنسبة لترامب نابعة من "حب عيونها" كما يقال، بل كانت جزءًا من *صفقة مدفوعة الثمن*. فاللوبي اليهودي ورجال الأعمال الإسرائيليون لعبوا دورًا كبيرًا في دعم حملته الانتخابية، مقابل تأمين مصالحهم في الشرق الأوسط.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو:

هل يمكن للأردن أن يقف أمام الضغوط الأمريكية والإسرائيلية المتزايدة، خاصة إذا عادت إدارة مشابهة لترامب إلى السلطة في الولايات المتحدة؟

يبدو أن الأردن بحاجة إلى *إعادة صياغة تحالفاته* وتنويع مصادر دعمه السياسي والعسكري لتجنب الوقوع في فخ الابتزاز. !

*كيف يتعامل الأردن مع التهديدات الإيرانية؟*

فيما يتعلق بإيران، يتبع الأردن سياسة تعتمد على *الحياد الحذر. فقد زار وزير الخارجية أيمن الصفدي طهران مؤخرًا في محاولة لتخفيف التوترات ومنع تصاعد الصراع. ولكن الحقيقة أن النفوذ الإيراني لا يقتصر على الجانب العسكري فقط، بل يمتد إلى حرب اقتصادية واجتماعية تهدف إلى **زعزعة استقرار المنطقة*.

إيران تسعى لخلق موطئ قدم في الأردن من خلال *حلفائها ووكلائها* في المنطقة، خاصة في العراق وسوريا. هذه الاستراتيجية تجعل الأردن في موقف صعب، حيث يتعين عليه تحقيق توازن دقيق بين حماية مصالحه القومية والحفاظ على علاقاته مع حلفائه التقليديين، مثل الولايات المتحدة ودول الخليج.

السؤال الذي يواجه صناع القرار في الأردن اليوم هو: *كيف يمكن الحفاظ على الاستقرار الداخلي والسيادة الوطنية* في ظل هذه الضغوط المتزايدة؟ الإجابة ليست بسيطة، ولكن هناك عدة مسارات يمكن للأردن اتباعها:

1. *تنويع التحالفات الدولية: بدلاً من الاعتماد الكامل على الولايات المتحدة، يمكن للأردن تعزيز علاقاته مع **الصين وروسيا*، اللتين تسعيان لزيادة نفوذهما في المنطقة.

2. *تقوية الجبهة الداخلية: تعزيز **الوحدة الوطنية* بين الأردنيين والفلسطينيين، وتأكيد أن الأردن ليس بديلاً عن فلسطين، بل شريك في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.

3. *استخدام الدبلوماسية الذكية: كما أظهر الصفدي في زيارته لطهران، يمكن للأردن أن يلعب دور **الوسيط* في النزاعات الإقليمية، مما يعزز من موقعه كدولة ذات تأثير.

4. *تعزيز الاقتصاد المحلي: من خلال **الاستثمار في البنية التحتية وتطوير المشاريع الكبرى*، يمكن للأردن تقليل اعتماده على المساعدات الخارجية وجعل اقتصاده أكثر استقلالية.

وهل الأردن قادر على الصمود؟**

لا شك أن الأردن يمر بمرحلة حرجة تتطلب *قرارات استراتيجية حاسمة. فبين مطرقة الضغوط الإسرائيلية وسندان التهديدات الإيرانية، يجد الأردن نفسه في موقف صعب. لكن، كما أثبتت التجارب السابقة، يمكن للأردن الصمود والمناورة بفضل **حكمته السياسية وعلاقاته الدولية المتوازنة*.

في النهاية، يبقى الأردن لاعبًا إقليميًا مهمًا، وعلى العالم أن يدرك أن استقراره ليس خيارًا بل ضرورة لضمان الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

عمان السبت

الموافق٢٠٢٤/١١/١٦


نشكركم على القراءة، ونتطلع لمشاركتكم في مقالاتنا القادمة للحصول على أحدث الأخبار والمستجدات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق