لماذا انتصرت غزة؟ - جورنالك

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: لماذا انتصرت غزة؟ - جورنالك اليوم الخميس 16 يناير 2025 02:56 مساءً

سمية علي

 

 “هذه الصفقة كان يجب أن تحصل قبل 7 أشهر دون خسارة المزيد من المختطفين وعشرات الجنود”

رئـيس وزراء كيان اسرائيل الأسبق  إيهـود باراك

لم تسقط غزة. وقبل أن يُعلن ذلك على لسان أهلها، أعلنه أعداؤها ومرتكبو الإبادة بحق كل ما فيها منذ أكثر من 15 شهراً. فقبل ساعات من الإعلان الرسمي لاتمام الاتفاق في العاصمة القطرية الدوحة، وصف وزير المالية في حكومة الكيان بتسلئيل سموتريتش صفقة التبادل بـ “الكارثة على الأمن القومي لدولة “إسرائيل””، حسب تعبيره، قائلاً إنه “لن يكون جزءاً مما سماها صفقة استسلام تشمل الإفراج عن كبار الإرهابيين، ووقف الحرب، وإهدار الإنجازات التي تحققت”، ليأتي التأكيد على كلام سموتريتش عقب ساعات على اتمام الاتفاق، تحديداً على لسان ضابط في قيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، قائلاً “كل ما فعلناه في الحرب سيذهب هباءً”.

ولتعلن “يديعوت أحرنوت” العبرية أن “نتنياهو فشل سياسياً والجيش ورئيس أركانه فشلا عسكرياً بعد 15 شهراً من الحرب”.

إنها الخلاصة المؤلمة لمن، وبحسب الحصيلة الرسمية المعلنة، خسر 835 ضابطاً وجندياً، إضافة إلى آلاف الجرحى، جلّهم بات خارج الخدمة العسكرية، جراء تعرضهم للإعاقة، إضافة إلى الخسائر الاقتصادية الضخمة، التي قالت وزارة المالية الاسرائيلية إنها بلغت 34.09 مليار دولار منذ بدء الحرب على القطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. هذا إذا ما استثنينا الخسائر التي تكبدها الاحتلال إثر عام كامل من جبهة الإسناد في لبنان وبعدها العدوان على لبنان، إضافة إلى جبهة الإسناد اليمنية التي كثفت استهدافاتها إلى حد كبير في الأشهر الأخيرة، وقد أقرّ الكيان بخطورة هذه الجبهة وتأثيرها وصعوبة مواجهتها.

إنها الخلاصة المذلّة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي أعلن بعد شهر واحد من عملية “طوفان الأقصى” أنه “يجب أن تنتهي هذه الحرب بشيء واحد، وهو النصر الكامل وسحق حماس والقضاء عليها”.  فكيف انتهت هذه الحرب إذاً بالوقائع، بعيداً عن المبالغات؟

لنعد إلى تموز/يوليو الماضي، تحديداً إلى ما سُمي وقتها بـ”ورقة بايدن” نسبة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن والتي أضفت أجواءً من التفاؤل حينها على مسار محادثات وقف إطلاق النار، خصوصاً بعد موافقة المقاومة الفلسطينية على مضمونها مع بعض التحفظات القابلة للنقاش، لكن اسرائيل تملّص وقتها من الالتزام ببعض البنود التي تعتبر خطاً أحمر للمقاومة، المتعلقة بالانسحاب الكامل من القطاع والوقف الدائم لاطلاق النار (قال نتنياهو وقتها إنه يريد ضمانة أميركية جانبية بالعودة إلى الحرب بعد استرجاع الأسرى) إضافة إلى أعداد الأسرى والبند المتعلق بأصحاب المؤبدات. ومضى نتنياهو وقتها بخيار الحرب رابطاً نفسه بسقف مرتفع من الأهداف، محاكياً أحلام اليمين المتطرف الذين يشكّلون صمام الأمان لاستقراره في السلطة، وفي الوقت نفسه واعداً الأطراف المطالبين بصفقة تبادل أنه سيعيد الأسرى بالقوة وليس بالتفاوض. أنا بالنسبة للسلطة العسكرية التي برزت منذ أشهر الخلافات بينها وبين السلطة السياسية وكان من أحد نتائجها إقالة وزير الحرب يؤآف غالانت وتعيين يسرائيل كاتس مكانه، فقد كان خطاب نتنياهو لهم بأن الأمر يحتاج إلى الصبر لأن الشروع كبير وهو تغيير وجه غزة والذهاب إلى “شرق أوسط جديد”.

ماذا جرى منذ ذلك الوقت وحتى مساء 15 كانون الثاني/يناير، أي تاريخ إقرار الاتفاق الذي سيوقف حرب الإبادة إضافة إلى تبادل الأسرى؟ ما جرى أولاً أن الأخير مطابق إلى حد كبير مع بعض الاختلافات بورقة بايدن، “فلماذا لم تحصل الصفقة قبل 7 أشهر دون خسارة المزيد من المختطفين وعشرات الجنود؟”، سأل رئيس الوزراء الأسبق ايهودا باراك نتنياهو؟

هو سؤال منطقي،  برسم من توعّد منذ عام بسحق حماس، ووقف في خطابه ليلة وقف إطلاق النار في لبنان، قائلاً إن “حماس” بقيت وحيدة، وأنه ماض لتغيير الشرق الأوسط.

أولاً، سيعود الأسرى الصهاينة الأحياء منهم والأموات (بفعل مراوغة ومماطلة نتنياهو وإصراره على إطالة الحرب)، حماية لحكمه حسبما تؤكد أوساط اسرائيل، والذي سرعان ما بدأت الأسئلة حول مصيره في المرحلة المقبلة مع عدم رضا اليمين المتطرف عن الاتفاق ونزوله اليوم إلى الشارع للتظاهر في القدس المحتلة. لكن كيف سيعودون؟ على مراحل وبشروط المقاومة وبعملية تبادل، وليس بالقوة.

ثانياً، أين أصبحت “خطة الجنرالات” التي لم تؤد إلا لقتل الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء ونسف أحياء بأكملها؟ هل هجرت أهل الشمال، وأنهت الوجود العسكري للمقاومة؟ بقي “الصفر اشتباك” حلماً للاحتلال، انكسر الأخير على أعتاب جباليا وبيت حانون.

ثالثاً؟ هل هُجّر أهل القطاع إلى مواطن بديلة وإلى بضع مخيمات في المواصي؟ ألم يبقوا في الشجاعية وخانيونس ورفح وجباليا وغيرها؟

بقوا وقاوموا، هم المقاومة.

رابعاً وهنا بيت القصيد، هل سُحقت حماس؟ لو سُحقت لما فاوض نتنياهو أحداً. سحق حماس يعني تهجير أو إبادة كل فلسطيني في غزة، وقتها يصبح ضمّها بالكامل للمشروع الاستيطاني ممكناً، وقتها يمكن للجيش التثبيت دون الوقوع في فخ الاستنزاف المستمر. لكن ذلك لم يحدث قط، لأن أهل القطاع، بقوا وقالوا نحن المقاومة، سنقاتل ولو بالسكين حتى آخر رمق. وهذا ما لا يدركه اسرائيل، أن المقاومة ليست قيادات وعدداً محدداً من المسلحين يمكن تصفيتهم، إنها فكر ومبدأ يتوالد من جيل إلى جيل ومن فرد إلى آخر. انطلاقاً من هذا الايمان، فاوضت المقاومة في الدوحة، ورفضت التنازل عن خطوطها الحمراء، وقالت إنها انتصرت، بالرغم من الدمار والآلام وأكثر من 46 ألف شهيد. لأن اسرائيل أقرّ ببقائها ورضخ، ولأنها أفشلت أهدافه، وهكذا تقاس الانتصارات.

المصدر: موقع جورنالك الأخباري

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق

انضم لقناتنا على تيليجرام