نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: عبدالرقيب عبدالوهاب.. لماذا اغتيل بطل السبعين؟! (17 الأخيرة) - جورنالك اليوم الخميس 12 ديسمبر 2024 01:47 مساءً
الجيش في عهد الرئيس صالح
إعتمد صالح في بداية حكمه على عدد من الوحدات العسكرية التي يقودها أقرباؤه، وفي المقدمة منها الفرقة الأولى مدرع، التي كان يقودها في الأساس العميد محسن سريع من همدان، وكان هو من أكبر الضباط الداعمين لصالح أثناء توليه الرئاسة بعد العميد (الفريق فيما بعد) علي محسن الأحمر، إلا أن علي محسن، وهو أحد أقرباء صالح، كان هو القائد الفعلي لها خاصة في مرحلتي التسعينات وما بعدها، والتي ظلت حتى 2012 تحت قيادته، وكان أهم العسكريين في نظام صالح حتى نهاية التسعينات قبل أن يضيق صالح الدائرة الأسرية ويولي ابنه أحمد وأبناء أخيه المناصب العسكرية التنفيذية العليا والقيادية للمعسكرات الكبيرة بشكل عام، والتي تنضوي في إطارها عشرات الألوية الأخرى.
وكان علي محسن هو عمود الرئيس صالح حتى مع وجود شقيقه محمد عبدالله صالح، قائد الأمن المركزي، وأشقائه أو أبناء عمومته الآخرين؛ علي صالح الأحمر ومحمد صالح الأحمر، ومهدي مقولة، وأحمد فرج، ومحمد أحمد إسماعيل، ومحمد علي محسن الأحمر، وعبدالله القاضي وآخرين، وهو من أحبط الانقلاب الناصري على الرئيس صالح في بداية حكمه عام 1978، وكان نصره الحاسم ذاك أكبر مثبّت لحكم صالح.
إلا أن صالح بعد ذلك اتجه لبناء وحدة عسكرية أخرى هي قوات الحرس الجمهوري بقيادة الرائد (لواء في ما بعد) علي صالح الأحمر، الأخ غير الشقيق لصالح، وكانت مهمة الحرس تأمين دار الرئاسة وتنقلات الرئيس، وجرى توسيع وتطوير تلك القوات حتى أصبحت جيشاً قائماً بذاته لتشمل كافة مناطق اليمن التي انتشرت ألويتها في جميع المحافظات، لتخرج من إطار تأمين الرئاسة إلى بسط اليد على بقية الجيوش والأحداث، ثم أنشئت بها لاحقاً وحدات جديدة تابعة لها أطلق عليها الحرس الخاص والقوات الخاصة، التي حظيت بدعم أميركي مباشر وقوي تسليحاً وتدريباً وتأهيلاً وإشرافاً، وجمعت كلها تحت قيادة واحدة أسندها صالح مؤخراً إلى نجله أحمد بعد عزل صالح لشقيقه علي صالح الأحمر من قيادتها، للدفع بنجله أحمد للتأهيل العسكري والسياسي تمهيداً له لنقل الرئاسة إليه، وليدخل هذا الأخير في صراع مع الرئيس صالح بعد إقدام الرئيس صالح على قتل نجله بشكل مباشر.
وتم إنشاء وحدات عسكرية جديدة أهمها: اللواء الثامن صاعقة، إلى جانب اللواء العاشر صاعقة الموجود في الصباحة من أيام عبدالرقيب كإسم لكن تم تحديثه بكوادر أخرى غلبت عليه من المناطق الشمالية (ذمار، عمران، المحويت، ومحافظة صنعاء)، الدفاع الجوي (على الرغم أنه في كل معسكر وفرقة ومنطقة هناك لواء خاص بها يسمى لواء الدفاع الجوي)، الدفاع الساحلي.
واتسعت ألوية المشاة اتساعاً كبيراً وخاصة في العاصمة صنعاء وتعز وإب وذمار وبعضها في مارب والجوف، وتسلم قيادة معظمها أقرباء وأبناء قبيلته ومؤخراً بعض أبنائه، ليسحبها مؤخراً منذ عام 2000م وما بعده إلى إطار الحرس الجمهوري، وصار الرأس القائد لتلك التكوينات على النحو التالي:
- الفرقة الأولى مدرع، علي محسن الأحمر، ابن عم الرئيس ومن قبيلة وقرية الرئيس صالح.
- القوات الجوية، الرائد (لواء في ما بعد) محمد صالح الأحمر، أخ غير شقيق للرئيس السابق صالح.
- الدفاع الجوي، محمد علي محسن الأحمر من قرية الرئيس السابق صالح، قبل أن يتم دمجه مع القوات الجوية العامة التي يرأسها شقيقه لأمه اللواء محمد صالح الأحمر.
- الحرس الجمهوري قبل التوسيع، وسلمه لشقيقه لأمه الرائد (اللواء فيما بعد) علي صالح الأحمر
- اللواء الثالث مشاة مدعم بقيادة الرائد عبد اللاه القاضي، من قبيلة صالح، وهو أحد الألوية التي كانت متمركزة في تعز وشاركت في حرب 1994 ثم تم تثبيتها في قاعدة العند الجوية لتشمل قيادته القاعدة بشكل عام إلى جانب قيادة اللواء، وتعتبر قاعدة العند أكبر قاعدة جوية في الجزيرة العربية حينها، وعند تخرج نجله خالد من كلية عسكرية في بريطانيا عام 2010 عينه قائداً لهذا اللواء وهو في رتبة ملازم ثاني.
- اللواء 130 مشاة مدعم، بقيادة الرائد عبد الله فرج من قبيلة صالح.
- معسكر خالد، وفيه قوة عسكرية ضاربة بقيادة الرائد (العميد فيما بعد) أحمد فرج، ثم الرائد (اللواء فيما بعد) صالح الظنين، ليخلفهم فيما بعد العميد جبران الحاشدي، والاثنان من قبيلة صالح.
- اللواء الثامن صاعقة، بقيادة الرائد محمد إسماعيل (العميد فيما بعد)، من قبيلة صالح.
- اللواء 56 المقدم، بقيادة أحمد إسماعيل علي أبو حورية من قبيلة صالح.
- اللواء الأول مشاة، بقيادة الرائد (اللواء فيما بعد) مهدي مقولة، من قبيلة صالح، ثم تولى أركان حرب الشرطة العسكرية ثم قيادة الحرس الخاص.
- قوات الأمن المركزي اليمني، وهي قوة ضاربة تتشكل من أكثر من عشرة ألوية تتمتع باستقلالية عن وزارة الداخلية، تسلم قيادتها المقدم (اللواء فيما بعد) محمد عبد الله صالح، الشقيق الأكبر للرئيس، وورثه ابنه العقيد يحيى محمد عبد الله صالح الذي شغل منصب أركان حرب الأمن المركزي، وهو القائد الفعلي للأمن المركزي على الرغم من الصورة الظاهرة أن قائده العميد عبدالملك الطيب.
- كما قام صالح بتشكيل الأمن القومي اليمني وهو أمن مخابرات يتبع رئاسة الجمهورية اليمنية له مراكز الاحتجاز الخاصة به غير المُعلنة والخارجة عن إطار القانون اليمني، وكان بقيادة عمار يحيى محمد عبد الله صالح، ابن شقيق الرئيس الأسبق صالح. وهذا الجهاز أيضاً جاء ليحل محل الجهاز السابق الذي يسمى "الأمن السياسي"، وقلص صلاحياته، ناهيك عن تصفية الكثير من كوادره، حتى بدا في الفترة المتأخرة جهازاً مفرغاً من مضمونه.
- أما القوات البحرية فكانت أضعفها حالاً وليست قوات مستقلة بذاتها، وتم إنشاؤها بعد الوحدة منذ عام 1990 وحتى اليوم، ولم يكن صالح يعتمد عليها كثيراً، أولاً لبعدها عن المركز، وثانياً ليست حاسمة في الصراع ولا قوية في التكوين، وظلت هذه القوات بقيادات جنوبية منذ إنشائها وحتى اليوم.
بدأ الجيش في عهد صالح، وتحديداً في الشمال، يشهد مرحلة بناء جديدة تحت قيادة واحدة تدين بالولاء المطلق للرئيس صالح؛ لأن معظمها من أقاربه وأبناء منطقته وابناءه فيما بعد، مستفيداً من حالة الاستقرار النسبية في فترة الثمانينات، بعد القضاء على الجبهة في المناطق الوسطى، وتلاشي الأخطار الداخلية إلا ما كان من أزمات لاحقة في الفترة الانتقالية للوحدة بين عامي 1992 و1993حتى إجراء الانتخابات النيابية الأولى في البلاد لتتصاعد الأزمة السياسية المفضية للحرب في 1994.
صحيح أن الرئيس صالح كان يعين مسؤولين عسكريين للجيش كرئاسة الأركان قبل الوحدة، في حين لم يكن وجود لشيء اسمه وزير دفاع إلا بعد الوحدة، وكذلك تعيين وزير دفاع بعد الوحدة، لكن تلك التعيينات ظلت شكلية، في حين هو يمسك بأزمة المناصب التنفيذية الفعلية في قيادة الوحدات وتصرفاتهم نافذة ومهيمنة حتى على وزير الدفاع نفسه، وكان أي مسؤول أعلى للجيش يجد نفسه محاصراً بهذه الشكلية حتى بعد الوحدة في منصب وزير الدفاع كما كان هيثم قاسم طاهر أو عبدربه منصور هادي أثناء المعركة وبعدها، وحتى تعيينه بعد الحرب بفترة نائباً لرئيس الجمهورية إلا أنه كان دون أية صلاحيات تذكر على الرغم من لعبه وقواته دوراً مهماً في انتصار الشرعية حينها وحسم معركة 1994.
وزاد الرئيس صالح من تكريس كل المناصب العسكرية في يده وقبيلته وأسرته بأن عين العميد عبدالملك السياني (من سنحان) وزيراً للدفاع خلفاً لعبد ربه منصور هادي الذي صار نائباً للرئيس، وكان السياني في تلك الحرب رئيساً للأركان، وفي عهده تم احتلال جزر حنيش اليمنية من قبل أرتيريا.
مثلت حرب صيف 1994 نقطة تحول أخرى في كثير من البنية العسكرية التي زادت صالح تفرداً بها وهذه المرة إلحاق الجيش الجنوبي بالجيش العام، في إطار وعباءة صالح نفسه.
بعد مرحلة الاستقرار الجزئية والتي كانت أفضل من سابقاتها ولاحقاتها في عهد صالح ظلت عملية الهواجس الأمنية مسيطرة عليه وفي سبيل نقل الحكم وتوريثه لنجله أحمد وإخوته، عزز من قوة الحرس الجمهوري بألويته ووحداته المختلفة وكذلك قوات الأمن المركزي التي أسميت لاحقاً بقوات الأمن الخاصة ليجعلها القوة الضاربة في البلاد وتهميش بقية الوحدات العسكرية، وإذا به يضيق الدائرة في تحجيم الجيش والانتقال به من أبناء منطقته وقرابته البعيدة إلى أسرته وقرابته القريبة من الدرجة الأولى لأبنائه وأبناء إخوته فقط؛ فجعل القيادة الفعلية لقوات الأمن الخاصة لابن أخيه وصهره يحيى محمد عبدالله صالح، وقيادة الحرس الجمهورية لنجله أحمد، والحرس الخاص لابن أخيه طارق محمد عبدالله صالح، واللواء الثالث مشاة جبلي لنجله خالد حديث التخرج من الكلية العسكرية، والأمن القومي الذي أنشأه على حساب الأمن السياسي لابن أخيه الآخر عمار محمد عبدالله صالح.
فكان يبني الحرس الجمهوري بناءً محكماً ومتطوراً على حساب بقية الوحدات، وعلى رأسها الفرقة الأولى مدرع، حتى أنه استقطب الضباط الكبار والفاعلين في الفرقة الأولى مدرع وتشكيلاتها وألويتها المختلفة وضمهم إلى الحرس الجمهوري، وقام بتسليحه تسليحاً عالياً وتحديثه تسليحاً وتدريباً وتأهيلاً ومعيشة ورواتب وأجور؛ فقد كان راتب الجندي والضابط في الحرس الجمهوري أعلى من رواتب الجنود والضباط في الفرقة الأولى مدرع أو حتى في القوات الجوية، فسحب أهم الأسلحة من الفرقة الأولى مدرع وألحقها بالحرس وقلم مخالب الفرقة في كل النواحي والمجالات حتى أفضى ذلك الأمر إلى صراعات خفية بينه وبين اللواء علي محسن حينها، وصار الأمر أن زج بقوات الفرقة الأولى مدرع في سلسلة حروب مع الحوثية منذ عام 2004 وحتى عام 2009 ليتخلص منها.
كثير من الإشارات والاتهامات التي تتهم الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح أنه تخلص من رجاله الأقوياء في الجيش بحادثة المروحية في منطقة العبر في يوم 13/8/1999، والتي كانت تقل 17 شخصية عسكرية، بينهم خمسة من كبار ضباط القوات المسلحة, منهم نائب رئيس هيئة الأركان العميد الركن أحمد فرج، والقائد العسكري للمنطقة الشرقية العميد الركن محمد أحمد إسماعيل, والعميد الركن عوض محمد السنيدي مدير دائرة التسليح بوزارة الدفاع, والعقيد الركن أحمد علي صيفان, والعقيد الركن أحمد نعمان المشرقي, فضلاً عن اثني عشر من الضباط والجنود بمن فيهم طاقم الطائرة، ليتم التخلص من الأسرة والدائرة الواسعة والاتجاه إلى الدائرة والأسرة الضيقة الخاصة به هو.
تلك الاتهامات للرئيس الأسبق صالح كان المراد منها تقليص نفوذ الضباط الكبار الذين اعتمد عليهم في حكمه والتخلص من طموحاتهم العسكرية في سبيل تهيئة الأجواء وتعبيد الطريق لنجله أحمد قائد الحرس الجمهوري.
بعد تلك الحادثة اتجه صالح إلى الاستفراد الكلي بالجيش والمؤسسات الأمنية كلها في إطار الأسرة الضيقة، حتى أنه خرج من عباءة وظل وحماية الحليف الاستراتيجي الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، والذي كانت الفرقة الأولى مدرع تخضع لنفوذه الكامل، ودخل أيضاً في صراع سياسي مع الشيخ الأحمر، لينتقل الصراع إلى الأبناء.
تم فيما بعد إعادة تسمية الجيش اليمني عموماً تحت مسمى (مناطق عسكرية)، وتحديد نطاق اختصاصات كل منها، وقسمت الخارطة العسكرية اليمنية إلى أربع مناطق عسكرية بعد حرب 1994، على النحو التالي:
- المنطقة الشمالية الغربية، بقيادة العميد علي محسن صالح، وتتكون من أكثر من 20 لواءً عسكرياً موزعة في المركز الرئيس في معسكر الفرقة، (السبعين)، ولواء التلفزيون الذي يسمى اللواء الرابع بقيادة محمد خليل مؤخراً، وفي عمران وعلى رأسها اللواء 310 بقيادة الشهيد العميد حميد القشيبي، وفي حرف سفيان، وفي صعدة ، وفي الحديدة.
- المنطقة المركزية، بقيادة العميد علي صالح الأحمر.
- المنطقة الشرقية، بقيادة العميد محمد علي محسن، بعد ما جرى دمج الدفاع الجوي بالقوات الجوية بقياد محمد صالح الأحمر.
- المنطقة الجنوبية، بقيادة العميد محمد علي محسن الأحمر، ثم تسلمها منه فيما بعد العميد مهدي مقولة، الذي كان قائد الحرس الخاص وسلمه لطارق صالح بعد تعيينه في المنطقة الجنوبية.
وتحت كل منطقة من هذه المناطق عدة ألوية موزعة في إطارها ونطاق سيطرتها.
ناهيك عن بقية القوات الأخرى التي لم تضم في هذه التشكيلات.
بدأت المنافسات والإشكالات والصراعات الداخلية لهذه القوات في إطار الأسرة السنحانية الداخلية من ناحية؛ ابتداءً بقتل صالح لنجل شقيقه علي صالح الأحمر عام 1998 أثناء إقالة أبيه من قيادة الحرس الجمهوري، والذي قيل إنه كان ذكياً وشجاعاً وطموحاً في نفس الوقت حينما رغب صالح بتجريد علي صالح من الحرس الجمهوري وتسليمه لنجله أحمد، مما أثار غيظ وحنق ابن شقيقه ودخل في سجال وشتم مع عمه الرئيس صالح حتى إن مبرر صالح لقتله حين اتصل بأبيه يخبره أن ولده شهر جنبيته في وجه عمه فأرداه قتيلاً على الفور، ثم اتصل بشقيقه "تعال شيل جثة ابنك.. حاول طعني بالجنبية"!
نزل الخبر كالصاعقة بعلي صالح الأحمر ودخل في أزمة نفسية حادة لتسوء العلاقة بينهما، فعمل صالح على مراضاته بتعيينه ملحقاً عسكرياً في واشنطن مع منحه بعض الاستثمارات هناك، في عملية أشبه بالنفي منها إلى التعيين، كما ذكر ذلك لي مصدر مطلع، ثم قام علي محسن بعمليات مصالحة مستمرة بين الرجلين ليتم إعادته إلى صنعاء وتعيينه مديراً لمكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة عام 2001م.
بعد تلك الحادثة تمت عملية الطائرة العسكرية في العبر التي تقل كبار الضباط السنحانيين في إطار الصراعات الداخلية أيضاً، وقتل كل من فيها بتحطم الطائرة يوم 13 أغسطس 1999م.
بعد الخلاص من تلك القيادات دخلت مرحلة الصراع الكبيرة الخفية بين الرئيس صالح واللواء علي محسن الأحمر، الذي كان يعتبره آخر الأوراق القوية والمعارضة لمسألة التوريث لنجله أحمد، وبداية تقليم قوة المنطقة الشمالية الغربية ومقرها الفرقة الأولى مدرع.
دخلت هذه الصراعات مراحل متطورة مع تفجر حروب صعدة بين الجيش في المنطقة الشمالية الغربية التي تقع صعدة ضمن نطاقها العسكري وبين المليشيات الحوثية، التي ظهرت كلاعب وورقة مستغلة في الأزمة لتوريط قوات المنطقة الشمالية الغربية فيها وإضعاف اللواء علي محسن (ولهذه تفاصيل كثيرة)!
على الرغم من أن المشروع الإمامي لم يخفت وتحول إلى التنظيم السري ومرحلة البناء منذ ما بعد ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ومصالحة مارس 1970، إلا أن الرئيس صالح شجع هذا التنظيم كنوع من لعبة توازن القوى التي كان يجيدها في التلاعب بالقوى السياسية المختلفة، وباعترافه هو فقد شجع الحوثية ودعمها وخاصة ما يسمى بالشباب المؤمن، وله خطابات صريحة وواضحة في ذلك أنه دعمهم بالمال والسلاح.
مرارة التلاعب بالصراع مع الحوثية وتوظيفها في إطار التصفيات الداخلية الأسرية هي التي أودت باليمن، وكانت تتشكل بداياتها منذ الحرب الأولى في صعدة عام 2004 مع الحوثيين من ناحية، ومع تنظيم القاعدة من ناحية أخرى.
مع انطلاقة أولى حروب صعدة عام 2004 كان صالح قد عمل كثيراً من تحت الطاولة مع هذه الحركة العنصرية الإرهابية؛ لأن صالح كان يريد الانفراد بالسلطة وتوريثها، فعمل في الجانبين الأمني والعسكري الشيء الكثير في سبيل هذه الغاية، حتى أن أحد دوافع حروب صعدة الأولى كان التخلص من علي محسن في الوقت الذي كان يسحب الأسلحة الثقيلة والمتطورة من الفرقة إلى مخازن الحرس الجمهوري وكل مشتريات الأسلحة كانت تتجه للحرس وتهميش الفرقة الأولى مدرع.
وصل الأمر بالصراع بين صالح وعلي محسن في حرب صعدة إلى حد أن ألوية الفرقة الأولى مدرع كانت تحرر المواقع العسكرية من المليشيات الحوثية ويتم تسليمها إلى الحرس الجمهوري ويتفاجأ الجيش بتسليم تلك المواقع إلى الحوثيين، وكان الجيش يجد كل تمويناته مع تلك المليشيا.. من أين يتم تزويدهم؟ وكيف يحصلون عليها؟ اكتشف الأمر أن الحرس كان يمونهم بها!
حتى وصل بالأمر إلى تسليم المليشيات الحوثية إحداثيات استهداف المواقع، بل أشد من ذلك أن زود صالح غرفة العمليات المشتركة للطيران اليمني والسعودي بإحداثيات موقع القيادة التي يتواجد فيها علي محسن وبقية القيادات لاستهدافها، وسحب أهم أسلحة الفرقة بعد العرض العسكري لعام 2008، مما وصل بالأمر بين الرجلين إلى حد القطيعة، وترك علي محسن صنعاء والذهاب للاعتكاف في ألمانيا بحجة العلاج، حتى تم التصالح بينهما في فترة متأخرة من تلك الحرب.
وكان من أشد ما وقع للمقاتلين من خذلان في تلك الحروب الستة أنهم كانوا حينما يكادون ينتهون من الحركة الحوثية ويتم حشرها في أضيق نطاق حد التسليم تأتي الأوامر السريعة من صالح للقيادات الميدانية بالتوقف عن حسم المعركة والإفراج عن الأسرى!
هذا من أكثر الأشياء التي تحطم الجانب المعنوي عند الجيش وتدفعه للهزيمة وترك الحرب والمواقع دون اعتبار لأية تضحيات، حتى استنزفت لك الحرب الجيش اليمني أكثر من أية حروب خاضها اليمنيون في تاريخهم، وفي ذات الوقت كانت تعطي الحوثيين أملاً بالانتصار ودافعاً للحرب أكثر فأكثر، وكانت بمثابة تدريبات ميدانية تقوي صفهم وتشد من عضدهم وتقوي صفوفهم وتسند مشروعهم والأخطر إعطاءهم مشروعية القتال!
نتحدث عن هذا الأمر اليوم بينما يتم إعادة بناء الجيش اليمني، وننبه إلى أنه لا بد من عدم السير فيما سار فيه الأولون من الأخطاء ويمكن تلافيها وبناء الجيش بناءً مؤسسياً ومهنياً
0 تعليق