شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: جعجع يلوّح بمواجهته... لماذا لا ينسحب فرنجية من السباق الرئاسي؟ - جورنالك ليوم السبت 14 ديسمبر 2024 02:41 صباحاً
منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان، ودعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة برلمانية لانتخاب رئيس للجمهورية في التاسع من كانون الثاني المقبل، توحي الكثير من المؤشّرات بأنّ ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية أصبح من الماضي، حتى لو أبدى "الثنائي الشيعي" تمسّكًا "شكليًا" به، من باب توصيفه بـ"عماد المرشحين"، والقول إنّ "من حقّه" السعي لإيصاله إلى قصر بعبدا، من دون أن يقترن ذلك بمحاولة "فرضه".
تعزّزت هذه القناعة بعد سقوط الرئيس بشار الأسد في سوريا الأسبوع الماضي، حيث بدا أنّ حظوظ فرنجية تراجعت كثيرًا، وهو الذي ارتبط عضويًا وتاريخيًا بالنظام السوري، حتى إنّه كان مصنَّفًا لدى الكثير من الأوساط بوصفه "مرشح سوريا"، ولو نفى الأمر، وأصرّ على أنّه "مرشح توافقي" قريب من الجميع، علمًا أنّ أيّ موقف عمليّ واضح لم يصدر عن رئيس تيار "المردة" بعد سقوط النظام، ربما حتى لا يُحسَب عليه بأيّ شكل من الأشكال.
رغم كلّ ذلك، لم يعلن فرنجية انسحابه من السباق الرئاسي، أقلّه حتى الآن، بل إنّ بعض المحسوبين عليه يقولون إنّه ماضٍ في الترشّح حتى اللحظة الأخيرة، ولو أنّه "يتفهّم" إمكانية تخلّي داعميه عنه، بل إنّه لن يلومهم بعد التضحيات التي قدّموها في الحرب الأخيرة، في وقتٍ يدرك القاصي والداني أنّ هؤلاء يفضّلون أن ينسحب فرنجية طوعًا، من أجل البحث بخيار ثالث، ولو أبدوا مرونة وليونة في الآونة الأخيرة، لم تترجم عمليًا بعد.
ثمّة من يقول إنّ الوقت لا يزال مفتوحًا لكلّ السيناريوهات، ومنها انسحاب فرنجية في ربع الساعة الأخير، إلا أنّ هناك من يتوجّس من "كلفة" الانتظار، خصوصًا أنّ بعض الأوساط السياسية بدأت تتداول جدّيًا فكرة ترشيح رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الذي يعتقد أنّ الفرصة المُتاحة له اليوم قد لا تتكرّر، وهو لا يخفي رغبته بالترشح، وإن ربطها بتوافر "حدّ أدنى" من الكتل الداعمة، أو التي يمكن أن "تتقبّل" ترشحه، بالحدّ الأدنى...
في المبدأ، ليس خافيًا على أحد أنّ حظوظ رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية تراجعت في الأيام الأخيرة إلى أدنى مستوياتها، بعد المتغيّرات الدراماتيكية الكبرى التي شهدتها المنطقة، بدءًا من الحرب الإسرائيلية التي لم تكن نتائجها مطابقة للرهانات، ولو أصرّ "حزب الله" على أنه حقّق "الانتصار" فيها، بدليل صموده الأسطوري في وجه المخطط الإسرائيلي، وصولاً إلى سقوط النظام السوري، الذي شكّل ضربة معنوية كبيرة لفرنجية بالتحديد، وليس للفريق الداعم له فقط.
بهذا المعنى، ثمّة من يعتقد أنّ "السحر انقلب على الساحر"، ففرنجية الذي كان وصوله إلى قصر بعبدا "متعذّرًا" قبل الحرب، بالنظر إلى موازين القوى داخل البرلمان، كان يراهن على أنّ الحرب ستغيّر هذه الموازين لصالحه، ولعلّ ذلك ما دفع المعسكر الداعم له إلى "تجميد" البحث بالرئاسة إلى ما بعد وقف إطلاق النار، إلا أنّ ما حصل أنّ الرياح لم تجرِ كما تشتهي سفنه، فتراجعت حظوظه إلى الحدّ الأدنى، بنتيجة الحرب وما بعدها، وربما ما بعد بعدها.
ولعلّ العديد من المؤشرات تؤكد هذا المنحى، منها أنّ الليونة المستجدّة في التعاطي مع الاستحقاق، تصدر بشكل أساسي عن الفريق الداعم له، ولو أبدى تمسّكًا به حتى الآن، ربما لشعور هذا الفريق بوجوب انتخاب الرئيس اليوم أكثر من أيّ وقت مضى، لمواكبة مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، علمًا أنّ هذا الفريق يوحي بتخلّيه عن الكثير من الشروط السابقة، من الحوار المسبق، إلى رفض الجلسة المفتوحة، مرورًا بمعادلة "فرنجية أو لا أحد".
في المقابل، فإنّ خصوم فرنجية يتعاملون مع الاستحقاق، وكأنّهم الفريق "المنتصر"، وهم لا يبدون مستعدّين لأيّ تنازل، حتى لو أبدوا انفتاحًا على التوافق والتفاهم، وهم يصرّون على عدم جواز التعامل مع الانتخابات الرئاسية بالذهنية نفسها التي كانت سائدة قبل الحرب الإسرائيلية، ويعتبرون أنّ كلّ المعادلات تغيّرت، حتى إنّ رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع بات يلوّح أكثر فأكثر بترشيحه، الذي لم يكن مطروحًا بالمُطلَق في السابق.
على الرغم من كلّ ذلك، لا شيء يوحي حتى الآن بنيّة رئيس تيار "المردة" الانسحاب من السباق الرئاسي في الوقت الحالي، ما يدفع إلى التساؤل عن "الحسابات" التي يستند إليها في استمراره بالمعركة، علمًا أنّ الفريق الآخر "يشترط" التخلّي عنه لفتح أبواب التوافق، ولكن أيضًا عن "المعادلات" التي قد تستجدّ في القادم من الأيام، ومدى إمكانية الذهاب إلى مواجهة "غير تقليدية"، من نوع "التنافس المباشر" بين فرنجية وجعجع.
صحيح أنّ كلّ السيناريوهات والاحتمالات تبقى واردة، إلا أنّ العارفين يقولون إنّ الخيار الأقرب إلى الواقع حتى الآن يبقى التوافق والتفاهم، وذلك للكثير من الأسباب والاعتبارات، أولها أن ترشيح جعجع لا يكتسب "جدّية فعليّة" حتى الآن، بحسب ما يقول العارفون، فهو حين يتحدّث عن استعداده للترشح، بوصفه حقًا مشروعًا له كزعيم للكتلة المسيحية الأكبر، يضع شرطًا لذلك يتمثّل بحدّ أدنى من الكتل الداعمة له، الأمر الذي يبدو غير متوافر حتى الآن، بل إنّ جعجع نفسه قال إنّ كثيرين "لا يتحمّلونه"، ولعلّه لم يقصد بالكثيرين في ذلك خصومه فحسب، بل بعض من هم في المعارضة أيضًا.
أما العامل الثاني الذي لا يمكن التقليل من شأنه، فهو أنّ الفريقين مقتنعان بصورة أو بأخرى بأنّ المرحلة الحالية تتطلب التلاقي والالتفاف، وليس الصدام أو الاستفزاز، خصوصًا أنّ الاحتقان على أشدّه، وثمّة مخاوف جدّية من إمكانية انفجاره في حال وقوع أيّ "دعسة ناقصة" من هذا الفريق أو ذاك، علمًا أنّ المتابعين يشدّدون على أنّ فرنجية لن يشكّل "عقبة" في هذا الإطار، وهو سبق أن أعلن منذ اليوم الأول لخوضه السباق أنّه جاهز للتنحّي جانبًا، متى حصل توافق حقيقي على غيره، لكن ليس قبل ذلك، وهو موقف لم يتغيّر عمليًا.
في النتيجة، يتمسّك فرنجية بترشيحه، ولو أدرك أنّ حظوظه تراجعت لحظة اغتيال الأمين العام السابق لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، ورغم أنّ هناك من يجزم بأنّه تلقّى "رسائل واضحة" باتجاه التخلّي عنه. يتمسّك بترشيحه، ربما لأنّ رهاناته لم تتبدد، في لعبة السياسة التي لم تثبت موازينها بعد، وربما لأنّ الأمور لم تنضج بعد، وطالما أنّها كذلك، فلا قيمة لانسحاب قد يشكّل "هدية مجانية" لخصومٍ حوّلوا المعركة "شخصية" معه منذ اليوم الأول!.
0 تعليق