شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: "الجمهورية" في تقييم للمركزي منذ استلام منصوري: سيناريوهات عدّة وضعت بشأن ملف المودعين بانتظار الموقف السياسي - جورنالك ليوم الخميس 19 ديسمبر 2024 10:19 صباحاً
أجرت صحيفة "الجمهورية" جردة حساب لمصرف لبنان منذ استلام حاكم المركزي بالإنابة وسيم منصوري، لتقييم نتائج العام المُنصرم، والإضاءة على محطّات المركزي، حيث أوضحت أنه "عندما تولّى منصوري مهام حاكمية مصرف لبنان بالإنابة، كانت المخاوف كبيرة من ازدياد مساحات التفلّت النقدي، خصوصاً أنّ الفترة التي سبقت استلامه مهامه، شهدت على لجوء الحاكم السابق رياض سلامة إلى استخدام أموال الاحتياطي بالدولار، التي هي أموال المودعين، تلبية لمتطلبات الحكومة في تمويل الدولة من جهة، وضبط سعر صرف الليرة من جهة ثانية، فأطلّ منصوري ونوّاب الحاكم على اللبنانيّين بقرار أساسي: وقف تمويل الدولة. وتبيّن في ما بعد أنّه أهم قرار تمّ اتخاذه في الجمهورية اللبنانية، لأنّه أوقف النزيف المالي الذي أصاب أموال المودعين".
وأضافت الصحيفة "أقدم حاكم مصرف لبنان بالإنابة على إلغاء منصة صيرفة فوراً ومن دون أيّ مقدّمات أو مُهَل، ليوقف بذلك مزراباً من مزاريب الهدر المالي. ثم نفّذ معادلة: التوقف عن شراء الدولار من السوق، والتحوّل إلى بيع الليرة لمن يحتاجها، ضمن ضوابط هيئات الرقابة، والإلتزام بالمعايير الدولية لجهة الامتثال، إذ بات مسار الكاش مكشوفاً أمام المركزي، فأدّى إلى ضبط الاستقرار النقدي، ومنع المضاربة، ممّا دعا منظمة فاتف إلى عدم ذكر cash economy في أسباب ضمّ لبنان إلى اللائحة الرمادية".
وأوضحت الصحيفة أن كل ذلك أثمر خلق توازن ما بين الاقتصاد المدوَلر والاقتصاد بالليرة اللبنانية، الاستفادة من الفائض لزيادة الاحتياطي بما تجاوز ملياري دولار خلال عام، وهو ما سمح بالحفاظ على الاستقرار النقدي، على رغم من الأحداث الاستثنائية التي حصلت منذ أيلول 2023، والحرب الإسرائيلية المدمّرة، وسحب الدول رعاياها من لبنان ومنع السفر إليه، والشلل الذي أصاب الإدارات العامة، وتوقف رفد الخزينة بأموال الجباية والضرائب".
كما أثمرت القرارت عن الاستقرار النقدي شكّل أرضية لبناء اقتصاد سليم، ممّا يستوجب على الحكومة الاستفادة من هذا الاستقرار، لتأسيس اقتصاد بنّاء ومعافى، والإستقرار النقدي تحوّل إلى مؤسسة، بعد وضع آليات وأسس واضحة في المصرف. ولن يؤثر أي تغيير في الحاكمية، على انتظام الاستقرار الذي فرضه المركزي.
ولم يكن وقف التمويل قراراً عشوائياً عند منصوري، بل ترافق مع تنظيم مالية الدولة كاملة في المركزي، ثم التعاون مع الحكومة وزارة المالية، لتفعيل الجباية وضبط الهدر، بحسب الصحيفة.
وأشارت إلى أنه "كان اعتماد الدولة اللبنانية على قدراتها أشبه بمعجزة سابقاً، لكنّه أصبح حقيقة: نجحت الدولة خلال أول 4 أشهر في الاعتماد على وارداتها، وتحصيل ضعفَي ما كانت استحصلت عليه خلال فترة أشهر السنة السابقة. وهو شكّل دافعاً أساسياً للتعاون الحكومي مع المصرف المركزي في وضع رؤية موازنة عام 2024، بصورة واقعية، حيث يمكن إجراء مقارنة بسيطة بين عام 2018، الذي شهد إقرار موازنة بقيمة 17 مليار دولار، تبعها عجز وصل إلى حدود 8 مليارات دولار، هي بمثابة ديون، وبين موازنة عام 2024 التي بلغت 3,2 مليارات دولار، مع زيادة فائض حوالى 600 مليون دولار، في مشهد يحصل لأول مرّة منذ عام 1981، فخلاصة هذا التعاون بين الحكومة ومصرف لبنان بموجب المادة 91 من قانون النقد والتسليف، التي يقوم بها «المركزي» بالنُصح، أنتج وقف النزيف المالي وكل أشكال الدعم، رفع الاحتياطي، وترشيد الادارة.
وأشارت إلى أنه "عندما جرى إدراج لبنان في شهر تشرين الماضي على اللائحة الرمادية في "فاتف"، كان أنهى منصوري كل إجراءاته وفرض الإلتزام بمعايير الإمتثال، وأظهر خلال زياراته إلى عواصم العالم، وخصوصاً باريس ولندن وواشنطن، حجم الالتزام اللبناني بالمعايير الدولية والشفافية، ممّا أنقذ المركزي والقطاع المصرفي في لبنان من شمولهم في تلك اللائحة، ولم تذكر نقاط فاتف العشر أي إشارة تتعلّق بالكاش، بل تضمّن التقرير إشادة بعمل مصرف لبنان، فأدّى الأمر إلى إبعاد تداعيات الرمادية عن التحويلات والمسارات النقدية، ولم يلحظ اللبنانيّون أيّ تغيير بعد وضع لبنان على تلك القائمة".
وحول أموال المودعين، أوضحت الصحيفة أنه "انطلقت حاكمية المصرف المركزي من واقعية أنّ أموال المودعين هي حق لهم، لا يمكن تجاوزه، لكن بتّ أمر القضية يحتاج إلى تشريع قوانين ووضع خطط عملية من دون الاستمهال غير المُنتج. لم يستسلم منصوري لواقع أزمة المودعين، أجرى مع جمعياتهم وروابطهم اجتماعات عدة، وأبدى جهوزية المركزي لمواكبة أيّ حلّ مطروح، ومن ضمنها استخدام المودعين لأموالهم المجمّدة، لدفع المستحقات".
وقالت "بالإنتظار، جرى وضع سيناريوهات عدّة، تنتظر موقفاً سياسياً مسؤولاً جامعاً، يُترجم في إقرار القوانين. بموازاة ذلك، واظب مصرف لبنان على إصدار تعاميم للحَدّ من العملات التي تأخذها المصارف من المودعين، وإلزام المصارف بإعادة فتح الحسابات التي أقفلت تعسفاً، وإعادة قبول الشيكات للمودعين التي أعطيت لهم في هذا الإطار، كما تمّ توسيع شرائح المستفيدين من التعميمَين 158 و166، ومضاعفة المبالغ للمستفيدين من التعاميم خلال الحرب، والعمل حالياً على زيادة المبالغ بشكل دائم، وليس استثنائياً".
وأضافت "تبيّن بالأرقام أنّ المبالغ المدفوعة بموجب تلك التعاميم تجاوزت مليارَين و600 مليون دولار لغاية الآن. ويتمّ حالياً في المصرف المركزي إنهاء تفاصيل كاملة، لنوع وشرائح الودائع (بحسب الأعمار)، وهي مسألة ترتبط بجهوزية المصرف لخطة الإنقاذ المطلوبة من السلطة".
إلى ذلك، أشارت الصحيفة إلى أنه "يُستكمَل العمل لوضع سياسات وتشديد قواعد الحَوكمة على كافة الأصعدة، بما فيها على صعيد المجلس المركزي والحاكمية. كما جرى تغيير آليات المحاسبة ووضع توضيح كامل لميزانية المركزي المنشورة كل 15 يوماً. وألغى مصرف لبنان الموجودات الأخرى، التي كانت توضع فيها خسارات المصرف سابقاً، وجرى وضع موازنة وفقاً للمعايير الدولية للمصارف. ويُحقَّق هذه المسألة، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، لجهة إصدار موازنة المصرف وفقاً لمعايير متبعة دولياً. كما تمّ العمل على تشديد آليات التدقيق الداخلي، ووضع أسس ثابتة وواضحة، لتقوية وتفعيل التدقيق الخارجي، وبات التحديث في المؤسسة يتطابق مع المعايير الدولية الحديثة بالكامل".
0 تعليق