نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: صنع نايا ! - جورنالك اليوم الاثنين 23 ديسمبر 2024 08:20 مساءً
صنعاء ليست مدينة. صنعاء ذاكرة، تنحني تحت ثقل الجراح، تمد يدها إلى السماء كأنها تطلب الصفح من نجومها التي اختفت. لا فرق بين (صيدنايا وصنع نايا)، سوى أن سجن صيدنايا تذوق مرارة الأسر فغُسِل بالحرية، أما "صنع نايا" فما زالت تحرق أضلاعها بجمرة الظلم.
في كل زقاق من صنعاء، حكاية تئن تحت وطأة أقدام إرهابيين يتفننون في سرقة الأمل من ملامح الأطفال، في سحق ضحكة كان يمكن أن تكون أغنية. الشوارع ليست شوارع، إنها خرائط لأوجاع الناس، كل حجر شاهد، كل نافذة تهمس، كل جدار يصرخ، لكنه يختنق قبل أن تصل كلماته إلى السماء.
تحت قبة صنعاء، أمهاتٌ يرسلن دعواتهن مع الريح، تتسلق أدراج الليل وتتعثر بأحذية #شبيحه_الحوثي . كل دعاء ينكسر على أسوار السجن الكبير، يعود إليهن كما يعود الموتى في الأحلام، لا يأتون بأجسادهم، بل بأشباحهم. صنعاء لا تذرف الدموع؛ الدموع تذرف صنعاء، دمعة دمعة، حتى صارت أنهارها ماءً مالحًا من كثرة البكاء.
أشجار صنعاء، تلك التي كانت تنحني لعناق أطفالها، صارت مجرد أشباح خرساء، أوراقها نوافذ مغلقة، جذورها قيود تحاصرها الأرض. حتى الريح ترفض المرور؛ تخاف أن تتلوث بصراخ الظلم، تخاف أن تحمل معها رائحة الدماء التي لم تجف.
صنعاء اليوم امرأة تختبئ خلف عباءة مثقوبة، تعدّ أيامها كمن يعدّ جراحه، تقف في شرفتها تتطلع إلى الأفق البعيد حيث حلم الحرية يلمع كنجمة بعيدة، لكنها لا تستطيع الوصول إليه. السجن ليس قفصًا من حديد، بل خيط غير مرئي يلتف حول عنق المدينة، يخنقها كلما حاولت أن تتنفس.
وفي قلب هذا السجن، شعب يرفض الانكسار، يكتب على الجدران حكايته بحبر الأمل، يمسك بيده شمعة رغم أنف الريح، يقول لـ #الخوثي : "هذه صنعاء، حتى لو ذبلت ستظل شجرة، حتى لو أطفأتها ستظل نجمة، حتى لو قتلتها ستظل أسطورة."
.. وإلى لقاء يتجدد
•كاتب وصحافي من اليمن المُحتّل
0 تعليق