نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الصحافة اليوم: 31-12-2024 - جورنالك اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر 2024 05:19 صباحاً
تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الثلاثاء 31-12-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
يغازل الثنائي ويرفض أن يرشّح الدروز الرئيس الماروني | جعجع يطلب من التيار: رشّحوني للرئاسة!
نتائج العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، وسقوط نظام الرئيس بشار الأسد على يد «الرفيق أبو محمد الجولاني»، كما سمّاه مسؤول جهاز الإعلام والتواصل في القوات اللبنانية شارل جبور، يبدو أن كلّ ذلك رفع آمال سمير جعجع، صاحب شعار «فليحكم الإخوان»، بالوصول إلى قصر بعبدا. وعليه يسابق قائد القوات الزمن لاغتنام «الفرصة الذهبية» بالوصول إلى رئاسة الجمهورية، وتقديم نفسه للرعاة الدوليين والإقليميين كـ«رجل المرحلة»، محاولاً بشتى الوسائل قطع الطريق على المرشح الذي يُعدّ الأوفر حظاً حتى الآن قائد الجيش العماد جوزف عون.
وبالتزامن مع بدء جعجع مساعيه من الرياض عبر إرسال النائب بيار أبو عاصي لجسّ نبض السعوديين حول ترشيحه، يسعى محلياً إلى جعل ترشيحه أمراً واقعاً مسيحياً يصعب على الرعاة الدوليين تجاوزه. وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن جعجع بعث بأكثر من رسالة إلى التيار الوطني الحر، وعبر خطوط وقنوات عدة، يقترح فيها على التيار تبنّي ترشيحه لرئاسة الجمهورية، وأكثر من ذلك أن يبدأ الترشيح من التيار نفسه! وبعيداً عن «العروضات» التي يحاول فيها قائد القوات إغراء التيار بتبنّي ترشيحه، فإن «المنطق» القواتي وراء هذا الطلب أنه ليس للتيار مرشح محدّد، وأن ترشيح جعجع ينسجم مع شعار العونيين بأن الرئيس المنتخب يجب أن يحظى بشرعية تمثيلية مسيحية، والأهم أنه يخلط كل الأوراق ويقطع الطريق على قائد الجيش، إذ يظهر أن المسيحيين موحّدون خلف مرشح واحد، كما أنه «مناسبة ليستعيد المسيحيون دورهم وتكون لهم الكلمة الأولى في اختيار الرئيس».
وفي المعلومات أن التيار، «انسجاماً مع مواقفه من تمثيل المسيحيين» أبدى استعداداً لـ«التفكير في الأمر»، انطلاقاً من أنه «ليس من حق أحد أن يمنع أحداً من الترشح خصوصاً إذا كانت له شرعية تمثيلية، كما أنه ليس من حق أحد أن يمنعنا من الترشح». غير أن المشكلة تكمن في أن التيار «يريد رئيس حل يجمع ولا يفرّق، لا رئيساً يفتح مشكلاً، ويريد مرشحاً يصل إلى الرئاسة لا مرشحاً لمجرد الترشح»، وعليه «إذا كان جعجع يستوفي مثل هذه المعايير فلا مشكلة في دعم ترشيحه»، وإلا «تعالوا نتفقْ على رئيس تتحقق فيه مثل هذه المعايير».
ويبدو أن رسائل جعجع لا تقتصر على التيار الوطني الحر، فقد كشفت مصادر مطّلعة أن قائد «القوات» بعث برسائل إلى الرئيس نبيه بري طلب فيها التحاور حول المرحلة المقبلة. وقال أمام قيادات من القوات إنه مهتم بالتفاهم مع الثنائي أمل وحزب الله، وإنه لا يريد الدخول في معركة مع أحد. وقالت المصادر إن جعجع يعتبر نفسه «الأقدر على طمأنة الشيعة في لبنان بعد التطورات التي حصلت في لبنان والمنطقة».
طرح جعجع لنفسه يخلق إرباكاً لدى السعوديين الذين يفضّلون قائد الجيش أو أزعور
ونقلت المصادر عن جعجع قوله إنه أبلغ قيادات القوات بأن الموقف من ترشيح قائد الجيش ليس محسوماً بصورة كاملة، وأنه إذا لم يكن هناك فيتو من القوات على ترشيحه، إلا أن ذلك لا يعني أن هناك موافقة مسبقة. وبحسب المصادر فإن جعجع اعتبر أن مشكلة قائد الجيش لا تنحصر في معارضة الثنائي أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر، بل في أنه قبل أن يكون ترشيحه صادراً عن النائب السابق وليد جنبلاط. وبحسب المصادر فإن جعجع يعتبر أنه «لا يمكن بعد كل ما حصل، أن تختار المختارة المرشح لرئاسة الجمهورية، وأنه حاول الوصول إلى حوار مثمر مع جنبلاط لكن لم يظهر أنه مستعد جيداً، وقد عقد اجتماعين مع النائب مروان حمادة من دون الوصول إلى تفاهمات حقيقية».
وفي ظل تعدّد الأسماء المرشّحة، وعودة بعضها إلى الصدارة مثل قائد الجيش والوزير السابق جهاد أزعور، علمت «الأخبار» أن التحرك الذي بدأه جعجع لتهيئة الأرضية لنفسه خلقَ إرباكاً لدى البعض، خاصة المملكة العربية السعودية. فجعجع الذي يتهرّب من ترشيح قائد الجيش، صارَ واضحاً طموحه الرئاسي في وقت يعتبر أن المنطقة دخلت العصر الإسرائيلي وأنه قادر على التقاط فرصة عودة الرئيس دونالد ترامب، وأن ذلك سيساعده حتماً في فرض ما يريد على الآخرين وهي فرصته الأخيرة ليدخل بعبدا رئيساً. وفي هذا الإطار، قالت مصادر بارزة إن «طرح جعجع لنفسه يخلق إرباكاً لدى السعوديين، الذين يفضّلون قائد الجيش أو أزعور». وهم يعلمون أن «قدرة تأمين أصوات لعون أسهل بكثير من قدرة تأمينها لجعجع». فقد أثبتت السنوات الماضية، تحديداً بعدَ خروج رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري من الساحة السياسية، أن جعجع عاجز عن تحقيق خرق سني، وباستثناء نائبين أو ثلاثة، فإن كل النواب السنّة من دون استثناء لن يسيروا به وهم يفضّلون انتخاب قائد الجيش، وبالتالي فإن الرياض ليس بإمكانها أن تفرض على غالبية السنّة خيار جعجع. أما جنبلاط، فقد قال كلمته وأحرج السعوديين قبلَ غيرهم، إذ أدرك ما يخطط له جعجع، فرمى بورقة عون في وجه الجميع. ظنّ كثيرون أن الرجل التحق بركب القرار الخارجي لدعم قائد الجيش، لكن ما لا يعرفه كثر آخرون أن جزءاً من هذا الموقف يرتبط بمخطط معراب. ويعتبر جنبلاط أن تأمين غالبية توافقية حول قائد الجيش الذي تزكّيه الدول الخارجية هو السبيل الوحيد لتطيير جعجع من السباق الرئاسي، لذا عمل على إقناع رئيس مجلس النواب نبيه بري بذلك. وتقول مصادر مطّلعة إن «جعجع قد يتعمّد تطيير أي جلسة إذا ما لمس وجود توافق حول عون، وإذا ما قرّر الثنائي الشيعي السير به»، وهم «حتماً يفضّلونه على قائد القوات، والعلاقة معه ليست متوترة إلى حد كبير كما يحاول البعض تصويرها، خصوصاً أولئك الذين يريدون وضع الجيش في وجه المقاومة».
وفي السياق، لم تسرِ هدنة الأعياد على الاتصالات السياسية، المتصلة بجلسة انتخاب الرئيس في التاسع من الشهر المقبل، ولا على الحركة الخارجية المتمثّلة بأميركا وفرنسا والسعودية التي بدأت أمس مع قدوم وزيري الجيوش والخارجية الفرنسييْن سيباستيان لوكورنو وجان نويل بارو إلى لبنان، وستُستكمل بوصول وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى بيروت السبت المقبل، وصولاً إلى زيارة الموفد الأميركي عاموس هوكشتين المرتقبة مطلع العام المقبل.
وقائع من حوارات مع قادة «سوريا الجديدة»: كيف ينظر الشرع إلى تفاصيل إدارة المرحلة الانتقالية؟
تفسير الأمور لا يعني أبداً تبريرها. لكنّ أهمية التفسير في حالة سوريا اليوم تكمن في كون فهم المشهد، يسمح لمن يهتم بأن يكون موقفه واضحاً وصلباً من التطورات الهائلة التي ستكون لها انعكاساتها الهائلة أكثر على ما يحيط بسوريا، خصوصاً في الدول الهشّة مثل لبنان والأردن، وحيث لا توجد مضادات حيوية ذاتية كافية تضمن عدم انتقال العدوى إليها.
ربما كان أمراً جيداً أن يتحدث حاكم سوريا الجديد أحمد الشرع بوضوح وصراحة تامَّيْن. فهو ليس محتاجاً إلى المداراة في أمور كثيرة. حتى مبدأ «التمكين» الذي يتمسّك به، لا يشكل عائقاً لقول ما يريده. وإذا كان البعض يعتقد بأنه يبالغ في قدرته على إدارة هذه المرحلة، فالأمر رهن بما تظهره الأيام. وليس صحيحاً الاعتقاد بأن الانقسامات غير العادية التي تعيشها سوريا، ستشكّل معبراً إلزامياً نحو الفوضى، خصوصاً أن الشرع وفريقه يتصرّفان وفق قناعة بأن المرحلة الانتقالية ليست محدّدة الزمن، بل محدّدة الأهداف. وبالتالي، فإن البحث سيبقى قائماً على «القطعة»، بحيث نشهد صعوداً وهبوطاً في المواقف المؤيّدة أو المعارضة له داخل سوريا وخارجها.
اللافت حتى الآن أنّ الرجل كثير التحدّث. وهو لا يتمسّك بالصمت كما يفعل أقرانه من قادة الجماعات السلفية الجهادية، ويتعمّد الحديث، ويكثر من استقبال عشرات الشخصيات والوفود، سواء ما ظهر منها في وسائل الإعلام أو بقي بعيداً عن الأضواء. لكنّ الرجل وفريقه عقدا سلسلة طويلة من اللقاءات مع شخصيات سورية وعربية وأجنبية، وناقشوا بتوسّع الملفات العالقة، حتى بات من الصعب الإحاطة بكل المشهد، بسبب تعذّر الوصول إلى جميع من التقاهم الشرع شخصياً، أو عقدوا الاجتماعات مع أبرز مساعديه، من فريق الحكومة أو من فريقه السياسي والأمني والعسكري.
ومع ذلك، كان ممكناً جمع معطيات يمكن الاعتداد بها، تشكّل خلاصة اجتماعات عقدها الشرع مع زوار سوريا خلال الأسبوعين الماضيين. وبعض هؤلاء أمضوا ساعات طويلة معه في بحث حول المشكلات القائمة. وبحسب ما تجمّع، يمكن تسجيل الآتي:
أولاً: يقول الشرع إنه ليس في وارد مراعاة الأطراف الداخلية والخارجية في «المئة يوم الأولى»، وكان صريحاً للغاية مع كل رفاقه الذين ينضوون في هيئة تحرير الشام أو الفصائل الأخرى بأنه لن يكلّف أشخاصاً ليسوا محل ثقته الشخصية في إدارة هذه المرحلة. وهو طلب من «الشركاء» و«الأصدقاء» أن يتحملوا معه هذه المرحلة، وأن يستعدوا للبحث في شكل حكومة جديدة، يعد بتشكيلها في الربيع المقبل، ويتصوّر أنها ستتولى إدارة مرحلة قد تستمر لعامين على الأقل.
ثانياً: قال الشرع إن أولوية الاستقرار الأمني الداخلي تفرض عدم التهاون أو التأخير في عملية دمج الفصائل العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع. وحدّد بصورة مسبقة هوية الفريق المعنيّ بهذه العملية. واختار من يعرف أن الآخرين يقرّون له بكفاءاته وقدرته على تحقيق شرطَي الانضباط والالتزام بالتعليمات.
ينتظر الحكم الجديد دعماً سخياً لإعمار البنى التحتية، ومستعدّ لفتح باب الاستثمارات في قطاعَي الزراعة والصناعة، وتحديات كبيرة في القطاع المصرفي وجذب الأموال
ثالثاً: قال الشرع إنه يعرف طبيعة سوريا، وإن هناك حاجة ملحّة إلى قيام جهاز أمني قوي. وعندما كلّف أنس خطاب بهذه المهمة، فقد اختار الرجل الذي تولّى إدارة العمل الأمني إلى جانبه، منذ انشقاقه عن تنظيم «القاعدة». وهو من لعب دوراً محورياً في تفكيك خلايا تنظيم «داعش»، وفرط «حركة نور الدين الزنكي»، إضافة إلى احتواء مجموعات صغيرة كان يمكن لها لو تحالفت في ما بينها أن تشكّل صداعاً لـ«هيئة تحرير الشام». كما بنى خطاب شبكة من العلاقات الأمنية ليس مع الفصائل والجماعات المحلية فقط، بل مع أجهزة أمنية إقليمية وعالمية كان لها نشاطها في المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة، إضافة إلى ما كشفته الأحداث الأخيرة، عن أن الرجل كانت لديه اختراقات جدية داخل المؤسستين العسكرية والأمنية للنظام السابق، ما سهّل نجاح العملية العسكرية الأخيرة.
رابعاً: أوضح الشرع أن وزارة الخارجية والعلاقات السياسية مع الخارج ليست مهمة علاقات عامة. وكثيرون ربما لا يعرفون أهمية أسعد الشيباني، أو زيد العطار كما يعرفه كثيرون. فهو صاحب تجربة كبيرة قياساً إلى الآخرين من فصائل المعارضة السورية. وقد كان شريكاً في تنظيم العلاقات السياسية مع الفصائل، ولديه شبكة كبيرة من العلاقات الخلفية مع جهات إقليمية ودولية، وبرع في الاستفادة من عمل منظّمات دولية كانت تنشط في مناطق المعارضة، وبنى من خلالها شبكة علاقات، علماً أن الشيباني يبدو مهتماً هذه الأيام بمواجهة ما يعتبره «تحدياً إدارياً»، كون عمل الدبلوماسية التقليدي ليس بالأمر السهل، خصوصاً في دول لديها عراقة في العمل الدبلوماسي ومنها سوريا.
خامساً: أبلغ الشرع من يهمّه الأمر بأنه لم يعد يجد من داعٍ لآلية العمل التي تقوم بها الأمم المتحدة في سوريا. فهو لا يخفي قلة إعجابه بالمبعوث الأممي غير بيدرسون، وهو شخص يبغضه حتى رجال النظام السابق وآخرون من الذين تعرّفوا إليه، كما كانت عليه الحال عندما عمل في لبنان. لكنّ الشرع وافق على تجاوز الجانب الشكلي عندما التقى بيدرسون في دمشق، بينما كان الأخير يتجنّب الاجتماع به في إدلب بحجة أنه إرهابي. إلا أن الشرع قال للأميركيين والأوروبيين ولدول عربية إن الحكم الجديد لم يعد معنياً بالقرار 2254 ومندرجاته، وإن السنوات السابقة أظهرت عدم فعالية الأمم المتحدة، وبالتالي فهو يعتبر أن القرار انتهى مع سقوط النظام. لكن، تبيّن أن هدف الشرع من هذا الموقف هو إبلاغ الموفدين الأجانب بأنه لا يريد إشرافاً من قبل الأمم المتحدة على أي حوار سوري داخلي، لا بل ذهب إلى حد الطلب صراحة من الجانب التركي عدم التدخل في إدارة مؤتمر الحوار الوطني، وأنه يريده إطاراً سورياً – سورياً خالصاً، لأنه يعتقد بأن الحضور الخارجي سيُستغل من قبل الأطراف الداخلية، للتصرف وفق حسابات من نوع مختلف. وهو في هذه النقطة كان لافتاً لناحية قوله إنه يكره تجربة لبنان، ولن يسمح على الإطلاق بمحاولة استنساخ التجربة العراقية بحجة حماية حقوق الأقليات والأطراف الأخرى. وصارح بعض محدّثيه بأنه ليس مستعجلاً لأن يكون الحوار الوطني مناسبة لتحوّل سريع في بناء الدولة الجديدة كما يريده أو كما يفكر فيه، كما هو موقفه من الانتخابات العامة التي يرفض حصولها قريباً، لأن التصويت اليوم سيتم على أسس طائفية وجهوية وإثنية.
الشراكة مفتوحة بعد الربيع، والهيكلية العسكرية لا تهاون فيها، والحكم الجديد لا يريد وصاية أممية على إدارة الحوار الوطني، ويخاف تجربتَيْ لبنان والعراق
سادساً: لا يخفي الشرع رفضه للنموذج الاقتصادي الذي كان قائماً طوال فترة حكم البعث. وقد طلب من فريقه إبلاغ العاملين في الحكومة السابقة بأنه يدعم الاقتصاد التنافسي. لكنّ مسؤولاً رفيعاً في إدارته قال لموفد أجنبي إنهم لا يريدون أن تقع سوريا فريسة الديون كما يحصل مع دول عربية وأجنبية، وإن الأولوية الآن للحصول على دعم، لا قروض، لإعادة إعمار البنى التحتية للدولة. وأُبلغ الشرع من تركيا وقطر وآخرين بأن إدارته ستلقى دعماً سخياً في إعمار قطاعات الكهرباء والمياه والاتصالات والطرق. وعبّر، في الموازاة، عن الاستعداد لفتح باب الاستثمارات الخارجية، ومحاولة حصرها في القطاعات الإنتاجية. وهو كثير التركيز على القطاع الزراعي، إذ يبدو أنه يريد تكرار تجربة البعث لجهة العمل على بناء قاعدة اجتماعية للحكم الجديد تستند إلى أبناء الريف. وفي هذا السياق، كانت لافتة إثارة البعض لموضوع إلغاء مفاعيل قوانين التأميم، لكن لا يبدو أن الشرع وفريقه في وارد مجاراة مراكز قوة مالية تسعى إلى الإمساك بالأراضي كما كان عليه الوضع قبل تسلم البعث السلطة. بل يطرح مشاريع تعاون مع القطاع الخاص لتحويل سوريا إلى مركز إنتاج متقدم في القطاع الزراعي. وبرغم إدراكه أهمية تفعيل القطاع الصناعي، إلا أن بعض العاملين معه يعتقدون بأن سوريا ستكون مقبلة على تحديات كبيرة نتيجة المتغيرات الكبيرة التي طرأت على شكل الصناعة في المنطقة والعالم، وأنه يجب وضع خطة تمنع تحوّل سوريا إلى سوق للاستهلاك لما هو آت من الخارج.
سابعاً: قرّر الشرع وفريقه مواصلة العمل بالقوانين السابقة في مجال السياسات المالية والنقدية، لكن وجهة التغيير تبدو قريبة، علماً أن التغيير الذي وصل أمس إلى موقع حاكم المصرف المركزي قد لا يعبّر عن وجهة مختلفة جذرياً عما هو قائم. لكنّ الواضح أنه يوجد إلى جانب الشرع من يدعوه إلى إيجاد الآلية التي تسمح بدخول المصارف العالمية سريعاً إلى سوريا، وأن يكون هناك نوع من الدمج بين المصارف التجارية العادية والمصارف الإسلامية على ما هو قائم في دول الخليج. والشرع لا يمانع في اتخاذ خطوات عاجلة إذا كان من شأنها إتاحة المجال أمام عودة أموال كبيرة هُرّبت من سوريا بسبب النظام المصرفي القائم، أو بسبب سياسات النظام السابق. لكنّ المشكلة بالنسبة إليه، تتركز أولاً، على تفاهم مع الأميركيين لإلغاء أي نوع من العقوبات التي تحول دون نشاط أكبر للقطاع المصرفي في سوريا. ويبدو أن الشرع مستعد في هذا المجال لفتح الباب أمام خبرات قد لا تكون على ذوقه الأيديولوجي.
مرة جديدة، علينا في لبنان والبلدان المحيطة بسوريا، أن نفهم أولويات السوريين الجديدة، بعيداً عن رغباتنا أو تصوراتنا، والأهم هو أننا سنكون ملزمين بالتعايش مع واقع جديد، له مخاطره، لكن فيه الفرص الكثيرة لتحقيق ما هو أفضل.
الأعداء والحلفاء وأصدقاء الضرورة
بعد ثلاثة أسابيع على تولّي الحكم الجديد للسلطة في سوريا، صدر الكثير من التصريحات التي لا تبدو مغايرة لمضمون محادثات مغلقة بما يتيح رسماً أوّلياً لعناصر لائحة أعداء السلطة وخصومها المحليين والخارجيين، إضافة الى لائحة الحلفاء والأصدقاء. لكن يبدو واضحاً أيضاً أن هناك من يمكن وصفهم بـ«حلفاء أو أصدقاء الضرورة». كما يمكن تلمّس مساحة الغموض في بعض العناوين الحساسة، والتي تدفع الى إضافة خانة جديدة تحت اسم «الحياد».
داخلياً، ينظر الشرع وفريقه الى «العقل الجمعي» للعلويّين والشيعة في سوريا كأبرز الخصوم المحليين. ولدى الحكم الجديد ملفات يريد أن يغلقها قبل الانتقال الى مستوى جديد من العلاقة. ويجري الحديث عن لائحة تضم 250 اسماً، غالبيتهم الساحقة من العلويين، يعتبرهم فريق الشرع من المجرمين الواجب اعتقالهم ومحاكمتهم. وفي تفاصيل اللقاءات الجارية مع وجهاء علويين في المدن الكبرى أو في الساحل السوري، يقول فريق الحكم الجديد إن عليهم «إثبات حسن السيرة والسلوك» حتى يصار الى «إزالة حالة النقمة ضدهم»، علماً أن الشرع يكرر لازمة أن «السلطة الجديدة تسعى الى حصر عمليات الثأر التي تحصل الآن في أكثر من منطقة». لكن ما هو مطلوب الآن، أن تتعاون هذه الجماعات مع الحكم الجديد بصورة كاملة، وأن «تثبت ولاءها للدولة الجديدة، وأن تقطع نهائياً أي صلات مع رجالات الحقبة الماضية».
ومع مبادرة «هيئة تحرير الشام» الى محاولة تحييد شيعة دمشق من خلال ترتيبات خاصة لمناطق وجودهم، واتخاذ إجراءات خاصة بالمراقد الدينية، إلا أنه لا وجود لمبادرة لدى الحكم الجديد لمعالجة مشكلة نحو 20 ألف عائلة شيعية هربت من سوريا الى العراق ولبنان بعد سقوط النظام، علماً أن الباب بقي مفتوحاً أمام وساطات أهلية أو خارجية من أجل المعالجة. وفيما لا يرى كثيرون أن الملف يمثّل أولوية للحكم الجديد، إلا أن مقرّبين من الشرع يحذرون من إهمال الملف، خشية دفع هذه المجموعة الكبيرة التي يصل عددها الى نحو 250 ألفاً، مضافاً إليهم عدد كبير من الاسماعيليين، الى مربع يمكن إدارته من قبل أطراف معادية للحكم الجديد، ويشير هؤلاء بالاسم الى إيران وحزب الله.
وللشرع مشكلة مشابهة في أماكن أخرى، وهو يهتمّ بأن يعرض على الدروز والأكراد «الحياد الإيجابي»، شرط أن يندمجوا في السلطة الجديدة، وأن يسلّموا السلاح ويتوقفوا عن إقامة علاقات فردية أو مستقلة مع جهات خارجية. ويقول مسؤول كبير من فريق الشرع إنه ليس بإمكان الأكراد أن يتحدثوا ككتلة تريد أن يكون لها امتيازاتها الخاصة خلافاً لبقية السوريين. ولذلك، فإن الشرع، وإن كان لا يجد الوقت الآن مناسباً لضرب هذه المجموعات، كان حاسماً في قوله إن سلطته لن تسمح للأكراد أو للدروز بالعمل من أجل إقامة حكم ذاتي بحجة الخوف من الأغلبية الإسلامية في سوريا.
في المقابل، يجتهد الشرع لطمأنة المسيحيين. وهو يركز على هذه النقطة بطريقة خاصة. وسبق أن بنى علاقات موضعية مع رجال دين مسيحيين في منطقة إدلب، كان لهم دور في بناء قنوات اتصال مع رجال الكنيسة ووجهاء المسيحيين في حلب.
وعندما دخلت قواته الى حلب مع بدء العملية العسكرية الأخيرة في 27 تشرين الثاني الماضي، كان يسيراً عليه القيام بخطوات منعت أيّ عمل انتقامي أو أيّ اعتداء على الكنائس والمدارس ومنازل المسيحيين. وقد تبيّن بعد مرور أسبوع، أنه نجح بالتعاون مع رجالات الكنيسة، في إقناع عائلات كثيرة بالعودة الى منازلها، وإقناع آخرين بعدم الخروج من سوريا.
وفي دمشق، يهتم الشرع شخصياً بعدم خروج حالات احتجاج من جانب المسيحيين، وعندما وقعت حادثة إحراق شجرة الميلاد في منطقة حماة، بادر الى كشف هوية الفاعل، والإشارة الى أنه مقاتل أوزبكي سينال عقابه، لكنه كان مهتماً بالقول إن المقاتلين السوريين لا يفعلون ذلك. ثم طلب من مسلّحيه في دمشق الابتعاد عن نقطة تجمّع فيها عشرات الشبان من أبناء دمشق في مسيرة احتجاج، قبل أن يرسل رجاله للاجتماع برجال الدين من أجل الوقوف على مطالبهم. وبحسب شخصية غير سورية على تواصل مع الشرع، فإن الأخير يخشى ارتفاع صوت المسيحيين في دمشق، حتى لا تدقّ الأجراس في كل كنائس الغرب.
من جهة ثانية، يهتم الشرع أكثر بالقوى الناشطة بين السنّة، ويعمل على فرزها بين حليف وخصم وعدو. وهو كان جازماً أمام الأجانب والعرب بأنّ كل من له صلة بتنظيم «داعش» هو عدوّ، وسيقاتله في كل مكان من سوريا. وفي الوقت نفسه، ألزم فصائل الجنوب السوري بتسليم السلاح الثقيل، وحذّرها من الاقتراب من العاصمة، وفتح حواراً لن يقفل سريعاً مع كل الفصائل الأخرى، بمن فيها أطراف الجيش الوطني أو الضباط المنشقون والذين كانوا في مرحلة معيّنة يشكّلون الجيش الحر، لكنه يطالب هؤلاء بأن يكونوا واقعيين لناحية أنهم ليسوا القوة الرئيسية في المعركة. وهو مستعد للتفاهم معهم إن انخرطوا معه في مشروع الهيكل العسكري الجديد. وبرغم أنه يعرف أن أصواتاً ستخرج من بين هؤلاء تتّهمه بالفردية والاستئثار، لا يبدو أن الشرع كثير الاهتمام بمراضاة الجميع، وإن كان يعتقد بأن توحيد الفصائل الإسلامية شرط أساسي لبناء المرحلة الجديدة.
خارجياً، قد تبدو الصورة أكثر سهولة. فالشرع وفريقه وحتى الشركاء معه، ينظرون الى إيران باعتبارها العدوّ الأول لهم، فهي كانت كذلك قبل سقوط النظام، ومستمرة في موقعها الآن، وهم يعتقدون أن إيران (ومعها حزب الله) هي الجهة الوحيدة القادرة على إثارة قلاقل داخل سوريا، وأن لديها الإمكانات التي تتيح لها تحريك سوريين بأعداد كبيرة، وتوفير الدعم لهم من أجل زعزعة الحكم الجديد.
ولذلك، فإن الوجهة العملانية في أداء الشرع وفريقه تتخذ من إيران طرفاً معادياً، مع استعداد لوضعها في خانة الخصوم، إن لم تبادر طهران الى التحريض ضد الحكم الجديد، علماً أن الجميع في انتظار ما ستؤول إليه الاتصالات التي تتولاها تركيا وقطر بين إيران والحكم الجديد في سوريا. وسط اعتقاد قوي بأن الشرع ليس مستعجلاً لحسم هذا الملف.
في المقابل، يسعى الشرع الى تثبيت تحالفه مع تركيا وقطر، فيما يعمل على تحييد من يرى فيهم «خصوماً مؤثرين، مثل الأردن والإمارات العربية المتحدة»، لكنه يهتم بشكل واضح ببناء حلقة «أصدقاء الضرورة»، قاصداً السعودية ومصر والعراق.
ورغم اهتمام الشرع بعلاقات جيدة مع الأوروبيين، إلا أنه يركّز على العلاقة مع الأميركيين، ويبعث يومياً بالرسائل التي يعتقد أنها تهمّ واشنطن، بما في ذلك الإدارة الجديدة. ويرى أن دمشق يجب أن تخرج من دائرة أعداء أميركا بعدما سقط النظام الذي كان حليفاً لروسيا وإيران، وأن دمشق لا تريد الدخول في معركة مع إسرائيل، وتتصرّف مع الملف الفلسطيني بدرجة عالية من الحياد، كما يكرر الشرع ورجاله أمام الأميركيين وممثّليهم بأنّ لديهم عدواً مشتركاً اسمه «داعش»، وعدوّاً آخر هو “حزب الله”.
وقد فهم الأميركيون من الشرع أنه يؤيد تسوية ملف الأكراد بطريقة لا تتماشى كلياً مع التوجه التركي. وهنا تبرز نقطة خلاف مع الأتراك الذين يلحّون في إنهاء الوجود العسكري لقوات «قسد». والشرع قال صراحة إنه لا يملك القدرة ولا الرغبة بالانخراط في المعركة الدائرة مع الأكراد اليوم، لكنه لا يمانع في أن تقوم تركيا بالمهمة وحدها، رغم اعتقاده بأن معالجة هذا الملف تحتاج الى تفاهم مع الأميركيين.
أما بما خص روسيا، فيبدو أن هناك الكثير من «القطَب المخفية» في العلاقة مع موسكو. وثمة الكثير من المعطيات التي تحتاج الى تدقيق، بينها الحديث عن تفاهمات تمّت بين الجانبين عند وصول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» الى مشارف حماة، وأن تنسيقاً كبيراً جرى بينهما سهّل عملية الدخول الى حمص ومنها الى دمشق، مقابل تحييد كامل للقوات الروسية، والتعهّد بأن دمشق الجديدة ليست في عجلة من أمرها لإخراج الروس نهائياً من سوريا.
إسرائيل… السؤال الذي لا يحبّه الشرع
إذا كان أحمد الشرع يتجنّب أن يبادر من تلقاء نفسه إلى الحديث عن إسرائيل وفلسطين والمقاومة، فإن اللافت في كل مقابلاته أن أحداً من الصحافيين لم يوجّه إليه سؤالاً مباشراً عن موقفه من العدوان الإسرائيلي الواسع على سوريا، أو عن رأيه في ما يحصل في غزة، أو ما حصل في لبنان، أو عن موقع سوريا من الصراع العربي – الإسرائيلي. وإذا حصل وتطرّق أحد إلى الأمر، فلا يكون الكلام إلا عاماً وعابراً.
في مقابلته مع قناة «العربية» أخيراً، تحدّث الشرع عن أن ما قام به جنّب المنطقة حرباً واسعة. وقال إن إسرائيل كانت تستعد لحرب كبيرة ضد سوريا، وكانت إيران ستبادر إلى إدارة مواجهة شاملة مع إسرائيل يكون العراق شريكاً فيها. وقال أيضاً إن تركيا كانت ستقف إلى جانب إيران في هذه المعركة، وكانت الحرب ستؤدي إلى تدخل أميركي، وإن القواعد الأميركية في الخليج العربي كانت ستكون هدفاً لإيران. ليخلص إلى أن ما أنجزه جنّب المنطقة توترات لخمسين سنة، علماً أن جوهر ما قاله الشرع هو أن ما قامت به الفصائل المسلحة، هو إسقاط الأسد، وإبعاد إيران عن سوريا، ما أدّى عملياً إلى تعطيل هذا المشروع.
يفترض أن الشرع كان على علم بأن إسرائيل سبق أن هدّدت الرئيس السابق بشار الأسد بصورة مباشرة. تواصل الإسرائيليون مباشرة مع قادة الأسد العسكريين، وأرسلوا إليهم بواسطة الأردن أو الإمارات العربية المتحدة، بأنه في حال انخرطت سوريا في الحرب الدائرة مع حزب الله وحماس، فإن إسرائيل ستوجّه ضربات مدمّرة ليس إلى الجيش السوري فقط، بل إلى مراكز الدولة وستقتل الأسد نفسه.
وخلال 14 شهراً، عندما كان النقاش مفتوحاً حول دور سوريا في جبهات الإسناد، كان الشهيد السيد حسن نصرالله الوحيد الذي صارح الجميع بأن سوريا محيّدة عن هذه الجبهة مباشرة من دون أن يخوض في التفاصيل.
لكنّ ما حصل فعلياً هو أنه بعد ساعات على سقوط نظام الأسد، ونجاح المعارضة بإبعاد إيران وحزب الله، بادرت إسرائيل إلى أوسع حملة عسكرية لتدمير مقدرات الجيش السوري وقصف مراكز البنية التحتية للجيش السوري وقطاعاته كافة، ولم تلقّ أي نوع من المقاومة، علماً أن إسرائيل كانت تراقب بدهشة انهيار الفرقتين 5 و7 في الجنوب السوري، وإخلاء المواقع وتسريح الضباط والجنود. ما يعني أن إسرائيل لم تعتبر أن ما حصل في سوريا يسمح لها بأن تكون في موقع من يراقب الأوضاع. وهي الخطوة التي يفترض أن يدرك الشرع وفريقه أهميتها، لجهة أن إسرائيل لا تنظر إلى من يحكم سوريا، بل تنظر إلى سوريا كبلد يشكّل خطراً استراتيجياً عليها.
ومع ذلك، فإن الشرع حرص في تصريحات علنية على القول إن قيادته ليست في وارد قتال إسرائيل، وهو قلّد السلطات الرسمية والأحزاب المحايدة في عالمنا العربي، بأن طالب المجتمع الدولي بمنع إسرائيل من توسيع احتلالها. لكن لم يشر مطلقاً إلى حق الشعب السوري في مقاومة هذا الاحتلال، بل بادر إلى نزع سلاح الفصائل الفلسطينية في سوريا، وإقفال معسكرات التدريب الخاصة بها، وقام بخطوات لقطع الطريق من الجهة السورية للحدود على معسكرات الجبهة الشعبية – القيادة العامة الموجودة على الحدود مع لبنان، قبل أن يقوم الجيش اللبناني بعملية من الجانب اللبناني ويقفل هذه المواقع. ومع ذلك، فقد بادر العدو إلى شن غارات لإعلان أنه هو من يقرر إن كان الملف قد أُقفل أو لا.
لا حاجة إلى تكرار القول إن غالبية الشعب السوري ربما لا تفكر الآن بأن تحرير الأراضي السورية المحتلة يمثّل أولوية تتقدّم على ملفات الحياة اليومية والاستقرار والعودة إلى المنازل والإعمار. لكن قد يكون صعباً على الشرع وقيادة سوريا الجديدة مواصلة الهروب من الإجابة عن السؤال حول الموقف من العدو، ليس فقط لأنه عدو يحتل أرضاً سورية، بل لكونه يشكّل خطراً على كل شعوب المنطقة. وسيكون السؤال أكثر إلحاحاً متى خرج سوريون، يحملون السلاح لمقاومة قوات الاحتلال، سواء في المنطقة التي توغّل فيها بعد الثامن من كانون الأول الجاري، أو حتى في الجولان نفسه… المهم، أن المسألة الإسرائيلية ليست ترفاً يمكن تأجيل البحث به مهما كانت الصعوبات. وسيجد أحمد الشرع نفسه، في أي وقت، أمام السؤال المباشر، الذي يحتاج إلى جواب مباشر، وعندها يمكن تقدير نظرة الحكم الجديد إلى موقع سوريا في المنطقة.
ترفيع الأجانب وإقصاء السوريين: الشرع يشكّل جيـشاً «إنترناشونال»
أثار قرار ترفيع عدد من «الضباط» في التشكيل الإداري للجيش السوري الجديد، والذي يؤسّسه أحمد الشرع، جدلاً واسعاً في المجتمع السوري، بسبب وجود أسماء عديدة لأشخاص غير سوريين، قدموا إلى سوريا خلال السنوات الماضية بدافع «الجهاد»، وأصبحوا الآن أحد أعمدة جيش البلاد، حتى قبل أن تتم تسوية أوضاعهم ويحصلوا على الجنسية السورية. يأتي ذلك في وقت وصل فيه مسؤولو كييف إلى دمشق لقطف ثمار علاقة الأولى المتينة بـ«هيئة تحرير الشام» التي تحكم سوريا حالياً، في سياق استراتيجية الصراع مع موسكو في مناطق بعيدة.
وطرح القرار المذكور، والذي وقّعه الشرع (الجولاني)، تساؤلات حول الآلية القانونية التي اعتمدها «القائد العام» للتوقيع على مثل هذا القرار قبل تشكيل دستور جديد للبلاد، وفي ظل حكم «مؤقت» من المفترض أن يكون هدفه تسيير شؤون المؤسسات والتحضير لمرحلة مقبلة مستقرة، أعلن الشرع أنها ستمتد لأربعة أعوام.
واحتوت القائمة التي تصدّرها وزير الدفاع الجديد، مرهف أبو قصرة، الذي تم ترفيعه إلى رتبة لواء، نحو 50 اسماً، معظمهم من السوريين القادمين إلى المؤسسة العسكرية من دون خلفية أكاديمية، إلى جانب عدد من الأسماء الأجنبية، وبينهم الأردني والتركستاني والطاجكستاني والشيشاني، في الوقت الذي تم فيه إبعاد ضباط الجيش السوري، سواء الذين قاموا بتسليم أنفسهم للقيادة الجديدة، أو حتى المنشقين الذين تركوا القتال خلال السنوات الماضية. وفيما تزامنت الترفيعات مع استعراض عسكري في العاصمة السورية، فهي رسمت صورة مبدئية لاحتكار واضح من قبل «الهيئة» التي يقودها الشرع، وباتت تُحكم قبضتها على الحكومة السورية وعلى جميع مفاصل الدولة، بما فيها المؤسسة الأمنية. وهذه الأخيرة التي لم يتمّ بعد الإعلان عن هيكليتها، تسود توقعات بأن يجري فيها استنساخ تجربة إدلب، والتي كان لغير السوريين دور بارز فيها أيضاً، علماً أن غير السوريين الذين قدموا إلى سوريا رفعوا، ولا يزالون، شعارات تدعو إلى إقامة «خلافة إسلامية».
في غضون ذلك، وصل إلى العاصمة السورية دمشق وزير الخارجية الأوكراني، أندريه سيبيغا، الذي أجرى لقاءً طويلاً مع الشرع في قصر الشعب، معرباً عن أمله بتمتين العلاقات بين البلدين. وفي مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية في الحكومة السورية المؤقتة، أسعد الشيباني، عقب اللقاء، طالب الوزير الأوكراني بإخراج القوات الروسية من سوريا، وذلك بعد يوم واحد فقط من تأكيد الشرع أن تلك القوات باقية في الوقت الحالي، وأن دمشق تريد علاقة متينة مع ثاني أكبر قوة في العالم، على حد تعبيره. وأشار سيبيغا، الذي يعدّ أول مسؤول أوكراني يزور سوريا منذ قطع العلاقات بين البلدين في عام 2022، إلى إرسال بلاده شحنة من القمح إلى سوريا، بعدما توقفت روسيا عن إرساله. وقال إن «روسيا شريك لنظام الأسد في ارتكاب الفظائع»، مضيفاً أن بلاده تريد «تقديم يد العون لسوريا في ما يخصّ جمع الأدلة والتحقيق في جرائم النظام السابق وروسيا». غير أن الشيباني تجاهل دعوات نظيره الأوكراني إلى إخراج القوات الروسية، وركّز في تصريحاته على استعداد «الإدارة الجديدة» لبناء علاقة متينة مع أوكرانيا، على جميع الأصعدة، السياسية والاقتصادية، وفق تعبيره.
أعلن الشيباني تلقّيه دعوة لزيارة السعودية في أول زيارة رسمية له منذ توليه منصبه
وعلى خط مواز، وصل وزير الخارجية الكويتي، عبد الله علي اليحيا، رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري لـ«مجلس التعاون لدول الخليج العربي»، برفقة الأمين العام لـ«المجلس»، جاسم محمد البديوي، إلى العاصمة السورية، لإجراء لقاءات مع القيادة الجديدة. وقال اليحيا إن هدف زيارته هو «نقل رسالة موحدة بوقوف دول المجلس إلى جانب سوريا»، وهو ما كانت قد أشارت إليه الوزارة الكويتية في بيان حول الزيارة، قال إنها تأتي في إطار التوصيات الصادرة عن المجلس الوزاري لـ«مجلس التعاون لدول الخليج العربي»، مضيفاً أن هذه الخطوة «تجسّد التزام دول المجلس بالمبادئ الأساسية التي تضمن سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها، وتحمل رسالة مساندة لإرادة الشعب السوري الشقيق».
وتأتي الزيارة الكويتية إلى دمشق في وقت أعلن فيه الشيباني تلقّيه دعوة لزيارة المملكة السعودية، في أول زيارة رسمية له منذ توليه منصبه. وقال وزير الخارجية في الحكومة السورية المؤقتة في تغريدة على موقع «إكس»: «تلقّيت دعوة رسمية من معالي وزير الخارجية في المملكة العربية السعودية، السيد فيصل بن فرحان آل سعود، لزيارة المملكة». وتابع: «قبلت هذه الدعوة بكل حبّ وسرور، وأتشرّف بتمثيل بلدي في أول زيارة رسمية، ونتطلّع إلى بناء علاقات استراتيجية مع الأشقّاء في المملكة في المجالات كافةً». والجدير ذكره، هنا، أن وفداً أمنياً وديبلوماسياً سعودياً كان قد زار دمشق، الأسبوع الماضي، في زيارة جاءت بعيدة عن وسائل الإعلام، وناقش فيها الطرفان، بحسب ما تسرّب، الأوضاع الجديدة في سوريا، وسبل التعاون، كما تضمّنت عملية استشكاف سعودية للإدارة السورية الجديدة. وتبعت ذلك بوادر انفتاح متتالية، عبر الإعلان عن بدء تجهيز حملة مساعدات من المملكة إلى سوريا، وإجراء الشرع لقاء مع قناة «العربية» السعودية، تغزّل خلاله بالمملكة، ما قد يمهد الطريق لبناء علاقة يأمل الشرع أن تكون متينة، وتنهي حالة الانقسام الحالية بين معسكرين (قطري – تركي، وإماراتي – سعودي – مصري) إزاء الأوضاع في سوريا.
على الصعيد الداخلي، وفي خطوة يبدو أنها تهدف إلى امتصاص حالة الغضب في الشارع السوري حول تجاهل دور المرأة، والتصريحات الأخيرة لمسؤولة مكتب المرأة في الحكومة المؤقتة»، عائشة الدبس، التي اعتبرت أن للمرأة دوراً فطرياً داخل العائلة، ما يمهد لمزيد من إقصائها، أعلنت الإدارة السورية الجديدة تعيين ميساء صابرين في منصب حاكم مصرف سوريا المركزي. وبذلك، تكون صابرين أول امرأة تتسلم منصباً إدارياً فعلياً في الحكومة، وأول امرأة تتسلم هذا المنصب في سوريا. وبالإضافة إلى العنصر النسائي، تمثل صابرين، الحاصلة على شهادة الماجستير في المحاسبة من جامعة دمشق، أول مسؤول سوري يأتي من خارج «هيئة تحرير الشام» أو المقربين منها، إذ كانت قد شغلت منصب النائبة الأولى لحاكم مصرف سوريا المركزي السابق، محمد عصام هزيمة، كما كانت عضواً في مجلس إدارة سوق دمشق للأوراق المالية، ممثلة عن مصرف سوريا المركزي، منذ كانون الأول 2018.
موسكو وطهران نحو توقيع اتفاقية استراتيجية: طريق «تعميق» الشراكة سالكة
فور سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، سارعت روسيا إلى التأكيد أنّ التطورات الأخيرة «لن تهدد» علاقاتها بإيران، معلنةً، على لسان وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، أنّ «تغيير القيادة في سوريا لن يؤثر في العلاقة» بين البلدين، وأن الطرفين لا يزالان «مستعدين» لتوقيع الاتفاق الاستراتيجي «الجديد» بينهما، والذي أعلن عنه في وقت سابق. وفي مقابلة مع وكالة «سبوتنيك»، بيّن لافروف أنّ نص الاتفاقية «الضخمة» جاهز منذ فترة طويلة، وأنّ موسكو وطهران موافقتان عليه، موضحاً أنّ الاتفاقية «شاملة وطويلة الأمد»، وقادرة، بطبيعتها، على الصمود في «الظروف» كافة، وبالتالي، فهي لا تتطلب حالياً أي «تعديلات»، علماً أنها تولي أهمية خاصة لتعزيز التعاون في مجالات الأمن والدفاع ومكافحة الإرهاب، جنباً إلى جنب التصدي لـ«العديد من التحديات والتهديدات المشتركة» التي تواجهها موسكو وطهران.
وبعدما كان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد أعلن، في وقت سابق هذا الشهر، أنّه سيتم توقيع الاتفاقية الاستراتيجية الجديدة خلال زيارة الرئيس الإيراني، مسعود بيزيشكيان، المقبلة لروسيا، نقلت وكالة الإعلام الروسية الرسمية، نهاية هذا الشهر، عن السفير الإيراني لدى روسيا قوله إنّ بزشكيان سيزور موسكو في الـ 17 من كانون الثاني، لتوقيع الاتفاقية مع بوتين. وبالتزامن مع ذلك، نقلت وسائل إعلام إيرانية عن مسؤولين إيرانيين قولهم إنّ المبادرة الإيرانية «لتشكيل تحالف دولي مع موسكو ضد العقوبات الأميركية شارفت على الاكتمال»، فيما نقلت مجلة «نيوزويك» الأميركية عن محمد سليمان، مدير «برنامج التقنيات الاستراتيجية والأمن السيبراني»، في «معهد الشرق الأوسط»، قوله، في وقت سابق، إنّ «الاتفاق الشامل قد يؤدي إلى إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات السياسية الوثيقة بين الطرفين، ما قد يعزز معارضتهما المشتركة للغرب، ولا سيما على ضوء الحرب الأوكرانية والعقوبات المفروضة عليهما». ويردف الخبير أنّه على الرغم من أن الاتفاق لم يأتِ على ذكر ذلك «بصراحة»، إلا أنّه قد يشمل زيادة التعاون في مجال «التكنولوجيا العسكرية أو تبادل المعلومات الاستخباراتية».
محور «واحد»
وعلى الرغم من أنّ الزيارة القادمة للرئيس الإيراني، والتوقيع على الاتفاقية، كانا متوقعين إلى حدّ بعيد، إلا أنّ توقيتهما يبدو لافتاً بشكل خاص، ولا سيما أنّه يأتي وسط تحذيرات متزايدة من التقارب الإيراني – الروسي، والذي لم يعد يقتصر، طبقاً لمراقبين، على دعم «محور المقاومة» في المنطقة، بل يمتد إلى كلّ «الصراعات حول العالم»، والتي تؤدي إيران «دوراً محورياً» فيها.
في هذا السياق، يورد «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» تقريراً جاء فيه أنّه لدى مناقشة قضايا السياسة الخارجية، كثيراً ما تتطرق وسائل الإعلام الدولية إلى «محورَين»، بشكل منفصل، وهما: المحور «الأوراسي» المكوّن من الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، و«محور المقاومة» الذي «تقوده إيران في الشرق الأوسط»، لافتاً إلى أنّه على الرغم من الاختلاف بين أعضاء كلٍّ من المحورَين «ودوافعهم»، فإنّ كليهما يتكوّنان من «خصوم الولايات المتحدة الأقوياء»، والذين يتشاركون «الأيديولوجيات التي تعارض الغرب والنظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة»، فيما يبقى من الضروري، طبقاً لأصحاب هذا الرأي، الاعتراف بأنّ إيران هي «العقدة الحيوية» الواقعة عند «التقاطع بين المحورَين».
ويشير التقرير إلى أنّ إيران تصعّب «عملية وصول خصوم واشنطن إلى الشرق الأوسط»، وتهدد الشحن الدولي والقوات الأميركية وتلك الحليفة لها في المنطقة. كما أنها لاعب «نشط» في ما يتعلق بـ«الترويج للتكنولوجيا العسكرية والخبرة التشغيلية والخبرة في ساحة المعركة» بالنسبة إلى المحور «الأوراسي»، ما يعرض شركاء الغرب ومصالحه للخطر في أوروبا ومنطقة المحيطَين الهندي والهادئ، جنباً إلى جنب «تدخّلها بوقاحة في الانتخابات الأميركية وتآمرها على اغتيال دونالد ترامب»، على حدّ ما يرد في التقرير. ونظراً إلى أنّ «الغرب» هو الذي يخوض، من الناحية اللوجستية، الحرب ضد المحورَين، فمن المهم، طبقاً لأصحاب هذا الرأي، التعامل مع التحدي العالمي «المشترك» لا على أنّه «مجموعتان منفصلتان» من المشاكل المنتشرة في الشرق الأوسط وأوروبا ومنطقة «الهندي – الهادئ»، بل على أنّه «نظام استراتيجي شامل»، يتطلب التصدي لتهديداته «إجراءات ديبلوماسية وإعلامية وعسكرية واقتصادية».
وأخذاً في الاعتبار «المساهمة» الإيرانية «الضارّة» في المحورَين، يجب أن تكون طهران «محور» تركيز الجهود الغربية المستقبلية، بحسب الرأي المتقدم، من خلال منعها من امتلاك أي أسلحة نووية، وتقويض ترسانتها من الصواريخ الباليستية وقدرتها على الإنتاج العسكري، وتعطيل خطوط إمدادها، والاستمرار في تقويض «محور المقاومة»، وتقليص الموارد المتاحة لدى طهران لدعم كلا المحورين، ولا سيما من خلال فرض الحظر والعقوبات على صادراتها النفطية كجزء من سياسة «الضغوط القصوى». ويشير التقرير إلى أنّ «فوائد» تلك السياسة ستنعكس على مناطق خارج الشرق الأوسط، من «أوروبا إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ».
كذلك تشمل الإجراءات المشار إليها، بحسب مراقبين، «الاستفادة من دروس حربَي أوكرانيا وإسرائيل، للتحضير للصراعات المستقبلية»، وخصوصاً من خلال الحوار بين «القيادة المركزية الأميركية»، و«القيادة الأوروبية – الأميركية»، و«القيادة الأميركية في المحيطَين الهندي والهادئ»، بمشاركة إسرائيل وأوكرانيا وشركاء من الشرق الأوسط وأوروبا ومنطقة «الهندي – الهادئ». وعلى الأرجح، تنبع مثل تلك التوصيات من فرضية أنّ «إيران والصين تتعلمان من روسيا، وأنّ من المرجح أن تتبادل طهران وبكين المعلومات حول مواجهاتهما مع الأسطولَين الأميركيين الخامس والسابع على التوالي، والهجمات الباليستية والمضادة للسفن وردود الغرب عليها».
أما من الناحية اللوجستية، فإنّ الدعوات إلى العمل على تسريع جهود الإنتاج الدفاعي الجماعي الغربي، تكتسب زخماً مستمراً، بما يشمل نصائح بزيادة «الاعتماد على دول الخليج»، والتي يمكن أن تموّل «مخزوناً إقليمياً من الذخيرة» لشركاء «القيادة المركزية الأميركية»، يمكن أن يكون أيضاً بمثابة «احتياط» لمواجهة أي تطورات عالمية محتملة «في مناطق أخرى»، جنباً إلى جنب تعطيل «قاعدة الإنتاج وسلاسل التوريد لدى المحورين، من خلال تعزيز قيود التصدير والعقوبات والجهود السيبرانية»، وعند الضرورة، «العمليات التخريبية والسرّية».
اللواء:
بدايات ونهايات «عام الرعب»: رئيس بحجم المتغيرات والتحديات
ينطوي العام 2024 وهو عام الرعب الذي عاش اللبنانيون أياماً وأسابيع وأشهراً بلياليها، حولت حياتهم الى جحيم، في آخر ايامه اليوم على نهايات وبدايات، وتنطوي صفحة بالغة الخطورة في تاريخ البلد، من دون ان يحول ذلك دون استعادة اللبنانيين بعضاً من العافية، واعادة العافية الى وسط بيروت، التي تشهد استعدادات للاحتفالات بالسنة المقبلة، فاتحة الطريق امام اعادة الحياة او تنشيطها في المجلس النيابي، استعدادا لجلسة الحسم في الخميس 9 ك2 المقبل..
من النهايات: نهاية حرب الإسناد، وتحوُّل الحرب بين اسرائيل وحزب لله الى حرب وضعت نهايات في غير مكان اقليمياً وخارجياً، ووضعت نهاية للتحالفات بين حزب لله والتيار الوطني الحر..
ومن النهايات سقوط نظام آل الاسد في سوريا، وتداعيات ذلك على «الجيوبوليتكا» الاقليمية والدولية، مع نهاية الحضور الايراني والروسي في سوريا..
ومن البدايات العودة الى فكرة الدولة، وإنها الملجأ للجميع، على ان تكون الخطوة الاولى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وحكومة جديدة، وسلطة قادرة على ادارة اعادة الاعمار، ومعالجة مشكلات ما بعد الحرب، وابرزها مسائل السلاح والاستراتيجية الدفاعية، وسيطرة الشرعية واعادة بناء ما دمرته الحرب العدوانية الاسرائيلية وبناء الاقتصاد.
وتتقاطع عند العلاقة مع سوريا البدايات والنهايات، بانتظار ما سيستقر عليه الوضع بعد مؤتمر الحوار السوري، والاعداد لدستور جديد، وانتخابات تشريعية جديدة.
الرئاسة: لا أكثرية مرجَّحة
رئاسياً، قالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن الملف الرئاسي يدخل بعد أيام قليلة في مرحلة مصيرية إنجازا أو تأجيلا، ولفتت إلى أن المعطيات المتوافرة لا تتحدث عن تقدم ملموس أو توجه حاسم لجهة انتخاب الرئيس، مؤكدة أن لا أسماء ترجح لها الكفة بشكل يضمن لها الوصول إلى قصر بعبدا على الرغم من أن بعضها متقدم.
ورأت هذه المصادر أن هذا المشهد يعيد إلى الأذهان مشهد عدم وجود أكثرية مرجحة في هذه الإنتخابات الرئاسية، وفي الوقت نفسه رجحت قيام مساع متواصلة من أجل أن تكون الجلسة المحددة جلسة انتخاب مع وجود فرضية المفاجأة.
واعتبرت أن هذا الحدث يطغى على ما عداه في الأيام المقبلة وعدم توصل الكتل النيابية إلى خيار ما يعني بقاء المجال مفتوحا لهذه المساعي.
واستمر الحراك المحلي والخارجي بزخم بين خميسي عطلة الميلاد المجيد ورأس السنة الجديدة، حول موضوعي الانتهاكات الاسرائيلية المتمادية لاتفاق وقف اطلاق النار، والاستحقاق الرئاسي بحيث تصل البلاد الى إنتخاب رئيس للجمهورية في جلسة 9 كانون الثاني المقبل.وسط تأكيدات ان هناك حلولاً للملف الرئاسي وتعقيدات في موضوع وقف الخروقات بسبب مماطلة الكيان الاسرائيلي حتى استنفاد مهلة الستين يوما وما بعدها بكثير،حيث افاد اعلام الداخل الفلسطيني عن رغبة اسرائيلية «بتمديد البقاء في الاراضي اللبنانية حتى شهر اذار المقبل ربما» بحجة القضاء على كل البنية التحتية والفوقية للمقاومة. فيما تستمر إتصالات وزارة الخارجية بالدول المعنية حول هذا الموضوع وفق ما تطلبه الحكومة في اطار الضغط اللبناني الدبلوماسي لوقف الخروقات.
وبإنتظار زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان المرجحة السبت المقبل الى بيروت وقد يسبقه مستشاره للشؤون اللبنانية يزيد بن محمد آل فرحان المعني بالملف اللبناني، وزيارة المبعوث الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين الاسبوع المقبل، وتردد معلومات عن احتمال زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان، وصل الى بيروت مساء امس، وزيرا الدفاع سيباستيان ليكورنو والخارجية جان نويل بارو الفرنسيان لبنان لتمضية العطلة مع الكتيبة الفرنسية العاملة في اليونيفيل، اعتبارا من امس وحتى الأربعاء 1 كانون الثاني.
وحسب برنامج الوزيرين سيعقدان ثلاثة اجتماعات مع ممثل فرنسا في «آلية مراقبة وقف إطلاق النار في لبنان» الجنرال غيوم بونشين، وممثل لبنان قائد قطاع جنوب الليطاني العميد غابي لاوندوس، وقائد الجيش العماد جوزف عون. وقبل ليلة رأس السنة، سيحضر الوزيران في مخيم دير كيفا، انطلاق دورية مشتركة لآليات مدرعة من اليونيفيل والجيش اللبناني، فضلا عن تقديم سرب استطلاع ومجموعة نقل وبطارية كوبرا (يسمح رادار قياس المسار بتحديد موقع البطاريات المتعارضة في الوقت الفعلي على مسافة تصل إلى 40 كم). وسيحضر الوزيران مراسم إحياء ذكرى أحد جنود حفظ سلام الفرنسيين الذي توفي يوم الجمعة 15 تشرين الثاني 2024، خلال تعرض دورية لـ«اليونيفيل» لحادث سير على الطريق الساحلي، بالقرب من بلدة شمع.
وهذه الزيارات الرسمية العربية والدولية مؤشر على وجود ضغط مشترك لإنجاز الاستحقاق الرئاسي ومعالجة الانتهاكات الاسرائيلية، فيما قال النائب المستقل الدكتور غسان سكاف لـ «اللواء»: ان الاتصالات الرئاسية قائمة بزخم وظروف لبنان والمنطقة تغيرت، لذلك «الوحي» سينزل على الكتل النيابية، وهذه المرة نؤكد حصول الجلسة النيابية وانتخاب رئيس في 9 كانون الثاني.
اضاف: التقيت (امس) السفير السعودي في بيروت وليد البخاري ولمست منه تفاؤلاً كبيراً بإنتخاب الرئيس نتيجة الاجواء الاقليمية القائمة.
وعمّا اذا تم التوصل الى تقاطعات حول اسم او اكثر من المرشحين للرئاسة؟ اجاب سكاف: لننتظر قليلاً، بعد الخميس المقبل يمكن الكلام عن تقاطعات مقبولة.
وفي سياق الحراك الرئاسي ايضاً، إستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري عضو تكتل الاعتدال الوطني النائب سجيع عطية حيث جرى عرض للاوضاع العامة والمستجدات السياسية وشؤون تشريعية.
كما إستقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي المرشح لرئاسي الوزير السابق جهاد أزعور بعد غياب عن الظهور، وغادر أزعور الصرح البطريركي مكتفيا بعبارة «زيارة معايدة وانا ما بحكي سياسة ببكركي».
وفي المواقف الرئاسية، رأى أمين سر «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي ابو الحسن « ان لا مبررات لسيناريو تأجيل جلسة التاسع من كانون الثاني»، معتبرا أن «الوقت حان لوضع حدّ لهذا الفراغ». وقال: هناك ضرورة قصوى لأن تكون الجلسة مثمرة ونخرج برئيس للجمهورية، وعلى كل الأطراف ان يدركوا ان التسوية الداخلية هي التي تبني وطناً وليس التفاهمات الخارجية. وأشار الى ان «تأييد اللقاء الديموقراطي ترشيح قائد الجيش، حرّك الركود الرئاسي وهو لا يعني أن الشخصيات الأخرى غير جديرة»، داعيا كل الكتل إلى «إعلان موقف واضح من ترشيح العماد جوزف عون». وأوضح أن «قنوات التواصل مفتوحة بين اللقاء الديموقراطي والكتل الأخرى».
بدوره، توقع النائب عبد الرحمن البزري أن تُعقد جلسة التاسع من كانون الثاني «برغم الغموض الذي يحيط بمسألة الأسماء المطروحة ومواقف الكتل تجاه المرشحين»، مشيرا الى انه «في حال تم التوافق على انتخاب شخصية عسكرية أو أمنية فإن الأمر يتطلب أكثر من ثلثي المجلس».
اضاف البزري: ان الحركة الأبرز هي زيارة وزير الخارجية السعودي المرتقبة التي تأتي في إطار اهتمام سعودي مستمر بلبنان. وهناك خطوة سعودية جدية ومميزة منتظرة في الثالث من الشهر المقبل، ومن المتوقع أن تسهم هذه التحركات في انتخاب رئيس الجمهورية في الجلسة المقبلة.
وتحدثت معلومات عن ان عضو كتلة الجمهورية القوية الناب بيار بوعاصي زار الرياض امس موفداً من رئيس حزب القوات اللبنانية سميرجعجع في زيارة وصفت بأنها استطلاعية قبل زيارة وزير الخارجية السعودية، لكنها تحمل طلبا لدعم ترشيح جعجع للرئاسة.
يشار الى ان الاجتماع الذي كان سيعقد امس لتقاطع نواب السنة مع نواب من كتل اخرى، طار في اللحظة الاخيرة، لأسباب بعضها شخصي، وبعضها الآخر نتيجة تدخلات.
وكشف السفير المصري في لبنان علاء موسى ان المشاورات جارية حول الاسماء التوافقية، الامر الذي من شأنه ان يمهّد الى نجاح جلسة 9 ك2، مشيراً الى ان الرئيس بري ملتزم بأن تكون الجلسة مفتوحة الى حين انتخاب الرئيس.
وتخوف الرئيس ميشال عون من ان يؤدي الغموض في الملف الرئاسي فلا مرشح لتاريخه يملك الاكثرية، ويتحدث الجميع باسم السفراء والدول، ويدعي هؤلاء انهم يعبرون عن مواقفهم، وهذا الغموض قد يؤدي الى التأجيل.
ضبط الأمن في الأعياد
وعلى الرغم من الانشغالات المتعددة للقوى العسكرية والاجهزة الامنية سواء في الجنوب او الشرق والشمال، لكن العمل جارٍ لضبط الوضع الامني اثناء الاعياد، منعاً لتصرفات تسيء الى الاستقرار.
الترقيات
ويجري العمل على اصدار ترقيات الجيش في الأول من كانون الثاني المقبل وفقاً للتقليد العسكري بمسارها الطبيعي، وإلتقى وزير الدفاع الوطني في حكومة تصريف الاعمال موريس سليم في مكتبه في اليرزة، قائد الجيش العماد جوزف عون، وجرى البحث في شؤون المؤسسة العسكرية، كما في الأوضاع الأمنية في البلاد لا سيما في الجنوب في ظل استمرار الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية في خرق فاضح لبنود ترتيبات وقف إطلاق النار وفي انتهاك للقرار 1701.
وحول الجوازات السورية المزورة، ودخول رعايا سوريين بطريقة غير شرعية، قال وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي من بكركي «ان اجواء وزارة الداخلية هي حماية الدولة اللبنانية ومصلحتها وتطبيق القانون، اما بالنسبة لعائلة دريد الاسد فالجميع يعلم ان الموضوع يتعلق بجوازات سفر مزورة وتم التوقيف بناء لاشارة القضاء اللبناني. وهذا ما يدل الى ان الامن العام يطبق القانون ولديه القدرة على كشف المستندات والوثائق المزورة وبالتالي هذا ملف محال أمام القضاء اللبناني لوقوع الجرم».
أضاف:«التزوير الحاصل له علاقة بورقة صلاحية الجواز وهي مستبدلة بورقة اخرى مما يجعل جواز السفر غير صالح، اما بالنسبة للسوريين الذين يدخلون الى لبنان بطريقة غير شرعية، فيحصل تعاون بين الجيش اللبناني والاجهزة كافة لتوقيفهم وتسليمهم الى الامن العام واتخاذ الاجراءات القانونية الضرورية وليسوا جميعهم من الضباط او العسكر في الجيش السوري التابع للنظام السابق،انما الامن العام يدرس كل حالة ويقوم بالتحقيقات اللازمة ويتخذ القرار سواء بالترحيل او التوقيف بناء لاشارة القضاء المختص، ونحن نؤكد على تطبيق القانون في لبنان ليكون الناس اكثر فاكثر على ثقة بالاجهزة الامنية الرسمية اللبنانية.
الخروقات تنتظر هوكشتاين
وبإنتظار ما سيفعله هوكشتاين لوقف الانتهاكات الاسرائيلية في الجنوب، واصل جيش الاحتلال الاسرائيلي امس، تفجير المنشآت والمنازل في قرى الجنوب الحدودية، وقام بعملية نسف كبيرة في محيط ساحة بلدة الطيبة – قضاء مرجعيون بعد توغله في البلدة.
كماقام الاحتلال ليل امس الاول، بتفجير منشآت مدنية في مارون الراس منها خزان المياه ومئذنة المسجد، وسمعت اصوات الانفجارت الضخمة في قرى الجوار.
وفي اليوم الخامس عشر من مواصلة عمليات البحث والمسح الميداني الشامل للعثور على المفقودين جراء العدوان الإسرائيلي الأخير على بلدة الخيام، تمكنت فرق البحث والإنقاذ المتخصصة التابعة للمديرية العامة للدفاع المدني، وبالتعاون والتنسيق مع الجيش اللبناني، من انتشال جثمان شهيد من تحت الأنقاض في الحي الشرقي للبلدة. وتم نقل الجثمان إلى مستشفى مرجعيون الحكومي. وستُستأنف صباح اليوم عمليات البحث والمسح الميداني الشامل في الموقع المذكور حتى يتم العثور على جميع المفقودين.
البناء:
صاروخان يمنيان الى تل أبيب ومطار بن غوريون… والملايين إلى الملاجئ
ترقب دولي وإقليمي وسوري لتركيبة مؤتمر الحوار الوطني وآلياته ومخرجاته
حزب الله: الانتهاكات في عهدة أطراف الاتفاق حتى اليوم 60 واليوم 61 يوم آخر
كتب المحرر السياسي
رغم الضربات التي تلقاها، ورغم المراقبة المشتركة الأميركية الإسرائيلية للأجواء اليمنية وأجواء البحر الأحمر، أطلق اليمن صاروخين بالستيين نحو عمق الكيان مستهدفاً العاصمة تل أبيب ومطار بن غوريون، وظهرت في الصورة المنقولة على وسائل التواصل الاجتماعي من هواتف المستوطنين أجسام الصواريخ الضخمة وقد وصلت الى الأرض، ما يطرح استفهامات كبرى على صدقية الكلام الإسرائيلي عن النجاح باعتراض الصواريخ، وكما في كل مرة أقفل مطار بن غوريون وهرع ملايين المستوطنين إلى الملاجئ.
في سورية إعلان عن انطلاق الخطوات العملية نحو عقد مؤتمر وطني جامع للحوار، قالت وسائل الإعلام القريبة من هيئة الحكم في دمشق إنه سوف يضمّ أكثر من ألف شخصية من كل المحافظات والأطياف، وإنه سوف ينبثق عنه مجلس استشاري يحل مكان مجلس النواب، وحكومة انتقالية تخلف الحكومة المؤقتة الحالية، ولجنة خبراء تتولى صياغة الدستور الجديد، بالإضافة لصياغة قواعد دستورية مؤقتة للمرحلة الانتقالية ورسم إطار لمفهوم الحريات السياسية والشخصية، ويحظى المؤتمر باعتباره أول خطوة سياسيّة بعد التغيير الذي شهدته سورية، باهتمام دولي وإقليمي وسوريّ داخلي، لمعرفة طبيعة التوازنات التي سوف يُسمح بوجودها في المؤتمر ليمثل المناخات المختلفة التي تعبر عن اتجاهات الرأي العام في سورية، كذلك لمعرفة مدى وجود آليات تصويت وتعديل في التوجّهات المرسومة مسبقاً للتوصيات والمخرجات، ومراقبة طبيعة هذه المخرجات، سواء الحكومة أو المجلس الاستشاري أو لجنة الدستور، والصفة الجديدة لرئيس الهيئة وصلاحياته المستقبلية بعد صفة قائد الإدارة الجديدة وصلاحياته المطلقة، وكيفية رسم هوية الجيش وبنائه الجديد.
لبنانياً، تحدّث العديد من مسؤولي حزب الله عن الانتهاكات الإسرائيلية، وكان أبرز الكلام ما صدر عن نائب رئيس المجلس التنفيذي الشيخ علي دعموش ونائب رئيس المجلس السياسي الوزير محمود قماطي، وعدد من نواب الحزب، وكان واضحاً أن الكلمات أجمعت على معادلة أن المقاومة تضع الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة والمتمادية لاتفاق وقف إطلاق النار بتصرف الشركاء في الاتفاق من حكومة وقيادة الجيش وقيادة اليونيفيل، وخصوصاً لجنة المراقبة والإشراف تحت سقف أن رد الاعتبار إلى التزامات الاتفاق هو من صلب مسؤوليتهم حتى نهاية مهلة الستين يوماً المحددة في الاتفاق لإنجاز الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية، وإن لم يتحقق ذلك فإن اليوم الواحد والستين هو يوم آخر، والمقاومة تعرف مسؤولياتها ولن تتأخر عنها.
فيما تترقب الأوساط السياسية تكثيف المشاورات السياسية الداخلية والحراك الدبلوماسي الخارجي على خط رئاسة الجمهورية، بقي الاهتمام الرسميّ منصباً على الخروق والاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان، وسط جهود حثيثة يبذلها رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة وقائد الجيش وفق معلومات «البناء» مع عواصم القرار لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا لوقف الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، تمهيداً لضمان انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي الكامل من جنوب لبنان ووقف الاعتداءات فور نهاية مهلة هدنة الستين يوماً، حرصاً على استمرار صمود الاتفاق ومنع انهياره، لأن لا ضمانات باستمرار لبنان وجيشه ومقاومته بالصمت وعدم الردّ على الاعتداءات الإسرائيلية المتمادية. وتوقعت مصادر معنية عبر «البناء» أن تنسحب القوات الإسرائيلية من الجنوب بعد نهاية مهلة الهدنة بموجب قرار دولي يفرض على كافة الأطراف الالتزام به لا سيما وأن لبنان التزم به وكذلك المقاومة، فيما يستكمل الجيش انتشاره في جنوب الليطاني وقوات اليونفيل وفق بنود الاتفاق.
وفي سياق ذلك، استقبل قائد الجيش العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة وزير الجيوش الفرنسي Sebastien Lecornu ووزير الخارجية الفرنسي Jean Noel Barrot مع وفد مرافق، وجرى البحث في الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، وسبل تعزيز علاقات التعاون بين جيشَي البلديَن، ومواصلة دعم الجيش في ظل الظروف الراهنة.
غير أن مصدراً معنياً في فريق المقاومة أوضح لـ”البناء” أن حزب الله ملتزم كافة بنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي يستند إلى مرجعية القرار 1701 وبالتالي لن ينزلق للاستفزازات الإسرائيلية واستدراجه للردّ ليشكّل ذريعة للعدو لاستكمال عدوانه الشامل على لبنان، لكن بعد نهاية مدة الهدنة فللمقاومة كلمتها ولن تتخلى عن مسؤوليتها وتصبح كلفة الحرب أقل من كلفة استمرار العدو بتحقيق بنك أهدافه من دون مقاومة مستغلاً وقف إطلاق النار من جانب واحد.
ورأى عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله “أن وبمعزل عن الانقسامات السياسية والخلافات في الداخل يفترض أن تكون مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية على بلدنا في إطار موقف وطني مسؤول، يتحمّل فيه الجميع مسؤوليّاتهم سواء الدولة أو الجهات الرسمية أو القوى السياسية لأن هذه القضيّة يجب أن تعني جميع اللبنانيين، ولأن الجنوب هو جزء من بلدنا، والكل يفترض أن يكون معنياً بالدفاع عن السيادة وحمايتها، وهذا يحتاج إلى موقف وطني”، معتبراً أن “ثبات المقاومة والجهد السياسيّ الذي قاده الرئيس نبيه بري بالتنسيق الكامل مع قيادة حزب الله، هو الذي أوصل إلى وقف إطلاق النار، الذي يلزم العدو بالانسحاب خلال مهلة 60 يوماً، دون أن يتضمن بنوداً تسمح للعدو بالقيام بما يريد من خروق واعتداءات يقوم بها، منذ إعلانه، على الأراضي اللبنانية وعلى الجنوب والقرى الحدودية”.
بدوره، أكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش، في لقاء الإعلان عن مراحل تنفيذ حملة “وعد والتزام” لرفع آثار العدوان الإسرائيلي، أن “مشروع “وعد والتزام” بدأ وبفضل التعاون وبالجهود سنتمكن من إنجازه”، مطمئناً “أهلنا أن التمويل اللازم لإعادة الإعمار والتعويض يتم تأمينه بشكل كامل”.
وقال دعموش إن التمويل اللازم لإعادة الإعمار والتعويض “يتم تأمينه بفضل الشعب الإيراني العزيز الذي أجمع بكل أطيافه على دعم الشعب اللبناني ولم يتخلّ عن مد يد العون… والشكر للإمام علي الخامنئي على اهتمامه بلبنان”، مضيفًا “الشكر موصول للعراق حكومة وشعباً وحشداً وعلى رأسه المرجعيّة الشريفة في النجف الأشرف والعتبات العراقية والإيرانية”.
وشدّد على أن “وعد شهيدنا السيد حسن نصرالله وخطط السيد هاشم صفي الدين والتزام أميننا العام كلها سيتمّ إنجازها لتعود منازلكم أجمل مما كانت”، وقال: “مهما قدّمنا لشعبنا فلن نفيَه حقه”. وتابع: “لكل الذين راهنوا على ضعف حزب الله وعجزه عن تعويض أهله فهو خاسر وخائب. وها هو حزب الله ينهض من بين الركام للملمة جراح شعبه وأهله”.
وقال: “لقد بقيت المقاومة في الميدان وفرضت على العدو أن يتراجع عن أهدافه الكبرى ولا يحقِّق أهدافه المرحلية بإعادة المستوطنين تحت النار، وعاد شعبنا رغم عظيم تضحياته مرفوع الرأس وهو على ثقة كاملة بمقاومته وبأنَّ هذه العودة ما كانت لتتمّ لولا صمود المقاومة ودماء شهدائها، لتنتصر من جديد إرادة البقاء في الأرض على إرادة التهجير وإرادة الحياة الحرَّة الكريمة على آلة القتل الإسرائيلية”.
وأكد دعموش أننا “باقون في أرضنا وثابتون عليها ومتجذّرون فيها تجذر الأرز في لبنان، وسنعيد إعمارها حتماً، ولا يمكن للعدو ولا لأحدٍ في هذا العالم أن يقتلعنا من أرضنا أو أن يلغي وجودنا فيها أو أن يضعفنا في بلدنا، ومن يراهن على ذلك، إنما يراهن على أوهام وتخيلات وأمانٍ لم تتحقق في الماضي ولن تتحقق في الحاضر ولا في المستقبل مهما كان حجم الكيد والتآمر والعدوان”.
من جهته، أشار نائب رئيس المجلس السياسي في “حزب الله” محمود قماطي، في حديث لـ”جورنالك الأخباري”، الى “من يأتي لمساعدة لبنان بشروط تمس المقاومة فلا نريد مساعدته ونرحّب بمن يساعد للوقوف الى جانب الشعب اللبناني”، مضيفاً “فلتفهم أميركا ومعها فرنسا أن خطوطنا الحمراء لن نسمح بخرقها وجاهزون لكل الاحتمالات”.
وتابع “إذا كنا اليوم صابرين فهو لأجل أهلنا والتزامنا بالكلمة التي أعطيناها لإفساح المجال أمام الوسطاء، فنحن التزمنا بالصبر 60 يوماً وفي اليوم الـ 61 يوم آخر والموضوع سيتغير وتصبح القوات الموجودة قوات احتلال وسنتعامل معها على هذا الأساس”.
وشدّد على أن “المقاومة حاضرة وجاهزة وقوية ومستعدة، والأميركي هرول لوقف الحرب بعد إصابة العدو الإسرائيلي إصابةً قاتلة”، مؤكداً أن “مخزون المقاومة الصاروخي وكل قدراتها لا تزال موجودة وبقينا نطلق الصواريخ لآخر لحظة من الحرب”.
وأشار الى أننا “صبرنا على الخروق لأجل البيئة التي عادت الى قراها في الجنوب واليوم هم يطالبوننا بالردّ على هذه الخروق، وبالنسبة للاتفاق إما أن يكون هناك التزام من الجميع وإما لا يكون هناك التزام من الجميع أيضاً”.
وأردف قماطي “بيئتنا تطالبنا بالتحرّك ومستحيل أن نسمح باحتلال الأراضي وبناء المستوطنات عليها ودون ذلك الدماء”، معتبراً أن “الكلام عن نزع السلاح يأخذ البلاد إلى الفوضى وبرنامجنا السياسي هو التلاقي والحوار”.
وكانت المديرية العامة للدفاع المدني قد أعلنت في بيان، أنه “في اليوم الخامس عشر من مواصلة عمليات البحث والمسح الميدانيّ الشامل للعثور على المفقودين جراء العدوان الإسرائيلي الأخير على بلدة الخيام، تمكّنت فرق البحث والإنقاذ المتخصّصة التابعة للمديرية العامة للدفاع المدني، بتوجيهات المدير العام للدفاع المدني بالتكليف العميد نبيل فرح، وبالتعاون والتنسيق مع الجيش اللبناني، من انتشال جثمان شهيد من تحت الأنقاض في الحي الشرقي للبلدة. تمّ نقل الجثمان إلى مستشفى مرجعيون الحكومي”.
وفي إطار حملة التهويل الإسرائيلي، زعم وزير حرب العدو الإسرائيلي يسرائيل كاتس “أن أي محاولة من جانب حزب الله للتعافي ستُقطع وأن الذراع الطويلة لـ”إسرائيل” ستعمل بكل الطرق لضمان أمن مواطنيها ونعمل على كل الجبهات الممكنة لتجفيف مصادر تمويل حزب الله الذي يحاول استعادة قدراته”.
على صعيد آخر، يرتقب أن يزور وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان السبت المقبل بيروت على أن يسبقه، كما يرجح، قبل يومين، مستشاره للشؤون اللبنانية يزيد بن محمد آل فرحان، ويليه مطلع الأسبوع المبعوث الرئاسي الأميركي أموس هوكشتاين، وربما أيضاً الموفد الفرنسي جان ايف لودريان، في إطار تزخيم المشاورات الرئاسية للتوصل الى توافق لانتخاب رئيس للجمهورية، ورجحت مصادر “البناء” أن يصار الى حسم الملف الرئاسي في جلسة 9 كانون الثاني، خصوصاً أن الرئيس بري مصر على عقد الجلسة في موعدها وثانياً عقد جلسات متتالية ودورات عدة مع الحفاظ على نصاب الثلثين وبالتالي على جميع الكتل تحمل المسؤولية”.
وأشارت وسائل إعلامية الى أن “السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري زار عين التينة الأسبوع الماضي والتقى الرئيس بري بعيداً من الإعلام ووُضعت الزيارة في إطار المعايدة بمناسبة الأعياد”، ولفتت الى أن “عضو كتلة القوات النائب بيار بو عاصي غادر الى السعودية موفداً من جعجع في زيارة استطلاع وتبادل أفكار وهو لا يزال هناك”، لافتةً الى أن “زيارة بو عاصي إلى السعودية هي تسويق لاسم جعجع رئاسياً واستطلاع رأي السعودية في مسألة ترشّحه قبل جلسة 9 كانون الثاني”.
كما استقبل الرئيس بري في عين التينة النائب سجيع عطية حيث جرى عرض للأوضاع العامة والمستجدّات السياسية وشؤون تشريعيّة.
أمنياً، قام مركز أمن عام كسروان برئاسة المقدم رنا عصفور بناء على قرار المدير العام للأمن العام بالانابة اللواء الياس البيسري، وبمؤازرة قوة من الأمن القوميّ في المديرية العامة للأمن العام جبل لبنان، بترحيل سوريّين عبر معبر العريضة كانوا قد أوقفوا أمس، في كسروان وصدر القرار بترحيلهم.
وفي الموازاة، أرجأ النائب العام لدى محكمة التمييز بالتكليف القاضي جمال الحجار “جلسة الاستماع إلى الشاعر المصري عبد الرحمن يوسف القرضاوي إلى حين وصول طلب الاسترداد من الدولة المصرية، على أن يُستمع إلى القرضاوي من قبل المباحث المركزية”.
المصدر: صحف
0 تعليق