"تريّث" المعارضة و"مفاجآت" باسيل... جلسة الخميس رهن التكهّنات؟! - جورنالك

0 تعليق ارسل طباعة

شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: "تريّث" المعارضة و"مفاجآت" باسيل... جلسة الخميس رهن التكهّنات؟! - جورنالك ليوم السبت 4 يناير 2025 05:35 صباحاً

صحيح أنّ عدد الأيام الفاصلة عن جلسة مجلس النواب المقرّرة يوم الخميس المقبل لانتخاب رئيس الجمهورية يضيق، إلا أنّ الصحيح أيضًا أنّ "الغموض" الذي يحيط بهذه الجلسة يرتفع أكثر فأكثر، في ظلّ غياب أيّ مؤشّرات تدلّ على أنّ التوافق وُضِع "على النار"، في مقابل إصرارٍ يعكسه معظم الأفرقاء والمعنيّين، على ضرورة أن تكون هذه الجلسة منتجة، وتفضي فعلاً إلى تصاعد الدخان الأبيض، بعد انتظار طال لأكثر من عامَيْن وشهريْن.

فقبل أيام من الموعد المحدّد للجلسة، لا تزال قوى المعارضة "تتريّث" في تحديد هوية المرشح الذي ستدعمه، وسط حديث عن تباينٍ في وجهات النظر في صفوفها، بين من يشجّع على التفاهم مع المعسكر المضاد على مرشح يصنّف "توافقيًا"، ومن يميل إلى تبنّي ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون بوصفه "الأوفر حظًا"، وقد كان "الحزب التقدمي الاشتراكي" سبّاقًا في تبنّي ترشيحه، ومن يفضّل الذهاب إلى خيارٍ مختلفٍ شكلاً ومضمونًا.

لعلّ هذا الخيار المختلف يمثّله رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الذي لا يريد إعلان دعم أيّ مرشح، بما في ذلك قائد الجيش، قبل "التثبّت" من حظوظه شخصيًا، وهو الذي يعتقد أنّ الفرصة التي يتيحها له الظرف الحالي "ذهبية"، وقد لا تتكرّر في المستقبل القريب أو البعيد، ولكنّه في الوقت نفسه، لا يريد "التسرّع" بإعلان ترشيحه، قبل ضمان الأكثرية المطلوبة، بما في ذلك أصوات "التيار الوطني الحر" برئاسة الوزير السابق جبران باسيل.

وقد يكون باسيل نفسه مهّد لمثل هذه الأجواء بتصريحه الصحفي الأخير، حين اختار جعجع على رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية وقائد الجيش جوزيف عون، بوصفه "من يمتلك الشرعية الشعبية"، وحين تحدّث عن "مفاجآت كثيرة" قد تحدث في الساعات الأخيرة قبل الجلسة الموعودة، فهل يمكن أن تكون "المفاجأة" بدعمه لترشيح جعجع مثلاً، ولو من باب "قطع الطريق" على قائد الجيش، كما قطع "التيار" و"القوات" الطريق على فرنجية سابقًا؟!.

حتى الآن، لا يزال مثل هذا الخيار مُستبعَدًا وفق ما يقول العارفون، فباسيل لم يقصد في تصريحه الأخير تهيئة الأرضية لـ"تفاهم معراب 2"، بقدر ما أراد التأكيد على المعايير التي ينطلق منها في رسم مقاربته للاستحقاق الرئاسي، والتي تدفعه إلى وضع "فيتو" على اسم كلّ من عون وفرنجية، بخلاف جعجع، الذي يبدي استعدادًا لدعمه انسجامًا مع المبدأ العام، ولكن بشرط "شبه تعجيزي"، وهو أن ينجح جعجع في أن "يجمع اللبنانيين"، وفق توصيفه.

يستدلّ العارفون على ذلك بأكثر من معطى، استنادًا إلى تصريح باسيل نفسه، فهو حين اختار جعجع للرئاسة، إذا ما خُيّر بينه وبين فرنجية وعون، حرص على التأكيد أنّه لن يوضع أمام هذا الخيار، على الرغم من كشفه أنّ موضوع انتخاب جعجع طُرِح فعلاً على "التيار"، بل "طُلِب منه"، وكأنه أراد أن يطوي صفحة هذا الطرح، على الرغم من قوله إنّه لا يتعاطى معه بسلبية، ولا يمانع المضيّ به قدمًا إذا كان جعجع قادرًا على الجمع، لا التفرقة.

وإذا كان هناك من يرى أنّ طرح دعم باسيل لجعجع غير واقعي، بالنظر إلى الخصومة الشديدة بين الرجلين، فإنّ هناك من يضفي عليه "واقعية"، انطلاقًا من "سابقة" دعم جعجع للعماد ميشال عون في الانتخابات الرئاسية الماضية، ويستحضر هؤلاء الكثير من أوجه الشبه، بدءًا من فكرة "التفاهم المسيحي" التي يصرّ عليها باسيل وجعجع، وصولاً إلى مبدأ "قطع الطريق" على الآخرين، من سليمان فرنجية سابقًا، إلى جوزيف عون حاليًا.

إلا أنّ هذا الرأي يصطدم برأي آخر، مفاده أنّ ظروف اليوم مختلفة عن ظروف الأمس، وأنّ باسيل ليس بوارد الذهاب إلى تجربة مشابهة لـ"تفاهم معراب"، علمًا أنّه يريد التفاهم مع جعجع، ولكن على مرشح "وسطيّ" بينهما، لأنّه يعتبر أنّ الأسباب الموجبة التي جعلته يتنحّى جانبًا على المستوى الشخصي ويعزف عن الترشح، تسري كذلك على جعجع، الذي يُصنَّف على أنّه مرشح تحدّ ومواجهة، في حين أنّ المرحلة الحالية تفترض الذهاب إلى مرشح مقبول من الجميع.

استنادًا إلى ما تقدّم، يمكن القول إنّ فكرة ترشيح باسيل لجعجع غير واردة، أقلّه حتى الآن، ولا سيما أن باسيل يبحث عن مرشح يتموضع "في الوسط"، إن صحّ التعبير، بين فريقي الممانعة والمعارضة، تمامًا كما يحاول التموضع هو في الآونة الأخيرة، لكن، هل يمكن الوصول إلى مثل هذا المرشح فعلاً، في ظلّ الرؤى المتباينة بين الطرفين، والوقت الضيّق الفاصل عن الجلسة، وما الذي تنتظره المعارضة عمليًا حتى ترسم "خريطة طريقها" الرئاسية؟!

يشدّد المحسوبون على المعارضة أنّ هذا "التريّث" ليس دليل ضعف، بل على العكس من ذلك، هو محاولة لعدم كشف كل الأوراق، وربما إحراقها، قبل الأوان، علمًا أنّ هؤلاء يشيرون إلى أنّ كلّ الخيارات تبقى واردة في مقاربة الاستحقاق، وأنّ جانبًا من هذا "التريّث" مردّه ترك الباب مفتوحًا أمام التوافق مع الطرف الآخر، طالما أنّه تراجع عن تمسّكه بترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، ولو أصرّ الأخير على البقاء "شكليًا" في المعركة حتى إيجاد "البديل".

في المقابل، ثمّة من يعزو الأمر إلى "انقسام" المعارضة على نفسها، منذ قرّر رئيس حزب "القوات" أن "يجرّب حظه" في الترشيح، وهو ما أثار "توجّسًا" لدى بعض حلفائه قبل خصومه، علمًا أنّ هناك من يفسّر مسارعة "الحزب التقدمي الاشتراكي" مثلاً إلى تبنّي ترشيح قائد الجيش، ما أدى إلى "إحراجه" مسيحيًا، في خانة "قطع الطريق" على جعجع في المقام الأول، وإرساء ديناميكية جديدة داعمة للعماد عون على حساب جعجع، بين قوى المعارضة نفسها.

ولا يبدو الأمر محصورًا بـ"الاشتراكي"، إذ تعتبر قوى معارضة أخرى أنّ ترشيح جعجع في هذا الظرف لا يخدم عمليًا مبدأ التوافق والتفاهم، كما أنه لا يلاقي المرونة "النسبية" التي أبداها الطرف الآخر، ولو لم يترجمها بسحب فرنجية رسميًا من السباق، وبين هؤلاء من يرى أنّ "الحكيم" تجاوز الكثير من الشخصيات الأساسية في قوى المعارضة، التي كانت قد تفاهمت على التنازل عن حقّها بالترشح، مقابل دعم شخصيات سيادية وسطية، إن جاز التعبير.

في كلّ الأحوال، وبعيدًا عن السجالات والمزايدات، يقول العارفون إنّ كل الاحتمالات تبقى واردة في جلسة الخميس، فالكثير من المعادلات يمكن أن تتغيّر في أيّ لحظة، تبعًا لارتفاع أو انخفاض أسهم هذا المرشح أو ذاك، وكذلك احتمال "هبوط" أيّ اسم في ربع الساعة الأخير، بدفع داخلي أو خارجي، من دون القفز فوق إمكانية "تأجيل" الجلسة إلى موعد آخر يصعب التكهّن به، وهو يبقى الاحتمال "الأرجح" حتى الآن، برأي كثيرين!.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق