أحلام مستغانمي في جلسة حوارية: صلة الحبر أقوى من قرابة الدم - جورنالك في السبت 07:08 صباحاً

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: أحلام مستغانمي في جلسة حوارية: صلة الحبر أقوى من قرابة الدم - جورنالك في السبت 07:08 صباحاً اليوم السبت 9 نوفمبر 2024 07:08 صباحاً

تواصلت فعاليات الدورة الـ43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب 2024 التي تستمر خلال الفترة من 6 إلى 17 نوفمبر الجاري بمركز إكسبو الشارقة، وشملت فعاليات متنوعة.

وفي ضوء اختيار المغرب ضيف شرف لنسخة هذا العام، يحتفي بيت الحكمة في إمارة الشارقة بجامعة القَرويين المغربية، أقدم جامعة في العالم ما زالت تمنح الشهادات التعليمية وفقاً لتصنيف موسوعة غينيس، وذلك من خلال تجربة شاملة تلقي الضوء على هذه المؤسسة العريقة ذات العطاء الموصول، وتبرز دورها الرائد في ترسيخ ونشر العلوم والمعارف لما يناهز 12 قرناً من الزمان.

يستعرض جناح بيت الحكمة جوانب مختلفة من تاريخ الجامعة منذ تأسيسها على يد السيدة فاطمة الفَهرِيّة في مدينة فاس عام 859م، وذلك ضمن ثلاثة أقسام رئيسية تستهدف توفير تجربة ثقافية شاملة لجمهور المعرض من الكبار والصغار ومحبي الثقافة العربية الأصيلة، حيث يستهل قاصدو الجناح زيارتهم من عند «خزانة القَرويين» العريقة التي تعد من أقدم الخزانات في العالم العربي والإسلامي، وتحتضن عدداً هائلاً يُقدر بالآلاف من نفائس المخطوطات القديمة.

يعرض هذا القسم نسخاً رقمية من أندر المخطوطات والكتب التي تزخر بها الخزانة، من بينها نسخة نادرة من القرآن الكريم تعود إلى القرن الثالث الهجري، منسوخة بالخط الكوفي العريض على رقّ الغزال؛ ونسخة من أقدم ترجمات الإنجيل إلى اللغة العربية مكتوبة بخط أندلسي عتيق.

وكذلك نسخة من «كتاب السير لأبي إسحاق الفزاري» تعود إلى القرن الثالث الهجري؛ ونسخة من كتاب «العِبر وديوان المبتدأ والخبر» للمؤرّخ والفيلسوف الاجتماعي ابن خلدون صنفتها اليونسكو ضمن التراث العالمي الإنساني؛ ونسخة من «كتاب الأخلاق» لأرسطو، بالإضافة إلى فهرس بالمخطوطات المتاحة في خزانة القرويين، وهو من مقتنيات دار المخطوطات بالشارقة.

بعدها ينتقل زوار الجناح إلى شاشة تفاعلية تعرض لهم معلومات تعريفية عن الجامعة تتضمن قصة تأسيس جامع القَرويين وتحوله إلى جامعة في القرن التاسع الميلادي، والساعة المائية التي تعد من أهم معالم الجامعة، وأبرز العلماء والمفكرين والفلاسفة الذين مروا من خلالها من مثل ابن خلدون وابن رشد وابن حزم والشريف الإدريسي وغيرهم.

وفي القسم التالي من الجناح، ينتقل الزوار إلى تجربة تفاعلية ثريّة عبر نظارة الواقع الافتراضي، تقدم بالتعاون مع مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) في المملكة العربية السعودية، حيث تتيح لهم نافذة بصرية يطلّون منها على جامعة القَرويين لمشاهدة جماليات عمارتها الإسلامية، وقبابها الخضراء، ومحرابها الخشبي العتيق، ونافورتها الدائرية التي تتوسط باحتها، وسقفها الموزع بين جزء مغطى وجزء مفتوح على السماء.

ويضم الجناح أيضاً ركناً للقراءة يتيح للزوار التوقف والتأمل في تجربة ثقافية تنسجم مع أجواء المعرفة التي تعم الجناح، وهناك أيضاً مساحة مخصصة لتشجيع الشباب على إعادة تصميم أغلفة الكتب القديمة بمفهوم عصري بالتعاون مع «هوية الشارقة»، وذلك بغرض تعريفهم بتراثنا الأدبي القديم، وتشجيعهم على إعادة إحياء تلك الكتب من خلال تصميم غلاف معاصر يرتقي لمضمونها.

وقالت مروة العقروبي، المديرة التنفيذية لبيت الحكمة: «يعد الاحتفاء بالصروح المعرفية والثقافية العريقة التي شكلت تراث وملامح حضارتنا العربية والإسلامية ضمن الأهداف التي يحرص عليها بيت الحكمة ضمن رؤيته الشاملة لتعزيز التفاعل مع الحراك الثقافي، وتقديم مساحة إثرائية لمجتمع القراء والباحثين.

ومن هنا جاءت مشاركتنا هذا العام في معرض الشارقة الدولي للكتاب لتعزز رسالته في اختيار المغرب ضيف شرف، عبر تسليط الضوء على جامعة القرويين التاريخية، وما قدمته من إسهامات جوهرية تجاه الحضارة الإنسانية على مدار 12 قرناً؛ فقد ظل عطاؤها موصولاً لا ينقطع في إرساء ونشر الفكر والعلوم والمعارف في أرجاء العالم العربي والإسلامي، وهو ما جعلها منارة تهوي إليها أفئدة العلماء والمتعلّمين من مختلف أنحاء العالم».

وبالتزامن مع فترة المعرض، ينظم بيت الحكمة ورشة متخصصة في صيانة وترميم المخطوطات على مدار ثلاثة أيام، تقدمها الدكتورة صباح البازي، رئيسة مصلحة الصيانة والتصميم بخزانة القرويين، وذلك بالتعاون مع معهد الشارقة للتراث. تتناول هذه الورشة العديد من المحاور من بينها التعريف بمبادئ ترميم المخطوطات؛ والعوامل المضرة والمؤثرة بصحة المخطوطات؛ وأهم التقنيات المستخدمة في عملية الترميم والمعالجة.

الشخصية الثقافية

وفي سياق الفعاليات، أكدت الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، شخصية العام الثقافية للدورة الـ43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، سعادتها بالمحبة الكبيرة التي كسبتها من جمهورها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أنها خلقت علاقة مباشرة بين الكاتب والقارئ.

وقالت: «كسبت الكثير من المحبة، وأتوقع أنني سأخلد في قلوب قرائي، لأنهم سيذكرون أنني أحببتهم بصدق ودون سؤال». لكنها في الوقت نفسه كشفت عن خسارتها الكثير من الكتب والراحة بسبب العالم الافتراضي، مشيرة إلى أن هذا العالم لم يعد يسمح لها بالكتابة بالنفس الطويل والمتواصل الذي أبدعت به «ذاكرة الجسد»؛ لأن الحياة مع وسائل التواصل أصبحت مختلفة تماماً عما كانت في السابق.

جاء ذلك في لقاء مع الكاتبة والروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، أجابت خلاله عن سؤال الجلسة «هل وسائل التواصل تخدم الإبداع أم تغتاله؟»، وحاورتها فيه الإعلامية الدكتورة بروين حبيب.

وفي حديثها عن العلاقة المتشابكة بين الإبداع والخصوصية، تطرقت الروائية أحلام مستغانمي إلى جانب آخر من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على حياتها الأدبية والشخصية؛ إذ أكدت قائلة: «أنشر ما هو في متناول الجميع، وأتحاشى الصور الاستعراضية التي تجعل قارئي يشعر باختلافي عنه، فالقارئ يحب كاتباً بالذات لأنه يشبهه لا لأنه يبهره، ذلك دور النجوم».

وأشارت إلى أن القارئ لا يرى دائماً الصورة بعين الكاتب، مستشهدة بصورة شاركتها من شرفة منزلها بإطلالة على البحر، فرأى القراء في ذلك المنظر محفزاً للإبداع، لترد قائلة: «الكاتب لا يحتاج إلى إطلالة على منظر جميل، بل إلى مكان يطلّ فيه على نفسه، يحتاج إلى نظرة صادقة في أعماق النفس، فأعظم الأعمال الإبداعية كتبت في السجون لأنها تأتي من تأمل الداخل».

وأضافت مستغانمي أن الكاتب في الماضي كان يحتفظ بمسافة مع قارئه، الذي لم يكن يهتم بالتفاصيل الشخصية، كالوضع المالي أو نمط حياة الكاتب، وهل هو يعيش ما يكتبه أم حياته تخالف كتاباته، مستشهدة برواية «البؤساء» التي لم يتدخل فيها القارئ بحياة فيكتور هوغو الذي كان ثرياً.

أما الآن، في زمن وسائل التواصل الاجتماعي فإن القارئ، كما عبّرت مستغانمي، «يتلصص ويتجسس، يريد أن يتأكد إلى أي حد يشبه الكاتب كتاباته» بعد أن أتاحت له وسائل التواصل اختراق خصوصيته، وإمكانية الحكم عليه مع كل منشور.

قرابة الحبر أقوى من قرابة الدم

وتحدثت مستغانمي عن أعظم مسؤولية يتحملها الكاتب، وهي كسب ثقة القراء، مشيرة إلى أنها تزن كلماتها بعناية وتفكر ملياً في خطواتها؛ لأن الثقة التي تُبنى عبر الزمن يمكن أن تُفقد في لحظة واحدة.

وأكدت عمق هذا التحدي قائلة: «أصعب شيء أن تكون عند حسن ظن الأموات، فالحي يمكنك أن تعتذر له، لكن من مات وأخطأت في حقه، لا يمكنك تصحيح خطأك معه». وأضافت: «إن احترام ذكرى الأموات من الكتاب الذين عرفناهم، وعدم استباحة إرثهم هو واجب أخلاقي».

وتطرقت مستغانمي إلى الجانب الإيجابي من تواجدها على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أتاح لها ذلك التعرّف على من تتوجّه إليهم بعد أن كانت تكتب سابقاً لقارئ مجهول، مما جعل «سجلها العائلي» الأدبي يضم الملايين، معتبرة أن «قرابة الحبر أقوى من قرابة الدم». إلا أن هذا القرب وهذه «القرابة» أوجدت لها واجبات جديدة؛ إذ يستنجد بها بعضهم لمشاركة تفاصيل مؤلمة وشخصية من حياتهم، فهي هنا لتقديم «الإسعافات الأولية» لمن يستنجد بها، برغم العبء النفسي الذي يتركه على حياتها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق