مؤشرات التفاؤل "تتراجع"... هل يخسر نواف سلام "رهانه"؟! - جورنالك

0 تعليق ارسل طباعة

شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: مؤشرات التفاؤل "تتراجع"... هل يخسر نواف سلام "رهانه"؟! - جورنالك ليوم الخميس 23 يناير 2025 05:35 صباحاً

منذ انتخاب رئيس الجمهورية جوزاف عون، ومن ثمّ تسمية رئيس الحكومة المكلّف نواف سلام، تسود الأجواء الإيجابيّة في الأوساط السياسية، باعتبار أنّ "رياح التغيير"، كما يحلو للبعض وصفها، هبّت على البلاد، لتطبع انطلاقة "عهد جديد" لا يشبه ما سبقه، ينسجم مع "خطاب القسم" الذي لبّى تطلّعات معظم اللبنانيين الطامحين إلى "الثورة" على النظام القائم، والذي جاء كلام سلام بعد تسميته "متناغمًا معه" إلى حدّ بعيد.

وعلى الرغم من "التحفّظات" التي أبدتها بعض القوى السياسية، ولا سيما "الثنائي الشيعي"، وتحديدًا "حزب الله" الذي خرج من بعبدا ليتحدّث عن تقسيم وتحريض وإقصاء، قبل أن يقاطع مع "حركة أمل" الاستشارات غير الملزمة في مجلس النواب، إلا أنّ مفعولها لم يدم طويلاً، مع ما أثير عن "ترميم الثقة" بينهما وبين رئيس الحكومة المكلف، الذي نجح في "تجاوز" ما صُنّف "اللغم الأول" أمامه، حتى بات "الثنائي" مطمئنًا له.

على امتداد كلّ هذه "الرحلة"، إن جاز التعبير، كانت أسهم التفاؤل ترتفع إلى حدّها الأعلى، لدرجة اعتقد كثيرون أنّ رئيس الحكومة المكلف سيكسر "الرقم القياسي" على مستوى سرعة تأليف الحكومة، ولا سيما أنّه يرغب بأن تبصر حكومته الأولى النور قبل نهاية الأسبوع الجاري، وبتعبير أدقّ، قبل "استحقاق" نهاية مهلة الستّين يومًا، المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، حتى تتعامل الحكومة مع أيّ مستجدات قد تطرأ.

إلا أنّ شيئًا ما حصل في اليومين الماضيين، لـ"تهبط" هذه الأسهم، أو تتراجع بالحدّ الأدنى، خصوصًا بعد زيارة رئيس الحكومة المكلف إلى بعبدا، والكلام الذي أطلقه بعدها، والذي وُصِف بـ"التصعيدي"، وقد بدا أنّه "يتنصّل" من خلاله من الكثير من التفاهمات، ويرفع "لاءات" في وجه الكثير من الأعراف التي لا يرغب بالاعتراف بها، فهل خسر سلام "رهانه" فعلاً على ولادة الحكومة سريعًا، أم أنّ "العُقَد" الطارئة قابلة للحلّ قبل نهاية الأسبوع؟!.

بالحديث عن "عقد" تأليف الحكومة، تحضر أولاً مواقف "الثنائي الشيعي"، ولا سيما حقيبة "المالية" التي يتمسّك بها، من باب ما يسمّيه بـ"التوقيع الثالث"، وذلك على الرغم من كلّ التسريبات التي تقاطعت على التأكيد بأنّ تفاهمًا قد تمّ مع رئيس الحكومة المكلف على أن تكون هذه الحقيبة تحديدًا في يد الشيعة، بل إنّ بعض الأسماء قد رُميت في "البازار"، من بينها اسم النائب السابق ياسين جابر، فهل سقطت هذه التفاهمات فعلاً؟!.

يقول العارفون إنّه من المبكر لأوانه الحديث فعليًا عن "سقوط التفاهمات"، باعتبار أنّ ما يريده رئيس الحكومة المكلف اليوم قبل الغد، هو تشكيل الحكومة، وهو يعرف أنّه يحتاج إلى وجود "الثنائي" في الحكومة، ولذلك فهو حرص منذ اليوم الأول على التعامل بكلّ ودّ وإيجابيّة مع ممثليه، بدءًا من "كلمة التكليف" في بعبدا، حين سعى إلى تبديد الهواجس التي عبّر عنها النائب محمد رعد من دون تسميته، وأكد رفضه لمنطق الإلغاء والإقصاء.

واستنادًا إلى ذلك، فقد تعامل رئيس الحكومة المكلف مع مطالب "الثنائي" بكلّ انفتاح، بما ذلك مطالبته بحقيبة المال، ولو أكد رفضه لتكريس أيّ أعراف غير دستوريّة، فهو كان يريد القول إنّ حصول "الثنائي" على هذه الحقيبة اليوم للاعتبارات المعروفة، كما أنّ حصول أيّ طرف آخر على أيّ حقيبة أخرى، لا يعني تكريس هذه الحقيبة لطائفة محدّدة، كما لا يعني أيضًا أنها ستكون "ممنوعة" على أيّ طائفة أخرى.

لكن، إذا كان سلام بانفتاحه على "الثنائي"، انطلق من "واقعية" حاجته إليه في الحكومة، بمهامها الاستثنائية، وميثاقيتها المطلوبة، فإنّ أداءه أثار "توجّس" معارضي "الثنائي"، الذين استغربوا هذا "التساهل" من جانب الرجل مع الفريق الذي لم يسمّه في الاستشارات، بل صوّب عليه، ولم يتأخّر جمهوره في "تخوينه"، في وقت كان الأوْلى به فرض شروطه ومعاييره على التأليف، ولا سيما أنّ المعادلات تغيّرت، و"الثنائي" اليوم ليس نفسه "الثنائي" أمس.

ويرفض هؤلاء تبرير هذه المعاملة "الاستثنائية" من باب أنّ وجود "الثنائي" ضروري في الحكومة، أولاً لأنّ "الميثاقية" يمكن أن تتأمّن بوجود الطائفة لا الأحزاب، وثانيًا لأنّ "الثنائي" هو من يحتاج أيضًا إلى أن يتمثّل في الحكومة في هذه المرحلة، وهو يدرك أنها مفصليّة، وثالثًا لأنه من يفترض به تقديم التسهيلات والتنازلات، علمًا أنّ ما رشح عن طريقة تعامله، وعن الاسم الذي اختاره لحقيبة المال، لا يبشّر بالخير، وفق هؤلاء.

عمومًا، وبمعزل عن حقيقة ما يُثار حول الحقائب الشيعية، وطريقة التعامل مع "الثنائي"، وتوجّس المعارضة ممّا تعتبره "تساهلاً مفرطًا" من جانبه، يجزم العارفون أنّ "العقد الحقيقية" في مكانٍ آخر، فالتمثيل المسيحي لم يُحسَم، في ظلّ الخلافات المتواصلة، وربما "النكايات"، بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، خلافًا لما يصدر في البيانات الرسمية، فيما التمثيل السنّي يبدو "عقدة العقد"، في ظلّ امتعاض غير خافٍ على أحد، من تكتل "الاعتدال" وغيره.

على المستوى المسيحي، يشير العارفون إلى أنّ العلاقة "الإشكالية" بين "التيار" و"القوات" لا تبدو غائبة عن "العقد"، ولو نفاها الجانبان، علمًا أنّ "التجاذب المستتر" حول حقيبة الطاقة مثلاً ليس مجرّد تفصيل في هذه المشهدية، تمامًا كمحاولة "القوات" فرض موقع "متقدّم" لها في المعادلة، من خلال التسريبات المستمرّة من أوساطها عن "حصّة" لها تصل إلى أربع حقائب، بينها حقيبة سيادية، وأخرى خدماتية، مقارنة بحقيبتين بالحدّ الأقصى لـ"التيار".

وعلى الرغم من أنّ "القوات" نفت أن يكون "كسر التيار" من ضمن أهداف مقاربتها الخاصة للاستحقاق الحكوميّ، فإنّ ثمّة من يشعر أنّ هذا الهدف موجود "ضمنًا"، علمًا أنّ أوساط "التيار" تقول صراحةً إنّه من غير المقبول أن يتمّ التعامل معها، كما يتمّ التعامل مع الفريق "الخاسر رئاسيًا"، في إشارة إلى "التيار الوطني الحر" تحديدًا، الذي بقي وحده خارج التسوية الرئاسية، وإن حاول "استلحاق نفسه"، إن صحّ التعبير، في موقع رئاسة الحكومة.

ولا تقلّ "العقدة" بالنسبة إلى التمثيل السنّي شأنًا عن ذلك المسيحي، في ظلّ ما يُحكى عن امتعاض لدى الكثير من النواب السنّة من طريقة إدارة الملف الحكومي، علمًا أنّ بعض هؤلاء رفعوا الصوت في اليومين الماضيين، خصوصًا المسحوبين على تكتل "الاعتدال"، ممّن اعتبروا أن رئيس الحكومة المكلف الذي سعى إلى "استرضاء" الثنائي الشيعي بكلّ ما أوتي من قوة، لم يجد حرجًا في "تجاوزهم" بكلّ بساطة.

في النتيجة، لا شكّ أنّ مؤشّرات التفاؤل التي ظهرت مع وصول رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف قد انخفضت في اليومين الماضيين، وهو ما ترجم بالخطاب "التصعيدي" نوعًا ما لسلام من قصر بعبدا، إلا أنّ المعنيّين يشدّدون على أنّ الأمور لم تصطدم بعد بالحائط المسدود، وأنّ العقد تبقى قابلة للفكفكة والحلّ، ولو أنّ "الرهان" على كسر الرقم القياسي وإنجاز التشكيلة هذا الأسبوع، يصبح أكثر صعوبة يومًا تلو آخر...

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق

انضم لقناتنا على تيليجرام