شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: قائد الجيش يتقدّم... هل يوافق جعجع وباسيل على تبنّي ترشيحه للرئاسة؟! - جورنالك ليوم الخميس 19 ديسمبر 2024 03:31 صباحاً
على الرغم من أنّ أقلّ من شهر يفصل عن موعد الجلسة النيابية المخصّصة لانتخاب رئيس الجمهورية، المجدولة في التاسع من كانون الثاني المقبل، وعلى الرغم من أنّ هذه المهلة تتزامن مع إجازة الأعياد التي يمكن أن تجمّد المشاورات السياسية إلى حدّ بعيد، فإنّ صورة هذه الجلسة لم تتبلور، وظروفها لم تنضج بعد، بغياب أيّ "بشائر" للتوافق المنتظر بين مختلف الكتل على المرشح الذي يمكن أن يكون مقبولاً من الجميع، أو بالحدّ الأدنى من أغلبية وازنة.
وإذا كان ثمّة انطباع بأنّ البحث "الجدّي" بالأسماء قد لا يحصل قبل ربع الساعة الأخير، وأنّ المشاورات الحقيقية مؤجّلة لما بعد رأس السنة، فإنّ هناك انطباعًا آخر بأنّ اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون هو الذي يتصدّر قائمة المرشحين، بعد سقوط المعادلات السابقة بمرشحيها المعروفين، وفي مقدّمهم رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، الذي اقتنع المؤيّدون له بتعذّر وصوله إلى قصر بعبدا، في ظلّ التركيبة الحالية لمجلس النواب.
وفي حين يحظى قائد الجيش بدعم واضح من قبل العديد من القوى السياسية، ولكن أيضًا من المجتمعين العربي والدولي، تُطرَح تساؤلات عن الموقف "الداخلي" منه، خصوصًا في ظلّ "الفيتو" الذي يرفعه رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل في وجهه، وعدم "الحماس" الذي يبديه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع له، وهو الذي يلوّح بترشيح نفسه، باعتبار أنّ الفرصة "الذهبية" التي تتوافر له اليوم، قد لا تتكرّر مستقبلاً.
وإلى موقف باسيل الرافض بالمطلق لقائد الجيش، وموقف جعجع غير المتحمّس له بالحدّ الأدنى، يضاف "الغموض البنّاء" الذي يعتمده "الثنائي الشيعي" إزاءه، والذي تتفاوت مؤشّراته بين الإيجابية تارة والسلبية تارة أخرى، ما يطرح السؤال: هل يمكن القول إنّ "معركة" إيصال قائد الجيش إلى قصر بعبدا قد بدأت فعلاً، وهل يوافق جعجع وباسيل على تبنّي ترشيحه في نهاية المطاف، بغياب "البديل" الذي يوافق عليه الجميع؟!.
في المبدأ، يقول العارفون إنّ كلّ المؤشرات حتى الآن توحي أنّ اسم قائد الجيش هو الذي يتصدّر السباق الرئاسي، بغضّ النظر عن كلّ العقبات التي لا تزال تعطّل طريقه إلى بعبدا، وبينها ما هو دستوري، ربطًا بالحاجة لتعديل الدستور في سبيل انتخابه، طالما أنّه لا يزال على رأس المؤسسة العسكرية، وكذلك ما هو سياسي، ربطًا بعدم تبنّي ترشيحه حتى الآن من قبل قوى سياسية وازنة في الداخل، بما في ذلك "الثنائي الشيعي" و"التيار الوطني الحر".
وفي هذا السياق، ثمّة من يتحدّث عن "تقاطع محتمل" بين هذه القوى، وخصوصًا "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" لقطع طريق قصر بعبدا على قائد الجيش، علمًا أنّ لقاءً سُجّل بين الجانبين في الأيام القليلة الماضية، ووُصِف بـ"الإيجابي"، وقد جاء لينهي ما يشبه "القطيعة" بين الفريقين، أو بالحدّ الأدنى "النفور" الذي تعزّز خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، بعدما أطلق باسيل مواقف مناوئة لـ"جبهة الإسناد"، ملمّحًا إلى "توريط" لبنان بحرب لا ناقة له فيها ولا جمل.
على الرغم من ذلك، يقول العارفون إنّ حظوظ قائد الجيش الرئاسية تبقى الأعلى، حتى إثبات العكس، علمًا أنّ اسمه متداول بصورة أو بأخرى منذ فتح "البازار الرئاسي"، إلا أنّ المعادلات المستجدّة التي فرضتها المتغيّرات التي أحدثتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة رفعت أسهمه إلى المستوى الأقصى، ولا سيما أنّ الدور الذي سيقع على عاتق الرئيس العتيد في بلورة "اليوم التالي" للحرب، سيكون أساسيًا وجوهريًا، وقد يكون عون الأصلح للعبه في هذه المرحلة.
ويقلّل هؤلاء من "العقبة الدستورية" المطروحة في وجه انتخاب قائد الجيش، ليس فقط لأنّ الدعم الخارجي الذي يحظى به كفيل بإزالة كل الحواجز، ولو أنّ ذلك يبقى معلّقًا بانتظار تنسيق مطلوب مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، علمًا أنّ هناك من يشير إلى "سوابق عدّة" في هذا المجال، منها انتخاب الرئيس السابق ميشال سليمان، بموجب اجتهاد دستوري بدل التعديل، يمكن أن ينطبق هذه المرّة أيضًا، مع احتمال الذهاب إلى تعديل دستوري أيضًا، إذا ما توافر الإجماع.
تبقى "العقبة" الأهمّ مرتبطة بمواقف الأغلبية النيابية، ولا سيما موقف "الثنائي المسيحي"، أي باسيل وجعجع، علمًا أنّ موقف الأول "محسوم" برفض انتخاب قائد الجيش رئيسًا للجمهورية، في ظلّ العلاقة الشخصية "السيئة" بينهما، منذ احتجاجات 2019 التي اعتبر باسيل أنّها استهدفته شخصيًا، في حين يبدو موقف الثاني أكثر "مرونة"، ولو أنّه يميل إلى مرشح أكثر "صدامية" ربما، من نوع جعجع نفسه، وإن كان التلويح بترشيحه محصورًا حتى الآن في خانة "الضغط".
بالنسبة إلى باسيل، يقول العارفون إنّ الأخير "حاسم" في موقفه، وهو سيعتبر انتخاب قائد الجيش رئيسًا، وبقاء نجيب ميقاتي رئيسًا للحكومة، وفق السيناريو المتداول، بمثابة "هزيمة" لخطه السياسي، خصوصًا أنّه خاص "معركة شخصية" ضدّ عون وميقاتي، منذ ما قبل انتهاء "عهد" الرئيس السابق ميشال عون، وهو يحذر من أنّ الذهاب إلى مثل هذه الحالة سيشكّل "مخالفة قانونية ودستورية" لا يجوز أن تمرّ.
لهذه الأسباب، يقول العارفون إنّ باسيل باشر بالتواصل مع مختلف الأطراف من أجل البحث بسيناريوهات "بديلة"، وهو يعتقد أنّ الاحتضان الخارجي الذي يحظى به عون لا يجد "ترجمة" حتى الآن في الداخل، وهو يسعى للوصول إلى تقاطع يقطع عليه الطريق، سواء مع "حزب الله"، أو حتى مع "القوات اللبنانية"، وإن لم يصل حتى الآن إلى اسم يمكن أن يشكّل نقطة وصل، رغم أنّ الأسماء التي يطرحها تتلاقى على كونها "مستقلة".
على ضفة جعجع في المقابل، تبدو الأمور أكثر "ليونة" وفق العارفين، ولو أنّ رئيس حزب "القوات" الذي كان أساسًا أول من طرح إمكانية دعم عون، قبل فتح "البازار الرئاسي"، يعتقد أنّ تغيّر المعادلات بعد الحرب الإسرائيلية، يفرض تغيّرًا في المقاربة والذهنية التي يُدار الاستحقاق الرئاسي من خلالها، وهو لذلك يلوّح بترشيح نفسه، باعتبار أنّ فرصة المعارضة اليوم بإيصال مرشّح يمثّلها بالمباشر، لا تعوَّض.
وإذا كان هناك في "القوات" من يذهب لحدّ عدم ممانعة تأجيل الجلسة بضعة أيام، إن كان ذلك يمكن أن يرفع أسهم جعجع أو غيره، فإنّ العارفين يشيرون إلى أنّ "القوات" لن تقف عائقًا أمام انتخاب قائد الجيش رئيسًا في حال تقاطعت المعارضة عليه، ولا سيما أنّ المواصفات والشروط التي سبق أن وضعتها "القوات" لأيّ مرشح، تنطبق على العماد جوزيف عون، حتى لو أنه "لم يُختبَر" في السياسة كما يقول بعض القياديّين "القواتيين".
يقول البعض إنّ جوزيف عون قد يكون المرشح "الأمثل" للرئاسة في هذه المرحلة، إذ إنّ اسمه قد يشكّل "ضمانة" للخارج، في ظلّ الدور المطلوب من الرئيس لمواكبة ترتيبات ما بعد انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، فيما يرى البعض الآخر أنه لا يزال يفتقد إلى "المظلة السياسية الداخلية"، وهي الأساس. وبين هذا وذاك، يبقى الثابت أنّ انتخاب الرئيس هو المحسوم، بغضّ النظر عن هويته، التي قد لا تتكشّف سوى في اللحظات النهائية!.
0 تعليق