شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: أعمال الرحمة! - جورنالك ليوم السبت 28 ديسمبر 2024 08:48 صباحاً
إن المقالات المنشورة في خانة "مقالات وآراء" في "جورنالك الاخباري" تعبّر عن رأي كاتبها، وقد نشرت بناء على طلبه.
يأتي موسم الميلاد حاملًا معه أجواء الفرح والمحبة، وفي طيّاته أفعال الرحمة وأعمال الخير. يتسابق الخيّرون في مساعدة المحتاجين والفقراء والمشرّدين، فيتّحد الجميع في هدفٍ نبيل لتخفيف آلام المحتاجين وإضفاء البهجة على قلوب المحزونين. فمنذ أن تجسّد الكلمة وصار إنسانًا، صار العطاء صدى لمحبة الله غير المحدودة ووسيلة للاقتراب من جوهر الرسالة المسيحية.
تتنوع مبادرات الخير في هذا الزمن المبارك؛ من جمعيات خيرية، ورعايا كنسية، وأفراد يجدّون في تقديم الهدايا للأولاد والمساعدات للمحتاجين، إلى حملات تضفي الدفء على قلوب المحزونين والمشرّدين. وتساهم التغطيات الإعلامية في تسليط الضوء على هذه الأعمال، ما يشجع الكثيرين على المساهمة.
لكن، في خضمّ هذا النشاط المبارك، قد يتحوّل بعض هذا العمل إلى استعراض إعلامي أو وسيلة لكسب المديح، فأحيانًا ننسى، في خضم التنافس على فعل الخير، ما أوصانا به السيد المسيح في إنجيله المقدّس قائلًا: "وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً، فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ" (متى 6: 3).
لا يعني هذا أن نحجم عن العطاء إن كان مكشوفًا للعيان، بل أن يكون العطاء موجهًا لله وحده. يقول القديس بولس: "كُلُّ وَاحِدٍ كَمَا يَنْوِي فِي قَلْبِهِ، لَيْسَ عَنْ حُزْنٍ أَوِ اضْطِرَارٍ، لأَنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُعْطِيَ الْمُتَهَلِّلَ" (2 كورنثوس 9: 7). فالعطاء المتهلل هو ذبيحة حب تُسرّ قلب الله، وهو فعل عبادة يحمل معه بَركة تُثمر في الحياة الأبدية. العطاء في الخفاء هو ما يباركه الرب، لأنه يخرج من قلبٍ نقيّ يُريد وجه الله وحده. فالعطاء، في جوهره، هو حركة قلب نحو الله ونحو الإنسان. ليست الصدقة مجرد عمل ظاهري يُشبع حاجات الآخرين، بل هي تعبير صادق عن محبة صامتة لا تنتظر جزاءً. فاليمين، التي ترمز إلى البَركة والطاعة، ينبغي أن تعمل دون أن تلتفت إليها الشمال، التي ترمز إلى كسب المديح والمجد الباطل.
لنحذر أن تتحوّل أعمال الرحمة إلى وسيلة استعراض، فتفقد رونقها وتبتعد عن غايتها. فلنتذكّر أن المعطي الحقيقي هو الله، وأننا مجرد وكلاء أمناء على نعمته. عندما نعطي في الخفاء، يظهر وجه المسيح المتجسّد في أفعالنا، ونشهد عمليًا لرسالته على الأرض.
ختامًا، ليكن كل عطائنا امتدادًا لميلاد المسيح في قلوبنا، فلا يعكس إلا محبته ورحمته. ولنتذكر أن الرحمة التي تُقدَّم بمحبة خالصة تعود إلينا ببركات مضاعفة، هنا على الأرض وفي ملكوت السماوات، هكذا تتحوّل أعمالنا إلى بَركة تمتد لتُثمر خيرًا لنا وللآخرين.
0 تعليق