في تطور علمي بارز، تمكن علماء الفلك من كشف أسرار إشارة راديوية غامضة قادمة من أعماق الفضاء، كانت قد أثارت اهتمامًا عالميًا في عام 2022.

الإشارة، التي استمرت لجزء من الثانية فقط، تفوقت في طاقتها بشكل لحظي على مجرات بأكملها، مما دفع البعض للاعتقاد بأنها قد تكون رسالة من حضارة فضائية متقدمة، وفقا لصحيفة ديلي ميل.

لكن فريقًا من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أكد أن مصدر هذه الإشارة، المعروفة باسم "انفجار راديوي سريع" (FRB)، هو نجم نيوتروني دوار محاط بمجالات مغناطيسية هائلة، هذه المجالات، التي تعرف بالغلاف المغناطيسي، تحتوي على طاقة تكفي لإنتاج هذه الانفجارات القوية.

مصدر الإشارة الغامضة

النجوم النيوترونية، وهي بقايا كثيفة لنجم ميت، تعد من أكثر الأجسام تطرفًا في الكون. رغم صغر حجمها الذي لا يتجاوز بضعة أميال، فإنها تحتوي على مادة تفوق كتلتها ضعف كتلة الشمس، ولعل كثافة هذه النجوم مذهلة لدرجة أن ملعقة صغيرة من مادتها تزن مليارات الأطنان على الأرض.

الإشارة المرصودة، التي أطلق عليها العلماء اسم FRB 20221022A، انطلقت من منطقة صغيرة للغاية لا يتجاوز عرضها 10 آلاف كيلومتر، هذه المسافة، التي تعادل المسافة بين إدنبرة وكيب تاون، تعد إنجازًا علميًا مذهلاً بالنظر إلى أن مصدرها يبعد 200 مليون سنة ضوئية.

دليل جديد

من خلال تحليل وميض الإشارة، الذي يشبه لمعان النجوم عند رصدها من الأرض، حدد العلماء أنها جاءت من موقع قريب جدًا من النجم النيوتروني، على بعد مئات الآلاف من الكيلومترات فقط، هذا الاكتشاف يعزز فرضية أن الطاقة التي أطلقت الإشارة نشأت من الاضطرابات في الغلاف المغناطيسي المحيط بالنجم.

منذ اكتشاف أول الانفجارات الراديوية السريعة في عام 2007، حيرت هذه الظاهرة العلماء بسبب طبيعتها العشوائية والقصيرة، على الرغم من تعدد النظريات، مثل ارتباطها بالثقوب السوداء أو النجوم النابضة، لم يتم تحديد أصلها بدقة إلا مؤخرًا.

الباحثة الرئيسية، الدكتورة كينزي نيمو، أشارت إلى أن المجالات المغناطيسية المحيطة بالنجوم النيوترونية تُعد من أقوى البيئات التي يمكن أن يخلقها الكون، مما يجعلها بيئة مثالية لتوليد هذه الانفجارات الغامضة.

بالإضافة إلى فك لغز الانفجارات الراديوية السريعة، يمكن استخدام هذه الانفجارات لدراسة بنية الكون وتطوره، إذ تعمل كمسبار لفهم المواد الكونية، مثل المادة المظلمة والطاقة المظلمة، وتسهم في حل ألغاز نشأة الكون.

هذا الاكتشاف يمثل خطوة كبيرة في فهم الظواهر الكونية المعقدة، ويفتح الباب أمام مزيد من الأبحاث لاستكشاف أسرار الكون العميقة.