سوريا: تفخيخ التربية على خلفية تطهيرها من الأسد - جورنالك

0 تعليق ارسل طباعة

شكرًا لمتابعتكم، سنوافيكم بالمزيد من التفاصيل والتحديثات الاقتصادية في المقال القادم: سوريا: تفخيخ التربية على خلفية تطهيرها من الأسد - جورنالك ليوم الاثنين 6 يناير 2025 03:35 صباحاً

على امتداد تاريخ الاتحاد السوفياتي السابق، بين عامي (1922-1991 م.)، قمعت السلطات السوفياتية واضطهدت مُختلف أشكال المسيحية بدرجات مُختلفة، تبعا لحقبة مُحددة. والسياسة السوفياتية المُعتمدة على الأيديولوجية الماركسية اللينينية، جعلت الإلحاد المذهب الرسمي للاتحاد السوفياتي... وقد كانت "الدولة" مُلتزمة بهدم الدين، إذ دمرت الكنائس والمساجد والمعابد، وسَخِرت من القيادات الدينية وعرضتهم للمُضايقات ونفذت بهم أحكام الإعدام. كما وأغرقت المدارس ووسائل الإعلام بتعاليم الإلحاد... غير أنها اعترفت أخيرا بفشلها في استئصال الدين، وبالأخطار السياسية من اندلاع حرب ثقافية لا هوادة فيها.

وبعد نيف وقرن، ها هي الحكومة السورية، "تتطاول على مناهج التعليم"، وتُدخل تعديلات "صادمة" على المناهج الدراسية السورية، بحسب "التجمع المدني الديمقراطي"، و"قوى ثورية" من محافظة السويداء، بذريعة تطهير المناهج من نظام آل الأسد ودعايتهم...

وجاء في بعض الصفحات على وسائل التواصُل الاجتماعي في سوريا، بداية العام 2025، أن "التجمع" و"القوى الثورية" يدعوان إلى إقالة وزير التربية وكل "الفريق الذي تطاول على مناهج التعليم".

أضاف البيان: "لسنا ضد حذف كل ما يمت بصلة إلى النظام المجرم المخلوع. ولكن تزوير التاريخ وتديين المناهج، وإثارة النعرات الطائفية بوصف الأديان غير الإسلامية بأنهم ضالون، كل هذا مرفوض، ويُهدد بناء المُجتمع والدولة. وبعد الاقالة نُطالب برفع دعاوى قانونية ضدهم، لأنهم تعدوا صلاحياتهم كحكومة مُوقتة".

فهل تعود حكومة أحمد الشرع، وتعترف ذات يوم، بفشلها في "تزوير" التاريخ و"تديين" المناهج، وبالأخطار السياسية المُهددة لبناء المُجتمع والدولة؟. وتاليا، كيف ستكون نتائج "حرب الردة الشرعية" المزعومة، في الميدان التربوي؟. وهل تكون التربية عصية، في كُل الظُروف والأوقات، على التلاعُب الثوري بها، إلحادا أو تشددا؟. وهل الفشل في استِئصال الدين في الاتحاد السوفياتي السابق، سيُقابله، بعد نيف وقرن، فشل في فرض الدين الواحد، في سوريا، على أطياف المُجتمع، بدءا بالتربية؟.

لا شك أن النظام السياسي، يُؤدي دورا مهما في تشكيل أُصول التربية. فما يحتويه هذا النظام من قيم، وما يُؤكده من اتجاهات، وما يتبناه من أهداف، يرى أن سبيلها إلى التجسيد في الواقع الاجتماعي، يتحقق عن طريق تربية الأجيال المُختلفة من أبناء المُجتمع.

ولا شك أيضا، أن الأصل في التربية، أنها سياسة الدولة في إنتاج مُواطنيها، بحسب مُواصفات معينة. ولذلك تُريد من التربية أن تنقل فكر الدولة إلى الأجيال. كما وتُريد نقل تقاليد المُجتمع وتُراثه، ليُحافظ على هُويته ووحدته!.

فالتربية إذا، إنما هي مُؤسسة سياسية لها أغراضها وغاياتها.

تَبرير وَزير التَّربيَة

التعديلات "الصادمة" التي أُجريَت على المناهج الدراسية السورية، حاولت السلطات التهدئة حيالها.

ولكن أثارت التعديلات على بعض المواد التعليمية، جدلا واسعا في أوساط ناشطين، في حين أعلن وزير التربية، أن تلك التغييرات تهدف فقط إلى حذف "ما يُمجد النظام السابق"، وكذلك حذف "معلومات مغلوطة" في شرح آيات قرآنية.

غير أن أكثر ما أثار الجدل تعلق بمواد عملية وتاريخية وليست دينية.

فقد نشرت صفحة الوزارة على موقع "فيسبوك"، تعديلات على عدد من المواد الدراسية تضمنت عبارات طلبت إلغاءها وأخرى استبدالها.

ومن التعديلات: إلغاء قصائد مرتبطة بالنساء والحُب، وقصائد الغزل، ونص عن "دار الأُوبرا"، وكلمات مُتعلقة بالمُعتقدات الدينية في التاريخ القديم، وإلغاء نُصوص من المناهج عن ملكة تدمر زنوبيا، وقصة خولة بنت الأزور.

وكذلك حُذف كُل توصيف سلبي للدولة العُثمانية. كما وحُذفت النُصوص الخاصة بإعدامات 6 أيار 1916 (يُعرف بعيد الشُهداء في سوريا ولبنان).

وكذلك أُلغيت عبارات أو مقاطع مُرتبطة بالدعاية للحُكم السابق، منها على سبيل المثال "حذف نشيد النظام" من أحد كتب اللُغة العربية، في إشارة إلى النشيد الوطني.

وفي رد على الانتقادات، أعلن وزير التربية في الإدارة الجديدة، نذير القادري، في بيان نُشر عبر تطبيق "تلغرام"، أن "المناهج الدراسية في كُل مدارس سوريا، ما زالت على وضعها حتى تُشَكَل لجان اختصاصية لمُراجعة المناهج وتدقيقها".

أضاف "وجّهنا فقط بحذف ما يتعلق بما يُمجد نظام الأسد البائد، واعتمدنا صور علم الثورة السورية بدلا من علم النظام (...) في كُل الكتب المدرسية".

وأوضح أن "ما تم الإعلان عنه هو تعديل لبعض المعلومات المغلوطة التي اعتمدها نظام الأسد (...) في منهاج مادة التربية الإسلامية، مثل شرح بعض الآيات القُرآنية بطريقة مغلوطة". وتابع: "اعتمدنا شرحها الصحيح كما ورد في كتب التفسير للمراحل الدراسية كافة".

وكان الوزير أعلن، بحسب بيان نشر على صفحة وزارته على "فيسبوك": "إلغاء مادة التربية الوطنية الحالية من المناهج الدراسية والامتحانات لهذا العام، نظرا إلى ما تحتويه من معلومات مغلوطة، تهدف إلى تعزيز الدعاية لنظام الأسد المخلوع وترسيخ قواعد حزبه".

ومن التربية ستمضي سوريا "الجديدة" إلى الإعلام، في ما يبدو أنه عُنوان المرحلة المُقبلة من رياح التغيير، فهل من تغيير صادم، يُماشي التعديلات الصادمة التي أُجريَت على المناهج الدراسية؟.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق