الصحافة اليوم: 16-12-2024 - جورنالك

0 تعليق ارسل طباعة

نقدم لكم زوارنا الكرام أهم وآخر المستجدات كما وردت في المقال التالي: الصحافة اليوم: 16-12-2024 - جورنالك اليوم الاثنين 16 ديسمبر 2024 05:12 صباحاً

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 16-12-2024 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.

الاخبار:

صحيفة الاخبارالنزوح يضاعف عدد سكان الهرمل

في غياب تام للدولة وأجهزتها الأمنية والإغاثية والصحية، تواجه مدينة الهرمل وقراها كارثة إنسانية تهدّد بانفجار اجتماعي وصحي وأمني، بعدما استفاق سكانها، قبل أسبوع، على تدفّق عشرات آلاف النازحين اللبنانيين والسوريين إلى مدينتهم عقب سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في دمشق.
وحتى الخميس الماضي، بلغ عدد النازحين من مدينة حمص السورية وقرى ريفها الغربي إلى مدينة الهرمل وقراها في أقصى البقاع الشمالي نحو 62 ألفاً، بما يفوق عدد السكان البالغ نحو 55 ألفاً، إضافة إلى نحو 350 عائلة سورية تقيم في المنطقة منذ بدء الأحداث السورية عام 2011.
فجر السابع من كانون الأول الجاري، مع سقوط مدينة حمص وريفها في أيدي مقاتلي المعارضة المسلحة، بدأ سيل لم يتوقّف من النازحين من الأراضي السورية نحو الأراضي اللبنانية. مئات الجرّارات الزراعية والـ«بيكابات» والدراجات النارية وسيارات التاكسي الصفراء حملت آلاف العائلات التي خرجت ليلاً بـ«الثياب اللي عليها»، من قرى ريف القصير وريف حمص ومن مدينة حمص نفسها، خشية تعرّضها لعمليات انتقامية على أيدي مسلحي المعارضة السورية. أما من بقوا، بعد التطمينات التي أعطتها هيئة تحرير الشام، الفصيل السوري الأكبر، بعدم التعرض للأقليات، فسرعان ما التحقوا بمن سبقهم، بعدما اجتاح مسلحون القرى والبلدات والمزارع في ريف حمص الغربي طالبين من أهلها الرحيل، قبل أن ينهبوا منازلهم ومحالّهم ومصالحهم ومواشيهم ويضرموا النار في المنازل والأشجار والبساتين.
نحو نصف النازحين هم من الشيعة السوريين، فيما النصف الآخر (أكثر من 30 ألفاً) هم لبنانيون يقيمون في نحو خمسة آلاف وحدة سكنية في 33 قرية ومزرعة داخل الحدود السورية، وتعود ملكياتهم إلى نحو 400 عام قبل وجود سوريا ولبنان.

مخاوف من كارثة صحية مع نقص الغذاء والدواء… وتسجيل إصابات بالجرب والسلّ

ووفق آخر إحصاء أُجري الخميس الماضي، بلغ عدد الأسر النازحة 12329 (نحو 62 ألف شخص)، نزلت 5224 عائلة منها (نحو 25 ألفاً) في 109 مراكز إيواء (مساجد وحسينيات وقاعات)، وبلغ عدد الأسر في المنازل نحو 7105 (نحو 37 ألفاً). الثقل الإغاثي في هذا الملف مُلقى بالكامل على حزب الله، وباستثناء جهود ضخمة لجمعية «وتعاونوا» التي توزّع مساعدات إغاثية، إلى جانب «جمعية الدراسات اللبنانية»، وإرسال مؤسسة «عامل» عيادتين نقّالتين هذا الأسبوع وتحضيرها لإرسال قافلة مساعدات صحية، لا أثر للمفوّضية العليا لشؤون النازحين أو أي جمعية دولية أو محلية أخرى. وباستثناء زيارة يتيمة وقصيرة لوزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار السبت الماضي، لا وجود لأي نشاط حكومي، بينما الهيئة العليا للإغاثة في «كوما»، ولم ترَ الحكومة حاجة إلى عقد اجتماع طارئ لبحث الأزمة التي بدأت تنذر بمخاطر معيشية وصحية وأمنية تحتاج إلى مقدرات ضخمة لمواجهتها على كل الصعد.
على صعيد الإيواء، لا تزال عشرات العائلات تفترش الطرقات أو «تسكن» في الشاحنات والجرارات والـ«ميكروباصات»، في منطقة تلامس درجة الحرارة الصفر فيها هذه الأيام. فيما مراكز الإيواء المفتوحة تفتقد إلى كثير من المستلزمات كونها غير مجهّزة لاستيعاب أعداد ضخمة. ففي أحد المجمّعات الدينية، مثلاً، يقيم 2000 شخص يتناوبون على أربع حمامات فقط غير مزوّدة بالمياه الساخنة وغير مُهيّأة أساساً لاستخدامها للاستحمام. كما أنها غير مزوّدة بخزانات مياه كافية لهذه الأعداد الضخمة من الناس، فضلاً عن نقص الكهرباء والتدفئة. كما أن النقص الكبير في مواد التنظيف وحليب الأطفال والحفاضات والمستلزمات النسائية بات يهدّد بانتشار الأمراض وبكارثة صحية.

عدد النازحين الجدد في مدينة الهرمل وقراها تجاوز عدد السكان

وقد رُصدت بالفعل حالات جرب الأسبوع الماضي، إضافة إلى تسجيل حالة إصابة بالسلّ أمس، فضلاً عن نقص كبير في أدوية الأمراض المزمنة، علماً أن المدينة تضم مستشفى حكومياً وثلاثة مستشفيات خاصة لا يزيد عدد أسرّتها جميعاً على المئة، عليها أن تخدم حالياً أكثر من 120 ألف نسمة. ويُقدّر عدد الحالات التي تقصد أحد هذه المستشفيات يومياً بنحو 900، فيما هناك حاجة ماسّة إلى تحرك وزارة الصحة لتغطية نقص الأدوية وإيجاد طريقة لتغطية كلفة الاستشفاء خصوصاً للمرضى الذين يحتاجون إلى غسل الكلى.
على الصعيد الغذائي، هناك حاجة ماسّة إلى إقامة مطابخ مركزية وفرعية لتأمين وجبات للنازحين في ظل نقص كبير في الغذاء يواجهه هؤلاء. فرغم الجهود الضخمة التي يبذلها المعنيون يجري توزيع ما معدّله 4500 ربطة خبز يومياً على أكثر من 12 ألف عائلة بمعدّل ربطة لكل ثلاث عائلات، علماً أن معظم النازحين أساساً هم من الفقراء الذين لم يحملوا معهم أي أموال تساعدهم على مواجهة أعباء النزوح، فيما من حمل منهم أموالاً يجد صعوبة في تصريفها، أو يصرّفها بأقل بكثير من قيمتها بسبب المخاوف من إقدام الحكم الجديد في سوريا على وقف التداول بالعملة الحالية.
أمنياً، تجزم مصادر متابعة بأن المؤسسة العسكرية، منذ سقوط النظام السوري، لم تجر أي عملية إعادة انتشار ولم تزد أي نقطة على طول الحدود اللبنانية – السورية. كما أن لا وجود للجيش لحفظ الأمن داخل مدينة الهرمل ولا حول مراكز النزوح، رغم تضاعف عدد السكان بين ليلة وضحاها، ما يهدّد بتفلّت أمني، إذ إن بين من دخلوا إلى لبنان مطلوبين من تجار المخدّرات والمجرمين وزعماء عصابات كانوا قد لجأوا إلى تلك المناطق خوفاً من توقيفهم. كذلك بدأت تُسجّل عمليات سطو وسرقات يتعرّض لها نازحون. ويكتفي الجيش حالياً بحصر النازحين في الهرمل نفسها، ويمنع انتقال أيّ منهم إلى قرى بقاعية أخرى بما يمكن أن يوزّع العبء ويخفّف من أزمة المدينة. ويتذرّع الجيش بأن هناك قراراً اتخذته الحكومة سابقاً بمنع دخول سوريين إلى الأراضي اللبنانية، علماً أن الأمن العام سمح، بقرار شفهي من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أخيراً، بإدخال ستة آلاف عائلة فرّت من سوريا بعد الأحداث الأخيرة، عقب إبقائها في العراء لأربعة أيام. ويبدو المنع الذي يفرضه الجيش على خروج أي أسر نازحة من الهرمل مستغرباً جداً، إذ إن هؤلاء باتوا فعلياً داخل الأراضي اللبنانية، ولا فرْق في ذلك بين أن يبقوا في الهرمل أو ينتقلوا إلى قرى مجاورة، إلا إذا كانت الهرمل بالنسبة إلى الدولة خارج أراضيها، كما كانت دائماً خارج حساباتها.

النازحون الجدد 85 ألفاً
بحسب وزارة الشؤون الاجتماعية يوجد حالياً 133 مركز إيواء غير رسميّ في محافظة بعلبك – الهرمل (حسينيّات، مساجد، قاعات، مقاه) تضم 52,600 نازح في ضيافة لبنانيين في المنازل، غالبيتهم من اللبنانيين، وحوالي 33,000 نازح داخل مراكز الإيواء غالبيتهم من السوريين. فيما قدّر حزب الله عدد الأسر النازحة بـ 12329 عائلة في الهرمل، 1300 عائلة في بلدة اللبوة، 1500 في بعلبك، 900 في قرى غرب بعلبك، 600 في قرى شرق بعلبك، 1400 في النبي شيت، و200 في زحلة وشتورا.

العائلات اللبنانية
هناك 33 قرية ومزرعة يسكنها لبنانيون داخل الحدود السورية (أبرزها الجنطلية، الصفصافة، زيتا، مطربا، الحمام، الديابية، غوغران، السماقيات…)، يبلغ عدد سكان بعضها المئات. وأبرز العائلات اللبنانية التي تقع ملكياتها داخل الأراضي السورية: حمادة، صقر، قطايا، زعيتر، الجمل، الهق، النمر، عساف، مدلج، صفوان، طه، نون، جعفر، ناصر الدين، مسرّة، وريدان، إدريس، مندو والسحمراني.

النازحون إلى البقاع خارج اهتمام الدولة والجمعيات والإعلام

أكثر من 30 ألف لبناني، مرّ أسبوع على نزوحهم من البلدات السورية التي يقطنونها إلى منطقة الهرمل، بعد سقوط نظام الرئيس بشّار الأسد، ليسوا على قائمة اهتمامات الحكومة وأجهزتها، على عكس استنفار الحكومة بعد تقرير رُمي في الإعلام عن دخول مسؤولين في النظام السوري السابق إلى لبنان. فهل يناقش مجلس الوزراء في جلسته غداً هذا الملف الذي يطاول آلاف اللبنانيين، ومثلهم الآلاف من السوريين، الذين يعيشون في ظروف مأساوية قد تنتهي بكارثة صحية بدأت بوادرها بالظهور.
خلال أسبوعٍ، استقبلت محافظة بعلبك – الهرمل أكثر من 85 ألف نازح، نصفهم لبنانيون يعيشون في عدد من البلدات السورية القريبة من الحدود. وتوجّهت الغالبية العظمى من هؤلاء (62 ألف نازحٍ) إلى مدينة الهرمل وقراها. الملف الذي ينقسم إلى شقّين، الأول يتّصل بإغاثة العائلات السورية والثاني يتّصل بإغاثة العائلات اللبنانية، لم يشهد على الأرض حتى الآن أي تدخّل من أي جهة كانت، سوى ما تقدّمه وحدة العمل الاجتماعي في حزب الله وجمعيات يقلّ عددها عن عدد أصابع اليد الواحدة.
في توزيع المسؤوليات، تُعدّ الـUNCHCR الجهة الرسمية المعنية بالنازحين السوريين، إلا أنّ هذه الأخيرة، وبعكس حماستها للنازحين السوريين الذين دخلوا إلى لبنان منذ عام 2011، «هرباً من نظام الأسد»، وبعكس مخالفتها الوقحة لكل قوانين وقرارات السلطات اللبنانية المتعلّقة بملف النزوح، بهدف التضليل، سعياً لإبقاء أكبر قدرٍ من النازحين في لبنان، بذريعة أن لا أمان في سوريا، لا تبدي أي اهتمام بعشرات الآلاف من النازحين السوريين الجدد. جلّ ما فعلته المنظمة، أن رافق ممثل عنها وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجّار إلى الهرمل، السبت، مع ممثّلين عن منظمة اليونيسف، برنامج الغذاء العالمي WFP، مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية OCHA، والمركز اللبناني للدراسات والتدريب LOST. وأعقب الزيارة اجتماع افتراضي عقده الحجار أمس، مع مسؤولين في المنظمات الدولية المذكورة، لـ«تحديد الخطوات التنفيذيّة وتنسيق الاستجابة السريعة لأزمة النزوح الجديدة لسوريين ولبنانيين من سوريا»، بحسب بيانٍ رسمي للوزارة.
هذا باختصار كل ما فعله لبنان الرسمي والمنظمات الدولية للنازحين على مدى ثمانية أيامٍ من النزوح. استدعت الزيارة الاستطلاعية إلى البقاع أسبوعاً، سيليها إعداد تقريرٍ عن الأوضاع طلبه الحجار، وثم يليه الاتفاق على خطوات تنفيذية، وقد يمر أسبوع آخر أو اثنان قبل أن تبدأ أول دفعة مساعدات بالوصول إلى المنطقة. في وقتٍ سقط من بال وزارة الشؤون، ومن خلفها الحكومة بإداراتها وأجهزتها المعنية بالإغاثة، أنّ أهالي بعلبك – الهرمل كانوا حتى الأسبوع الماضي نازحين في مراكز إيواء، وأن غالبيتهم العظمى في الأصل تنتمي إلى الفئات الهشّة اقتصادياً. فكيف الحال مع تدهور أحوالهم بنتيجة الحرب التي لم يتعافوا من تداعياتها الاجتماعية والاقتصادية بعد؟ كيف الحال، وهم وفق التصنيفات المتّبعة في حالات الأزمات والكوارث، يستحقون الاستفادة من مساعدات إغاثية لفترة زمنية بعد وقف إطلاق النار حتى تستطيع العائلات ترتيب أمورها، واستعادة الحياة الاقتصادية دورتها؟
ليس غريباً، على دولةٍ لم تبدأ برفع الردم، ولا فتح الطرقات بعد مرور 18 يوماً على وقف إطلاق النار، كما لم تنجح في إيصال المساعدات الإغاثية إلى جميع العائدين إلى بلداتهم في البقاع والجنوب والضاحية الجنوبية، ألا تلحظ الأوضاع الضاغطة بقاعاً؟ وهو ما يُترجم أيضاً في عدم صدور توجيهات عن رئاسة الحكومة إلى الهيئة العليا للإغاثة بالتحرّك في الملف. حالة الـ«كوما» تنسحب بدورها على الجمعيات الأجنبية التي اغتنت على ظهر الملف السوري، ومعها اختفى أثر الجمعيات المحلية أيضاً.
اللافت أيضاً، أنّه فيما أشار البيان الصادر عن مكتب الحجار حول جولته البقاعية، إلى أنّ الوزير استهلّ جولته باجتماعٍ في مركز جمعية LOST في الهرمل مع عددٍ من رؤساء البلديات في المحافظة للاستماع منهم إلى أوضاع النازحين وحاجاتهم، علمت «الأخبار»، أنّ «أربع بلدياتٍ صغيرة من أصل ثمان منضوية في الاتحاد قاطعت الاجتماع من بينها بلدية الهرمل، الأكبر في المحافظة، بسبب رفض الحجّار الاجتماع في مقر اتحاد البلديات أو في السراي، مصراً على عقده في مركز جمعية LOST»، وفق ما ذكر عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب إيهاب حمادة لـ«الأخبار»، مضيفاً أنّ «الحجّار ادّعى بأن لديه نصف ساعةٍ من الوقت يمكن الاجتماع خلالها في مركز الجمعية، وبعدها سيُغادر».
ومثل السلطة تصرّف الإعلام «الحرّ» و«الإنساني»، إذ أوفدت كلّ قناةٍ تلفزيونية أكثر من مراسلٍ ومراسلة توزّعوا بين منطقة المصنع وداخل سوريا، في السجون والمستشفيات والساحات العامة، لكنها أسقطت من جدول نشراتها أكثر من 60 ألف نازحٍ يعانون ومعهم منطقة بأسرها، لمجرّد أنّ هؤلاء «عوارض جانبية» لسقوط النظام، ولا يخدمون «الترند» المطلوب حول سجن صيدنايا، ومعامل الكابتاغون، وأصوات معارضي النظام الساقط.

هل يلتحق «النازحون الجدد» بالتعليم… وعلى نفقة مَن؟

مع نزوح الآلاف من اللبنانيين إلى البقاع من سوريا، بعد سقوط النظام، تزدحم الأسئلة والهواجس بشأن إيوائهم وإغاثتهم… وتعليمهم. الآلاف من هؤلاء بعمر التعليم ويتطلّعون إلى حلول على مستوى الالتحاق بالمدارس والمهنيات والجامعات، وخصوصاً بعدما أتوا، بثيابهم، وليس في حوزتهم أوراق ثبوتية أو شهادات تعليمية أو مستندات تظهر تسلسلهم الدراسي. أما تغطية كلفة التعليم فستفرض بحد ذاتها تحدياً أساسياً جديداً أمام الحكومة اللبنانية ووزارة التربية والجهات الدولية المانحة.
ومن بين «النازحين الجدد» لبنانيون يعيشون في سوريا، عددهم نحو 30 ألفاً، وهم يضمون طلاباً في كل المراحل التعليمية من الروضة حتى الجامعة. وهناك أيضاً طلاب لبنانيون جامعيون يدرسون في سوريا، ومنهم نحو 100 طالب طب في السنوات العادية وسنوات الاختصاص وسنة التخرّج غير قادرين على الحصول على وثائقهم وشهاداتهم. ولا يزال مصيرهم مجهولاً لجهة إمكانية استيعابهم في كلية الطب في الجامعة اللبنانية أو في الجامعات الخاصة، أو مواجهة خطر خسارة مستقبلهم الدراسي.
الأمر نفسه ينطبق على العائلات السورية النازحة التي لديها أبناء في كل المراحل الدراسية أيضاً، وليست في حوزتها إقامات شرعية، وهو الشرط الأساسي الذي فرضته الحكومة أخيراً للتسجيل في المدارس الرسمية.
حتى الآن، لم يصدر أي تدبير عن أجهزة الدولة ووزارة التربية حيال هذا الملف المستجد. ويستغرب عضو كتلة الوفاء للمقاومة، نائب الهرمل إيهاب حمادة، «التعتيم على القضية من الإعلام والجهات الدولية المانحة، إذ لم نسمع منذ نزوح آلاف العائلات اللبنانية والسورية صوتاً واحداً في الدولة يطالب بمساعدتهم على غرار مليونين ونصف مليون سوري نزحوا عام 2011 وحملهم المجتمع المحلي والدولي على أكتافه». وفيما أشار حمادة إلى «أننا لا نرغب في أن تكون الحكومة بلون واحد»، لفت إلى أن «وزراء حزب الله وحركة أمل كُلفوا بعرض كل الهواجس والأسئلة وعلامات الاستفهام المحاطة بالملف، بما في ذلك التحديات التعليمية على طاولة مجلس الوزراء غداً».
إلى ذلك، لا يزال التخبط والإرباك يسودان تعليم اللاجئين السوريين في دوام بعد الظهر، على خلفية المستجدّات نفسها في سوريا ومغادرة عدد من العائلات السورية إلى بلادها، فبعدما كان مقرّراً أن تُفتح اليوم المدارس التي سجّلت 100 تلميذ على الأقل، بناءً على تعليمات شفهية من وزير التربية، عباس الحلبي، والمدير العام للتربية، عماد الأشقر، عادت المناطق التربوية وأبلغت مديري المدارس، مساء السبت، بتأجيل بدء التعليم مع الاستمرار في أعمال التسجيل التي تنتهي بعد غد، على أن يصدر لاحقاً تعميم يحدد كل متطلبات التعليم ومستلزماته، وبالتالي لا تُستدعى الهيئة التعليمية للحضور إلا بعد صدور التعميم.
تجدر الإشارة إلى أن عدد التلامذة السوريين المسجّلين لم يتجاوز نصف العدد الذي يُفترض أنه كان موجوداً في لبنان خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان (110 آلاف تلميذ)، علماً أن العدد قبل الحرب بلغ، بحسب إحصاءات وزارة التربية، 160 ألف تلميذ سوري.

جيش جديد واقتصاد مفتوح: «الجولاني» يرسم مستقبل سوريا… منفرداً

وسط حالة من القبول الدولي للأوضاع الحالية في سوريا، بعد فرار بشار الأسد، ووصول «هيئة تحرير الشام» التي يقودها أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) إلى السلطة، بدأ الشرع يرسم ملامح مستقبل البلاد السياسي والاقتصادي والأمني، في وقت وصل فيه المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسن، إلى دمشق، لإجراء مباحثات حول العملية السياسية الضبابية بعد اختفاء أحد أطرافها، وهو نظام الأسد. ومن جهته، أطلق الشرع، في سلسلة لقاءات صحافية أجراها مع وسائل إعلام محلية وعربية في مبنى رئاسة مجلس الوزراء، عدداً من التصريحات حول مستقبل سوريا، تضمّنت بعضها رسائل طمأنة لدول الجوار، وللشعب السوري. ودار أبرز تصريحات زعيم «هيئة تحرير الشام»، وقائد «إدارة العمليات العسكرية»، في فلك الوضع الاقتصادي والمعيشي المنهك في سوريا، في ظل عدم وجود أرصدة من العملات الأجنبية في المصرف المركزي، معتبراً أن «إصلاح الأمر يحتاج إلى وقت طويل»، وداعياً إلى «الصبر»، ومنح أولوية لإعادة تشغيل المؤسسات الحكومية في الفترة الحالية، ريثما يتم إجراء تعديلات للدستور، وإجراء انتخابات، من دون أن يقدّم أي توضيحات حول الآلية التي سيتم من خلالها ذلك. ورافقت تصريحات الشرع التي تحدّث خلالها عن ضرورة التخلي عن «عقلية الثورة» والانتقال إلى الفكر المؤسساتي لإدارة البلاد، رسائل «طمأنة» عديدة حول مستقبل البلاد في ظل «وجود خطة لذلك»، سواء لناحية مكافحة المخدّرات، أو مواجهة التحديات الأمنية، لافتاً، في الوقت نفسه، إلى أن الاقتصاد السوري سيكون «مفتوحاً». كما أعلن الشرع أن الفصائل سيتم حلها ودمجها ضمن هيكلية واحدة، بالإضافة إلى وجود خطط تتعلق بالجيش السوري الذي سيكون احترافياً ويضم «متطوعين» (في إشارة إلى عناصر وضباط محترفين يلتزمون العمل العسكري)، بالإضافة إلى إمكانية إجراء دورات لمدة 15 أو 20 يوماً وفق مبدأ الخدمة الإلزامية لدعوة الشعب إلى الالتحاق بالجيش في حالة «التعبئة العامة»، وهي أمور رأى البعض أنها اختيارات سلطة الأمر الواقع، وليست منبثقة عن اختيارات الشعب السوري.

بدأت دول عديدة كانت على قطيعة مع دمشق إعادة فتح سفاراتها

وفي تصريحات تتوافق مع التوجهات التركية الرامية إلى القضاء على الهيكلية المسلحة للأكراد («قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها «حزب الاتحاد الديمقراطي» الذي تعتبره أنقرة امتداداً لـ»حزب العمال الكردستاني»)، أشار الشرع إلى أن هناك فرقاً بين المجتمع الكردي وما سماه تنظيم «بي كي كي»، كما شدّد على ضرورة محاسبة «المجرمين» لتحقيق «العدالة الانتقالية». وعن العلاقات مع روسيا التي سحبت العديد من جنودها من مختلف الأراضي السورية، وركّزت حضورها في قاعدتي «حميميم» الجوية وطرطوس البحرية، قال الشرع إن الإدارة السورية الجديدة أعطت روسيا فرصة لإعادة النظر في علاقتها مع الشعب السوري، كما أنها تجري نقاشاً مع بريطانيا لإعادة تمثيلها في دمشق. وأضاف أن «الحكومة الانتقالية تتواصل مع سفارات غربية وليست لدينا عداوات مع المجتمع الإيراني».
من جهته، اعتبر المبعوث الأممي إلى سوريا أنه من الضروري إطلاق العملية السياسية التي تشمل جميع السوريين. وقال في تصريحات صحافية من دمشق، إن «من الواضح أن هذه العملية يجب أن يقودها السوريون أنفسهم، فهي مسؤولية سورية، ونأمل أن يحصلوا على المساعدة». وتابع أن «التحدي يتمثل بإعادة بناء مؤسسات الدولة وتفعيلها، إذ يعتبر تقديم الخدمات، وإرساء القانون والنظام، وتوفير الأمن، أموراً بالغة الأهمية». وأضاف: «نحن جميعاً نعلم أن سوريا مرّت بأزمة إنسانية هائلة، لذا يتعيّن علينا التأكد من حصول سوريا على مزيد من المساعدات الإنسانية الفورية للشعب السوري، ولجميع اللاجئين الذين يرغبون في العودة»، معتبراً «أن المسألة كلها تتعلق بالتعافي الاقتصادي، ما يتطلب حلاً سريعاً لهذه المشكلة»، معبّراً عن أمله في أن يرى نهاية سريعة للعقوبات، «حتى تتسنى رؤية حشد من الناس حول إعادة بناء سوريا من جديد»، وفق تعبيره.
وتأتي زيارة بيدرسن إلى سوريا بعد يوم واحد فقط من عقد «لجنة الاتصال العربية» (وزراء خارجية الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر والأمين العام لجامعة الدول العربية) اجتماعاً في الأردن، شارك فيه أيضاً وزراء خارجية الولايات المتحدة وتركيا والإمارات والبحرين وقطر، ووزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، وممثلون عن بريطانيا وألمانيا والممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية. وفي بيان مطوّل، خلص هؤلاء إلى دعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية – سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وترعاها الأمم المتحدة و»جامعة الدول العربية»، ووفق قرار مجلس الأمن 2254، في ما يمكن اعتباره قبولاً دولياً بالوضع السوري القائم الآن، خصوصاً مع التصريحات المطمئنة التي أطلقها الشرع، وحالة الانضباط التي أبداها مسلحو «إدارة العمليات العسكرية» الذين دخلوا المدن.
ومع سقوط نظام الأسد، بدأت دول عديدة كانت على قطيعة مع دمشق إعادة فتح سفاراتها، بدءاً من تركيا، التي تقود المشهد في سوريا، مروراً بقطر، وليس انتهاءً بفرنسا التي أعلن وزير خارجيتها، جان نويل بارو، إرسال وفد دبلوماسي إلى دمشق لإجراء لقاءات مع السلطات التي تحكم البلاد حالياً. وقال بارو في تصريحات لإذاعة «فرانس إنتر»، إن البعثة المكوّنة من أربعة دبلوماسيين ستعمل على تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية هي: استعادة الممتلكات الفرنسية في سوريا، وإقامة اتصالات أولية مع السلطات الجديدة، وتقييم الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسكان، حسبما نقلت وكالة «فرانس برس». وأوضح الوزير أن الوفد سيبحث أيضاً في مدى تطبيق السلطات الجديدة على الأرض للتصريحات «المشجّعة نسبياً» التي أطلقتها، والتي دعت إلى التهدئة وظهرت بمظهر غير متورط في انتهاكات حقوق الإنسان، على حد تعبيره.
بدورها، وبالتزامن مع احتفالها بسقوط النظام السوري، والتصريحات العديدة التي أطلقها رئيسها رجب طيب إردوغان، حول «براعة» سياسته، أعلنت تركيا، على لسان وزير دفاعها يشار غولر، استعدادها للتعاون العسكري مع القيادة السورية الجديدة، في حال تلقّت طلباً رسمياً بذلك، لافتاً إلى تغيّر المناخ السياسي في سوريا، ومعتبراً أنه «على الجميع قبول الواقع الجديد» هناك. وحول الوجود العسكري التركي في سوريا، قال غولر إن هذا الوجود «يهدف إلى منع تقسيم البلاد، والحيلولة دون إنشاء ممر إرهابي، وضمان سلامة الأراضي السورية ووحدتها». وأضاف أن «أي نقاش مستقبلي مع القيادة الجديدة يجب أن يركّز على استيفاء هذه الشروط».

إشكالياتٌ تُثيرها أحداث سوريا

بعد الوقائع الجديدة التي فرضت نفسها في سوريا، سواء لجهة تبدّل النظام الحاكم أو لجهة الموقع السياسي الذي ستتموضع فيه السلطة الجديدة، وبانتظار جلاء الصورة وحسم الأجوبة عن الأسئلة القلقة والكثيرة، لا بدّ من تناول بعض النقاط:
1- ما حدث في سوريا ليس وليد ساعة، وإنما هو نتاج برنامج أعدّته أطراف إقليمية ودولية تقاطعت مصالحها على تغيير السلطة في سوريا لما يفتح لها ذلك من آفاق متعددة، ويُحقق مصالح تلك الأطراف أو بعضًا منها تبعًا لسطوة كل طرف وفاعليته. ومن الطبيعي أن يحصل الشعب السوري على بعض مصالح له في التغيير، إلا أنّه سيكون الطرف الأكثر تحمّلًا لوزر الخلافات أو التنافسات التي قد تحصل بين بعض متعهدي تنفيذ البرنامج السلطوي الجديد.
2- العدوانية الصهيونية ضدّ سوريا وسيادتها ودورها سارعت إلى تأكيد استهدافاتها حين شنّ العدو سلسلة غارات جوية استهدفت كل مراكز القدرة الفعلية أو الواعدة للقوات السورية، وألغت المنطقة العازلة في الجولان، ونقضت اتفاقية فك الاشتباك الموقّعة عام 1974، ولوّحت بدعم بعض الأصدقاء من مكوّنات الشعب السوري، الأمر الذي يُشير إلى رغبة العدو في التدخل في صيغة تقاسم الغنائم في ترتيب النظام والسلطة الجديدين في سوريا.
3- النفاق الأميركي الذي لم تعد الأقنعة قادرة على تغطيته لشدّة قذارته وحقارته، حاول أن يُظهر الإدارة الأميركية كأنّها فوجئت بما حصل من أحداث في سوريا، وتتوجّس من المخاطر وعدم اليقين إزاء نتائجه، وأنّها معنيّة بالتواصل مع كل أطراف المعارضة المسلحة، وأنّ بعضها يستحق لحسن سلوكه أن يُرفع اسمه عن لائحة الإرهاب، وأنّها وأنّها وأنّها… وأخيرًا أنّها تؤكد على وحدة سوريا وعلى الأمن والاستقرار فيها. ولم تكلّف الإدارة الأميركية نفسها عناء مطالبة إسرائيل ولو بالتريث، بَدَلَ الاعتداءات والغارات والانتهاكات البرية التي مارستها ضدّ سوريا، بل ضدّ كل بنى النظام والقانون والمبادئ الحقوقية الدولية.
4- قيل إنّ توقيت التحرّك باتجاه إدلب وحلب ثمّ حماة، قد تمّ تحديده بعد اتفاق وقف العدوان الصهيوني على لبنان، حتى لا يُقال إنّ المعركة ضدّ السلطة في سوريا من شأنها أن تصبّ نتائجها لمصلحة العدوّ الصهيوني قبل وقف العدوان، فجرى التريث لما بعد وقف العدوان تلافيًا لذلك التوهم الذي قد ينشأ لدى البعض. على الأقل هذا ما يُبرّر به مُطّلعون أتراك توقيت الهجمة العسكرية بُعيد إعلان وقف النار في لبنان، وقد يكون ذلك صحيحًا بالشكل، إلا أنّ الأهم أنّ أي موقف سياسي أو إعلامي تجاه العدو الصهيوني لم يصدر ولم يجرِ التعليق على الاعتداءات الصهيونية على الأرض السورية ولا على القدرات العسكرية السورية وكأنّها أرض وقدرات نظام الأسد ولا شأن لسوريا بهما.
5- لا داعي لاستعجال التحليل حول مواطن التباين بين حزب الله في لبنان وفصائل المسلحين والمعارضين السوريين الذين أصبحوا بعد 07-12-2024 في موقع السلطة في سوريا… ذلك أنّه قيل الكثير من التخرّصات والادعاءات والأكاذيب أيضًا حول هذا الأمر، إلا أنّ مما لا بدّ منه ابتداءً، هو تأكيد حزب الله حق الشعب السوري الشقيق في تقرير مصير نظامه السياسي ومصيره أيضًا، وأنّ التغيير ينبغي أن يُعبّر عنه الشعب السوري بكلّ مكوناته وتشكّلاته. كما أنّ وحدة سوريا هي أمر أساس لا يجوز مسّه. فضلًا عن أنّ موقع سوريا ودورها ورؤيتها الاستراتيجية وعلاقتها الإقليمية والدولية هي معايير يستند إليها كل من يُتابع الوضع السوري ليبني على الشيء مقتضاه.
6- إنّ وحدة الشعب السوري والتحامه مع النظام السياسي والسلطة التي تدير شؤونه ومصالحه، يزيدان من قدرة سوريا ويُعزّزان موقعها وفاعليتها، وهذا لا يتأتى حين يكون النظام منقادًا لتبعية سياسية تلزمه الخضوع ورهن السيادة والحرية والتنمية بما يستجيب له من شروط للعدو الصهيوني ومن يقف خلفه، أو يضغط عليه لتطبيع العلاقات معه والاعتراف بشرعية كيانه المحتل والغاصب لفلسطين والمتنكر لسيادة دول المنطقة ولحقوق أبنائها في أرضهم وفي تقرير مصيرهم، وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني.
7- إنّ التطلّع نحو الحرية والعدالة يكتسب صدقيته حين يكون شاملًا ومعياريًا وليس مجتزأً واستنسابيًا، فمع التبعيض والاستنساب لا تتحقق حرية ولا عدالة، وإنما تتحوّلان إلى شعار دعائي لبضاعة زائفة.
من يريد الحرية السياسية ينبغي أن يكون سياديّ التوجّه والالتزام الوطني، ومن ينشد العدالة لمواطنيه، ليس له أن يغضّ الطرف عن ظلم يقع خارج وطنه وخصوصًا إذا كان يُدرك أنّه سيتسرّب إلى بلده.
إنّ مشكلة الشعوب، خصوصًا في دول العالم المستضعف، ليست في غياب الشعارات النهضوية وإنّما في البرامج العملية الملتزمة بصدقية مضامين تلك الشعارات، وكذلك في النموذج القيادي الذي يتعارض أو يتباين أداؤه مع الاتجاهات السليمة التي تجسّد تلك الشعارات.
والمنصف ليس له أن يستعجل الأحكام على تجربة جديدة لسلطة تضم تناقضات سياسية وتتركّب في أعقد بلد على مستوى الديموغرافيا والجغرافيا والسياسة الدولية في منطقتنا العربية تاريخًا وحاضرًا، وإنّ المؤشرات تكاد عبر المواقف الصادرة والإجراءات المتخذة والمنهجية المعتمدة ولغة الخطاب المتداول تُنبئ وترسم معالم المشهد السياسي المقبل. ومع ذلك، فلا ضير في متابعة الأمر والتريث والتقاط النقاط والمسائل التي تمثل مساحة التقاء أو اهتمام مشترك، في مقابل النقاط المُعضِلة التي تدفع نحو الافتراق.
8- صورة العالم والقوى الدولية التي تتحكّم بنظامه وقوانينه وقيمه، ظهرت على حقيقتها ومن دون مساحيق تجميل، عبر متابعة فصول العدوان الصهيوني المتوحش وجرائم الإبادة والتطهير العرقي والعنصري، وسط صمت يختفي وراءه التأييد والتبرير وإعطاء الفرص لإنجاز المهمة بأقصى سرعة، من دون إرباك أو انشغال بال، كما يتلطى خلفه الخذلان والتواطؤ والاستعلاء والحقد وممارسة الطغيان والاستبداد والدوس على القانون والمبادئ والقيم.
بعد ذلك كله، يصبح من الغباء الركون إلى ما يصدر من ردود فعل كلامية على أحداث سوريا الأخيرة مدحًا أو حقدًا.. فعالم هذه القوى الدولية اليوم هو عالم الخداع والتضليل للسيطرة والهيمنة والتحكم بمصائر الشعوب. والسياسات عندهم هي من أجل توسّل أهوَنِ السبُلِ لتحقيق عالمهم وعلى البشرية السلام.
9- إنّ الدور الإبادي الذي جرى تلزيمه للعدو الصهيوني في غزة بعد طوفان الأقصى، بغطاء أميركي وغربي استكباري وعنصري وبدعم غير محدود وعلى كل المستويات، وضمن برنامج مدروس ومتفاهم عليه من كل أطراف قوى التسلط والاحتلال والهيمنة، هو دور استئصالي للمقاومة ولامتداداتها، بدءًا من غزة وإلى حيث يمكن أن تطال يد العدوان في المنطقة، بحسب التطورات والظروف والفرص. وهو دور يحظى بالتسامح الغربي عن كل الانتهاكات والجرائم والتجاوزات للقوانين والأعراف والقيم والمبادئ، طالما أنّ هدفه هو القضاء على بنية المقاومة وما يتصل بها من قيادات وقدرات وتشكلات تناهض هيمنة أميركا والغرب على المنطقة والعالم، وتستهدف ذراعهم وحارس مصالحهم الكيان الصهيوني الغاصب والمحتل. ولو لم تفتح حزب الله في لبنان جبهة دعم وإسناد غزة وتُسهم في تعقيد ظروف وحسابات العدوان الصهيوني وعرقلة تقدّمه لإنجاز أهدافه في القطاع، ولولا سحب عنصر المفاجأة من يد العدو وإفشال خطته في التقدم نحو مجرى نهر الليطاني، ولولا الثبات الأسطوري للمقاومين على محاور الخيام وعيترون وبليدا وميس الجبل وعيتا الشعب والبيّاضة واستبسالهم في منع العدو من التوغل العسكري بالدبابات والمشاة رغم الإطباق الجوي الكامل على جبهة المواجهة، لما كان العدوّ يستجيب لتقدير أميركا الميداني ونُصحها له بوقف العدوان والاتفاق مع لبنان على ذلك. ولو كانت المقاومة قد انتظرت فترة ولم تساند غزة منذ بداية العدوان عليها لكان العدو قد تحيّن الفرصة وانتهز ذريعةً ما مفتعلة ليباغت المقاومة بما فاجأ به الجميع في سوريا حين وجد الفرصة سانحة للاستغلال.
إنّ المشروع الصهيو أميركي – الغربي الاستكباري لا تستنزفه إلا مقاومة شعبية جادة تنشأ في كل بلد من بلدان منطقتنا حتى لا تخضع دول المنطقة لسياسات وإملاءات العدو وحلفائه، والدعوة إلى التخلي عن المقاومة هي دعوة للاستسلام ليس إلا، للعدو ومشروعه، حاشا أن يستجيب لها الأحرار الشرفاء.
10- التيار السياسي الذي يتولى إدارة السلطة البديلة اليوم في سوريا هو أقرب فكريًا إلى التيار السياسي الذي حكم مصر بعد سقوط نظام حسني مبارك، وبغضّ النظر عن تقييم تلك التجربة القصيرة في مصر، إلا أنّ أميركا والغرب وتيار الهيمنة المتسلط والطامع في المنطقة لم يستطع أن يهضم إطالة فرصة السلطة البديلة هناك، كما لم يستطع أن يستسيغ مجرد التفاهم والتنسيق أو التحاور مع تلك السلطة. أفَتراه اليوم يمكنه فعل ذلك مع التيار المتصدّر لإدارة السلطة الجديدة في سوريا؟ أم أنّ هناك متطلبات ينتظر أن ينجزها هذا التيار خلال فترة محدودة، ثم يتم إقصاؤه وتركيب السلطة التي تمثّل بدون قفازات وبشكل مباشر النفوذ الأميركي والغربي؟ إنّ مقبل الأيام سيجيب عن هذه الإشكالية، لكن اقتضى الأمر هذا الإلفات.
11- نفهم أن يتفاعل الناس في سوريا مع المتغيّر الجديد، بنسب متفاوتة وبخلفيات مختلفة، وأن يكون الجامع لتفاعلهم هو الأمل بتحقيق أحلامهم وآمالهم في الأمن والسيادة والكرامة والعدالة وحكم القانون. وعليه، فإنّ هذه الآمال لا يختصرها مجرد تبدل السلطة في سوريا، بل تقتضي صدور برنامج عام وشامل يخاطب الناس في سوريا والعالم من حولها ليعبّر عن منطلقات التغيير وسياسات الحكم الجديد والتزاماته المبدئية والسياسية والأخلاقية، ويفصح عن ضوابط علاقاته مع الآخرين قوى ودولًا ومنظمات دولية، وعن ثوابته تجاه القضايا الساخنة في العالم وفي المنطقة. هذا الأمر يتيح للناس التعبير عن أحلامهم ومستوى تفاعلهم وتوقعاتهم، ويُشكّل وثيقة التزام من الإدارة الجديدة للسلطة يستطيع الشعب في سوريا وكل المتابعين أن يحاكموا التجربة الراهنة على أساسها شكلًا ومضمونًا وممارسةً.
رئيس كتلة الوفاء للمقاومة*

اللواء:

جريدة اللواء25 يوماً على جلسة الإنتخاب: ضغوطات دولية وضياع لدى الكتل الكبيرة

مخاوف لبنانية من الاستيطان الإسرائيلي جنوب الجولان.. وصعوبات إيواء ومساعدات تواجه نازحي سوريا الجدد

على بُعد 25 يوماً من الجلسة النيابية المقررة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ضربت ضبابية الترجيحات المشهد الرئاسي المنتظر منذ اكثر من 26 شهراً، من جهة نجاح الجلسة، المسبوقة باتصالات، تخطت الداخل الى المطابخ الدولية والاقليمية، او عدم قدرتها، على الرغم من النيات الطيبة لرئيس المجلس وفريقه، وغالبية الكتل الحريصة على الخروج من النفق الرئاسي المظلم..

وليس من باب المصادفة ان يحضر ملف لبنان الى جانب ملف سوريا الجديدة في الاجتماع الذي يعقد في العاصمة الفرنسية، وتشارك فيه تركيا وباريس وممثلون عن جهات اخرى، لبحث مسألتي الامن واعادة النازحين الى بلادهم.

وسط هذه الاجواء عاد الحديث عن مواصفات رئيس الجمهورية، بحيث ترتبط بالمتغيرات الحاصلة في المنطقة، ووفقا لحسابات لها صلة بما يُخطط لجهة الدور المستجد لبنان، في مجرى تحولات الشرق الاوسط.

وتتحدث بعض المصادر القريبة من واشنطن عن ان الموقف الاميركي ليس بوارد التسامح مع الاتيان برئيس مقرَّب من توجهات «الثنائي الشيعي»، بل يتمسكون بشخصية تتبنى بالكامل مستلزمات ما قبل وما بعد القرار 1701، لجهة سلاح حزب لله، او لجهة المضي قدما بخيارات تنسجم مع الحسابات الاميركية في المنطقة.

وتوقعت مصادر سياسية مطلعة أن تتكثف لقاءات قوى المعارضة تمهيدا لتنسيق مسألة الترشيحات والإتفاق على شخصية في هذا الملف، وقالت ان ما من تباين حول الرؤية بشأن هذا الإستحقاق بين هذه القوى وإن موقف الدكتور جعجع الأخير لا يؤثر على هذا التنسيق، معلنة أن التريث في اعلان أي تبنٍ لهذا المرشح أو ذاك يعود إلى حسابات معينة.

وقالت هذه المصادر لـ«اللواء» أن ما من تقدم لحظوظ هذا المرشح أو ذاك ، والمسألة لا تزال خاضعة لمشاورات متواصلة إلى الأسبوع الأول من الشهر المقبل، لافتة في الوقت نفسه أن هناك شخصيات قد تعلن ترشيحها قبل حلول موعد التاسع من كانون الثاني المقبل.

ومع اصرار لبنان على تطبيق اتفاق وقف النار، من ضمن القرار 1701، ومضي الجيش اللبناني، بالتعاون مع وحدات حفظ السلام في الجنوب (اليونيفيل) ومواصلة «دولة الاحتلال» بعرض عضلاتها في الجو، وعلى الارض، عبر الاغتيالات وعمليات تفجير المساكن، وحركة الاستطلاع، حيث لم يتوقف طيرانها الاستطلاعي فوق الضاحية الجنوبية والعاصمة بيروت، اكد الرئيس نجيب ميقاتي من روما في المنتدى السياسي السنوي لرئيسة الوزراء الايطالية جورجيا ميلوني على اهمية وقف الانتهاكات الاسرائيلية لحماية سيادة لبنان وسلامة اراضيه، وتسهيل العودة الآمنة للنازحين الى بلداتهم وقراهم،معتبرا ان «هذه مسؤولية مباشرة على الدولتين اللتين رعتا هذا التفاهم، وهي الولايات المتحدة وفرنسا»، مشددا على «الحاجة الملحّة لتأمين استقرار المؤسسات الدستورية في لبنان بدءًا من انتخاب رئيس جديد للجمهورية».
وتحضر الملفات سواءٌ المتعلقة ببرنامج المساعدات او سواه، على جلسة مجلس الوزراء غدا، بعد عودة الرئيس ميقاتي من روما.

رئاسياً، بدأت دوائر مجلس النواب الخطوات اللوجستية لعقد الجلسة، وسط اصرار الرئيس نبيه بري على عقدها ضمن المعطيات المرسومة والمأمول منها انجاح جلسة الانتخاب بملء الشغور الرئاسي.

والتأكد من مشاركة السفراء المدعومين، يحمل مضامين قاطعة لجهة جدية عقد الجلسة.

وفي السياق الرئاسي، أعلن السفير المصري لدى لبنان علاء موسى أن «القوى السياسية في لبنان ما زالت تتحاور في ما بينها ولكن المؤشرات ايجابية وهناك التزام واضح ورغبة حقيقية بإنجاح جلسة انتخاب الرئيس في 9 كانون الثاني».

وقال موسى إن «اللجنة الخماسية توافقت سابقا على مواصفات الرئيس التي وضعتها بالتشارك مع القوى السياسية واضيفت بعض الامور على المواصفات والرئيس يجب ان يكون ملتزما بتطبيق وقف اطلاق النار ومتابعة ملف اعادة الاعمار».

وأضاف: دعوة الرئيس بري لنا (السفراء) لحضور جلسة انتخاب الرئيس اشارة الى أن هناك جدّية وهناك رغبة للخروج من هذه الجلسة برئيس للبنان. وعلى القوى اللبنانية ان تتحرك سريعًا وألّا ترهن قرارها الى اي متغيرات، والسفيرة الاميركية اكدت مراراً على ان الادارة الاميركية ملتزمة بانتخاب رئيس في اسرع وقت.

وفي الاطار الرئاسي، كشفت مصادر نيابية لـ«اللواء»، ان معلومات تكتل التوافق الوطني تفيد ان رئيس تيار المردة سليمان فرنجية أصبح خارج السباق الانتخابي، وقد يتجه الى ترشيح النائب فريد هيكل الخازن، وان التكتل ظل ملتزماً مع فرنجية حتى اللحظة الاخيرة ولم يغير موقفه من انتخابه، لكن بعد نيّة عزوف فرنجية اصبح بالتالي لا بد من البحث عن مرشح مقبول من التكتل واغلبية الكتل.

وقالت المصادر: لذلك فتح التكتل ذراعيه للحوار والنقاش مع كل الكتل النيابية، لكنه لاحقاً سيضع شروطا ومواصفات لقبول اي مرشح وما الذي سنطلبه منه.

ومع ان شيئاً من هذه المعلومات لم يصدر عن فرنجية نفسه، الذي تردد انه سيتحدث يوم الثامن عشر من الشهر الجاري أمام كوادر «المردة» حيث يتوقع ان يعلن عن موقفه من الترشح، فإن الاتصالات واللقاءات بدأت بين مؤيدي فرنجية لا سيما من اعضاء تكتل التوافق وبين عددٍ من الكتل النيابية ومع النواب المستقلين بهدف التشاور على اختيار البديل عنه في حال اعلن عزوفه رسمياً. لكن معلومات اخرى سابقاً افادت لـ«اللواء» ان فرنجية سيتراجع عن عزوفه ويؤكد ترشيحه مجدداً في حال ترشح رئيس حزب القوات اللبنانية سميرجعجع.

وبعد ان وردت لكرامي معلومات عن إبلاغ فرنجية عدداً محدوداً من زواره من بينهم المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل عزوفه عن الترشح بالتفاهم مع الرئيس نبيه بري، قرر مفاتحة فرنجية بالموضوع حيث أكّد الاخير «أن المصلحة الوطنية تقتضي انتخاب رئيس جامع لا يشكل استفزازا لأحد».

وفي اطار الحركة الجديدة لتكتل التوافق، علمت «اللواء» ان لقاءً بعيداً عن الاعلام عُقد امس الاول في بيروت، بين النائب فيصل كرامي والنائبين فؤاد مخزومي وعبد الرحمن البزري من اللقاء التشاوري المستقل، بحضور المستشار السياسي في جمعية المشاريع احمد الدباغ. واكد النواب كرامي ومخزومي والبزري «ضرورة ان تشهد جلسة ٩ كانون الثاني انتخاباً لرئيس الجمهورية وان يعود الانتظام العام الى الحياتين السياسية والدستورية».

واوضحت المصادر المتابعة: ان الاجتماع يأتي في سياق الانفتاح والحوار مع كل الكتل التي يجريها التكتل منذ اسبوع في محاولة جدّية للخروج باقتراحات موّحدة، تشمل العدد الاكبر من النواب السنَة لتكوين مجموعة نيابية سنّية نيابية متماسكة تتفق على مرشّح واحد لإنتخابه بحيث يكون الصوت السني وازاناً ومؤثراً. وقالت: ان السعي لتشكيل هذا «البلوك النيابي السني» هدفه ان يكون ممراً إلزامياً لكل مرشح طامح للرئاسة لا يمكن تخطيه ولا بد من التشاور معه والوقوف على رأيه.

وبدءًا من الاسبوع المقبل، يدخل لبنان في عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، وهذا يؤدي الى انشغالات وسفر للنواب والطاقم السياسي، لذا يتوقع مصدر نيابي ان تتكثف الاتصالات والمشاورات في الاسبوع الطالع، ويشير المصدر الى امكان قيام النائب السابق وليد جنبلاط بزيارة قريبة الى عين التينة، في اطار المسعى الوفاقي، الذي يسعى اليه للاتفاق على اسم الرئيس العتيد.

وفيما يواجه النازحون الى القرى القريبة من الاراضي السورية الشرقية من سوريا صعوبات في الايواء او تقديم المساعدات لهم، فُهم ان رئيس المجلس، اجرى اتصالات لعودة النازحين اللبنانيين الذين نزحوا الى العراق بالعودة الى لبنان.

وضع الجنوب

برغم تراجع الغارات وعمليات القصف المدفعي المعادي لقرى الجنوب، نفذ العدو الإسرائيلي تفجيرات لبعض المنازل عند الحد الامامي لبلدة الناقورة وبلدة شيحين. وتمشيطاً بالأسلحة الرشاشة على وادي حسن والسفرجل، في أطراف بلدة مجدل زون.

وافرجت قوات الإحتلال الاسرائيلي عن المخطوف عبدو محمد عبد العال، الذي اعتقلته أمس في سهل المجيدية واقتادته إلى داخل الاراضي المحتلة. وتبين انه عسكري في الجيش اللبناني.
من جهة أخرى، أعلن الجيش اللبناني عن استمرار أعماله في فتح الطريق الرئيسي المؤدي إلى بلدة الخيام في منطقة مرجعيون، الممتد من شمال البلدة إلى جنوبها، وتقوم وحدات الجيش بإزالة الردم والذخائر غير المنفجرة التي خلفتها العدوانات الإسرائيلية السابقة، إضافة إلى انتشارها داخل البلدة، بالتنسيق مع اللجنة الخماسية لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وذلك في إطار خطة انتشار الجيش في المنطقة.

توسُّع استيطاني في لبنان

من جهة اخرى، اعربت مصادر لبنانية من تخوفها من لجوء الاحتلال الاسرائيلي الى توسع احتلالها في ريف القنيطرة السورية وتدخل قرية جديدة». وأضافت: «القوات الإسرائيلية باتت على بعد 15 كلم عن الطريق الدولية بين دمشق وبيروت، وهي تتوجه للسيطرة على بلدة المعلّقة جنوبي سوريا» .

وكشف موقع مجلة «972+» الإسرائيلية، أن مجموعات من المستوطنين بدأت في التفكير بالتوسع في المناطق الحدودية مع سوريا ولبنان مباشرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، في محاولة لإقامة مستوطنات جديدة في ظل التوترات السياسية والعسكرية التي تشهدها المنطقة.

البناء:

صحيفة البناءوزير خارجية تركيا كوكيل لدولة الانتداب: لن نقبل ببقاء قوات سورية الديمقراطية

التوغل في سورية لم يمنح نتنياهو الأغلبية… وغانتس: نحن عشية الحرب الأهلية

الملف الرئاسي على نار ساخنة والتداول بأسماء عون والخازن والبيسري وخوري

كتب المحرر السياسي

تبلور محور الاستقطاب الحاد بين واشنطن وأنقرة حول سورية في الملف الكردي، مع كلام متقابل لوزيري خارجية أميركا أنتوني بلينكن وتركيا حاقان فيدان، وقد أكد ما سبق وقاله في انقرة “إن دور قوات سورية الديمقراطية بقيادة الأكراد «حيوي» لمنع عودة تنظيم «داعش» إلى سورية بعد الإطاحة برئيس النظام السابق بشار الأسد. وأضاف «أن الأولوية هي لمنع عودة داعش والدور الحيوي لضمان عدم حدوث ذلك هو لقوات سوريا الديمقراطية»، بينما تحدث فيدان في حوار لم يخف خلاله أن تركيا بمثابة دولة منتدبة على سورية، عندما أجاز لنفسه التحدث عن طبيعة الدستور الجديد والحكومة وسواها من القضايا التي يفترض انها مسائل سيادية سورية، فقال إنه لا يمكن لتركيا بأي شكل القبول ببقاء قوات سورية الديمقراطية لأنها مجرد واجهة لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً بالنسبة لتركيا والذي يشكل استئصاله أحد أسباب الاهتمام الرئيسية لتركيا بالملف الأمني في سورية.

الملف الكردي العالق بين تركيا وأميركا لم يحجب التوغل الإسرائيلي المتمادي في الأراضي السورية، والذي ربطت تل أبيب إعادة النظر فيه بنشوء سلطة جديدة شرعية ودستورية في دمشق. وهو ما يفترض أن يحدث بعد انتخابات نيابية وفق دستور جديد، لن تتم قبل سنتين وفقاً لرزنامة القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، والذي بدأت مناقشات آليات تطبيقه خلال زيارة المبعوث الأممي غير بيدرسون إلى دمشق ولقائه بقائد هيئة تحرير الشام أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، لكن رهانات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على تعويض خسائره في غزة ولبنان بصورة نصر في سورية، لم تتحقق فجاءت استطلاعات الرأي التي أجرتها صحيفة معاريف تمنح الائتلاف الحاكم في أي انتخابات مقبلة 50 مقعداً فقط بدلاً من 64 مقعداً يحوزها حالياً، ونجح حزب الليكود بكسب 3 مقاعد إضافية من طريق حلفائه الذين خسروا كثيراً من مقاعدهم، بينما كان لافتاً الكلام اليائس من نجاة الكيان من تداعيات الحرب الذي صدر عن عضو مجلس الحرب السابق بيني غانتس المنتقل إلى صفوف المعارضة، بقوله «إننا على حافة الانتقال من حرب واجهنا فيها أعداء «إسرائيل» إلى حرب أهلية».

في لبنان تتصاعد حماوة الطبخة الرئاسية وسط تفاؤل حذر تجاه فرص التوصل الى انتخاب رئيس جديد في جلسة 9 كانون الثاني المقبل، أي بعد ثلاثة أسابيع، ويجري التداول في الأوساط السياسية بتشاور بين الثنائي الوطني المكوّن من حركة أمل وحزب الله، ممثلا برئيس مجلس النواب نبيه بري مع الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وعدد من التكتلات المستقلة، فيما تحدثت تقارير صحافية عن دعم الوزير السابق سليمان فرنجية لترشيح النائب فريد الخازن الذي يزور معراب اليوم، مع وجود ثلاثة أسماء مرشحين بارزين في التداول، قائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام للأمن العام الياس البيسري والسفير السابق في الفاتيكان جورج خوري.

بانتظار موعد الجلسة النيابية المقررة في التاسع من الشهر المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية، سوف تتكثف الجولات ونقل الرسائل اعتباراً من هذا الأسبوع لانتخاب رئيس توافقي. وفيما أفيد أن التنسيق على قدم وساق بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، تشير المعلومات إلى زيارة مرتقبة لنائب رئيس حزب القوات جورج عدوان إلى عين التينة، وسط تأكيد مصادر سياسية أن جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في 9 كانون الثاني لم تنضج بعد، ومردّ ذلك غياب التفاهمات المحلية حولها حتى الساعة، فضلاً عن أن الأمور على المستوى الخارجي أيضاً لم تنضج بعد، مع تشديد المصادر على أن قائد الجيش العماد جوزاف عون الأكثر حظاً اليوم وهو يحظى بتأييد ودعم أميركي سواء من الإدارة الأميركية الحالية والإدارة المنتخبة، مع إشارة المصادر إلى ضرورة تلقف الفرصة السانحة اليوم وانتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية.

وفيما يتّجه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى إعلان انسحابه من السباق الرئاسي خلال إطلالة مرتقبة له، تردّدت معلومات نقلاً عن مصادر مقربة أنه أبلغ كل من يعنيه الأمر أنه سيكون داعماً لترشيح قائد الجيش لرئاسة الجمهورية أو النائب فريد هيكل الخازن اذا حصل على تأييد الكتل السياسية كافة، هذا ومن المتوقع أن يزور الخازن اليوم رئيس حزب القوات سمير جعجع.

وأكد النائب جورج عدوان أمس، أن “إذا لم تنضج جلسة 9 كانون الثاني يجب أن تنضج بعدها بأقرب وقت لكن تأخيرها لأسبوعين لن يكون جيداً”. ورأى أن “رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمامه خياراً مهماً والسؤال هل سيختار رئيساً قوياً؟”. وأوضح أن “جلسة 9 كانون لم تنضج بعد لأسباب داخلية وخارجية، ولكنها لم تسقط حتى الآن”.

إلى ذلك، يصل بيروت غداً وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي للقاء عدد من المسؤولين السياسيين في سياق المساعي القطرية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي وترتيب العلاقة مع سورية، كما يقوم رئيس الحكومة اليونانية كيرياكوس ميتسوتاكيس بزيارة رسمية الى لبنان اليوم وليوم واحد وسيصل السراي الحكومية عند الساعة الاولى الا ثلثاً من بعد الظهر حيث تقام له مراسم الاستقبال الرسمية ثم يعقد محادثات مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يليها لقاء صحافي مشترك.

ومن روما، أطلق رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي سلسلة مواقف خلال لقائه السفراء العرب المعتمدين في ايطاليا، حيث شرح الظروف التي يعيشها لبنان والجهود التي أدت إلى حصول توافق على وقف إطلاق النار، معتبرا “أن التحدي الأساسي يتمثل في إلزام اللجنة المكلفة متابعة هذا الملف اسرائيل بوقف خروقها وسحب قواتها من الاراضي اللبنانية”. وقال: “نحن ننتظر تنفيذ هذه التدابير بضمانة أميركية – فرنسية، ولكن لا نرى التزاماً إسرائيلياً بذلك”.

أضاف: أن جيشنا بدأ توسيع انتشاره في الجنوب ومعنوياته عالية جداً، وهو يعمل على بسط سلطة الشرعية اللبنانية، ولكي لا يكون هناك سلاح خارج السلاح الشرعي. ونحن في هذا السياق نعوّل على استمرار دعم الأشقاء والأصدقاء الجيش على الصعد كافة لتمكينه من القيام بدوره كاملاً”. وعن ملف رئاسة الجمهورية قال: “صحيح أن حكومتنا تقوم بأقصى ما يمكن لإدارة شؤون الدولة وتتعاون مع كل المؤسسات الدولية، ولكن المطلوب أن ينتخب رئيس جديد للجمهورية لكي يكتمل عقد المؤسسات الدستورية. والأنظار متجهة الى جلسة التاسع من كانون الثاني، على امل ان تفضي الى انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة تقوم بالإصلاحات المطلوبة”. وعن الملف السوري قال: “علينا أن نحترم إرادة الشعب السوري، ونتمنى له كل الخير، كما نتطلع الى علاقات بين البلدين على قاعدة الاحترام المتبادل ومصلحة الشعبين”.

وكان رئيس الحكومة عقد محادثات رسمية مع رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني مساء أول أمس، في مقر رئاسة الحكومة الايطالية في روما.

وأكد ميقاتي في المنتدى السياسي السنوي لرئيسة الوزراء الإيطالية “أن التنفيذ الشامل لتفاهم وقف إطلاق النار ووقف الانتهاكات الاسرائيلية له أمر بالغ الأهمية لحماية سيادة لبنان وسلامة أراضيه، وتسهيل العودة الآمنة للنازحين إلى بلداتهم وقراهم. وهذه مسؤولية مباشرة على الدولتين اللتين رعتا هذا التفاهم وهي الولايات المتحدة وفرنسا “.

وقال: “إن العدوان الإسرائيلي على لبنان، زاد معاناة شعبنا وأدى الى خسائر فادحة في الأرواح، كما ألحق أيضاً أضراراً جسيمة بالبنى التحتية والاقتصاد والاستقرار الاجتماعي. وأدّى النزوح الجماعي لآلاف اللبنانيين إلى نشوء أزمة إنسانية غير مسبوقة، مما يستدعي اهتماماً ودعماً فوريين من المجتمع الدولي. ووفقاً لتقديرات البنك الدولي، سيحتاج لبنان إلى ما لا يقل عن خمسة مليارات دولار لدعم عملية إعادة الإعمار”.

وأكد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن اتفاق إيقاف العدوان هو اتفاق تنفيذيّ مستمدّ من القرار 1701 ويرتبط بجنوب نهر الليطاني حصراً، ونحن كحزب الله نتابع ما يحصل ونتصرف بحسب تقديرنا للمصلحة، ومقاومة حزب الله مستمرة إيماناً وإعداداً”. وأعلن الشيخ قاسم أن “ضمن برنامج عمل الحزب، إعادة الإعمار بمساعدة الدولة، والعمل الجاد لانتخاب الرئيس في 9 كانون الثاني”.

حول برنامج عمل حزب الله في المرحلة المقبلة أوضح قاسم أن “برنامج العمل الذي سنعمل عليه ونكون شركاء أساسيين في بناء الدولة، أولاً: تنفيذ الاتفاق في جنوب نهر الليطاني، ثانيا: إعادة الإعمار بمساعدة الدولة المسؤولة عن الإعمار والتعاون مع كل الدول والمنظمات والأشقاء والأصدقاء الذين يرغبون في مساعدة لبنان على الإعمار، ثالثاً: العمل الجاد لانتخاب الرئيس في 9 كانون الثاني لتنطلق عجلة الدولة، رابعاً: المشاركة من خلال الدولة ببرنامج إنقاذي إصلاحي اقتصادي اجتماعي، مبنيّ على المواطنة والمساواة تحت سقف القانون واتفاق الطائف، وفي مواجهة الفساد ومحاسبة المفسدين، خامساً: الحوار الإيجابي حول القضايا الإشكالية، طبعاً نحن لدينا عدة قضايا إشكالية تحتاج إلى حوار، ما هو موقف لبنان من الإحتلال الإسرائيلي لأرضه؟ نريد أن نتحاور حتى نوحّد وجهة نظرنا كيف نواجه الاحتلال ونحرر الأرض ولا نتعايش مع استمرار الاحتلال، كيف نقوّي الجيش اللبناني ليكون دعامة حماية لبنان؟ ما هي استراتيجية لبنان الدفاعية للاستفادة من المقاومة والشعب سنداَ للتحرير، هذه أسئلة وغيرها تحتاج إلى حوار بين اللبنانيين”.

وأعلن السفير المصري لدى لبنان علاء موسى أن “القوى السياسية في لبنان ما زالت تتحاور في ما بينها، ولكن المؤشرات إيجابية وهناك التزام واضح ورغبة حقيقية بإنجاح جلسة انتخاب الرئيس في 9 كانون الثاني”.

وقال موسى في حديث تلفزيوني إن “اللجنة الخماسية توافقت سابقاً على مواصفات الرئيس التي وضعتها بالتشارك مع القوى السياسية وأضيفت بعض الأمور اليوم على المواصفات والرئيس يجب ان يكون ملتزماً بتطبيق وقف اطلاق النار ومتابعة ملف اعادة الإعمار”.

وأضاف: “دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري لنا لحضور جلسة انتخاب الرئيس إشارة الى أن هناك جدّية وهناك رغبة للخروج من هذه الجلسة برئيس للبنان”.

كما اعتبر أن “على القوى اللبنانية أن تتحرك سريعًا وألا ترهن قرارها الى اي متغيرات والسفيرة الأميركية أكدت مرارًا على ان الادارة الاميركية ملتزمة بانتخاب رئيس في أسرع وقت”.

على خط آخر، قال النائب وليد البعريني أمام زوّاره إن “تكتّل الاعتدال الوطني يعدّ اقتراح قانون شامل للعفو العام سيقدّمه إلى مجلس النواب، وسيطالب الرّئيس نبيه بري بتحديد جلسة تشريعية عاجلة يُدرج اقتراح القانون على جدول أعمالها للتصويت على إقراره. وهو اقتراح من شأنه أن يعطي كل إنسان حقّه ضمن القانون وبعيدًا من الظلم”.

وأضاف:” إنّنا أمام متغيّرات متسارعة تحتّم علينا التقاط الفرص البنّاءة والمفيدة للبنان، وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهوريّة، وبالتالي إعادة انتظام العمل في شتى المؤسّسات”.

إلى ذلك حثّ البطريرك الماروني بشارة الراعي “المسيحيين على الانخراط في العمل الوطني السياسي في سورية”. مشدداً على أنه “لا بدّ من مدّ اليد لجميع المكوّنات السوريّة للتعاون في بناء البلاد، مع التأكيد على أهميّة بناء سورية على أساس من المواطنة والمساواة دونما تمييز دينيّ أو طائفيّ أو عرقيّ أو ثقافيّ”. وحيّا الراعي “مطارنة وأبناء أبرشيّاتنا المارونيّة الثلاث في كلّ من حلب ودمشق واللاذقيّة، وإلى سائر الكنائس الكاثوليكيّة والأرذوكسيّة والإصلاحيّة الزاهرة في سورية. إنّ سورية هي مهد المسيحيّة المتجذّرة فيها منذ بدايتها. وبالتالي عاش المسيحيّيون فيها بإخلاص لها، وأعطوها من صميم قلوبهم لحماية العيش المشترك والعدالة والسلام والحريّة وحقوق الإنسان”.

وفي الشان اللبناني، شدّد الراعي على أهمية التوافق بين الكتل النيابية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في الجلسة المزمع عقدها في التاسع من كانون الثاني المقبل. وأكّد مرافقة هذه الجهود بالصلاة لتحقيق الخير للبنان واللبنانيين، متمنيًا أن يكون الرئيس المنتخب الأنسب لتحقيق السلام العادل والمستدام في لبنان وسورية”.

 

المصدر: صحف

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق