يعد 2024 عاماً تاريخياً لـ«بيتكوين» بشكل خاص، وللعملات المشفرة بشكل عام، ليس فقط من ناحية الأداء، بل أيضاً من ناحية تغير نظرة الكثيرين إلى هذه الأصول الرقمية. فلم يكن أكثر المتفائلين بالعملات المشفرة، أن تكون سوق «بيتكوين» مزدهرة كما كانت خلال 2024، خاصة بعد عام من تحقيقات واعتقالات شملت رؤساء منصات عملات مشفرة، مثل رئيس منصة «إف تي إكس» سام بانكمان فرايد. لذلك وجدنا «بيتكوين» تصعد كالصاروخ وبنسبة وصلت إلى 129 % منذ مطلع 2024.

وقد شكلت بداية العام مرحلة جديدة لعملة «بيتكوين»، وذلك مع إدراج 11 صندوقاً لتداول العملة، كان من أهمها «بلاك روك» و«جرايسكال» و«فيديلتي»، وهو ما جذب استثمارات مؤسساتية ضخمة. وفي أبريل من العام الماضي، جاء تنصيف «بيتكوين» والذي يحدث كل 4 سنوات، وهو ما يعني تراجع مكافآت تعدين العملة إلى النصف، ما أدى إلى تراجع المعروض.

وفي مايو أقر مجلس النواب الأمريكي قانون تكنولوجيا الابتكار المالي للقرن الحادي والعشرين، بهدف إنشاء إطار تنظيمي شامل للأصول الرقمية. وقدمت هذه التشريعات الوضوح اللازم بشأن تصنيف الأصول الرقمية وسلوك السوق، ما أدى إلى توفير بيئة أكثر أماناً للمستثمرين والشركات العاملة في مجال العملات الرقمية.

دور ترامب

وفي يوليو، ظهر الرئيس المنتخب دونالد ترامب ليلعب دوراً بارزاً في تعزيز ودعم سعر عملة «بيتكوين» عبر تبني فكرة بناء احتياطي استراتيجي للعملة، ودعم شركات العملات المشفرة وطرد جاري جينسلر، رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية المناهض لهذا القطاع من منصبه.

وأدى فوز ترامب بالرئاسة في نوفمبر وترشيحه لأكثر من 13 شخصاً في الحكومة الأمريكية المقبلة جميعهم من داعمي العملات المشفرة، إلى قفزة بسعر عملة «بيتكوين» من مستويات 68 ألف دولار، لتتجاوز 108 آلاف دولار في أقل من شهر. وعلى الرغم من الارتفاعات الكبيرة لعملة «بيتكوين» في 2024 التي وصلت تقريباً إلى 120 %، إلا أن أغلب التوقعات لاتجاه سعرها في 2025 تبقى إيجابية.

وتتوقع ستاندرد تشارتر ارتفاعها إلى 200 ألف دولار بنهاية 2025، أما بنك الاستثمار «VanEck» يتوقع ارتفاع سعر «بيتكوين» إلى مستويات 180 ألف دولار مع بداية العام قبل أن تتراجع منها. أما صندوق «Fundstrat» فيتوقع وصول سعر عملة بيتكوين في 2025 إلى 250 ألف دولار.

زخم متواصل

لذلك يمكن القول بأن العملات المشفرة بشكل عام تستعد لمواصلة زخمها بعد مضاعفة إجمالي القيمة السوقية الإجمالية تقريباً في عام 2024، ولكن اعتمادها على نطاق أوسع في 2025 سيعتمد على مدى فعالية إدارة ترامب الصديقة للعملات الرقمية في إنشاء مسار تنظيمي أوضح لازدهار العملات الرقمية.

وكانت المكاسب الهائلة في عام 2024 مدفوعة بإطلاق صناديق الاستثمار المتداولة الفورية «بيتكوين» و«إيثريوم»، والتي جذبت مجتمعة 36.4 مليار دولار و2.4 مليار دولار من صافي التدفقات الداخلة حتى 19 ديسمبر على التوالي. وقالت مذكرة بحثية صادرة عن مؤسسة «سيتي» إن هذه التدفقات كانت المحرك الأكثر أهمية لعوائد العملات المشفرة، متوقعة استمرار هذا الاتجاه في عام 2025.

لكن لا تزال التوقعات بعيدة كل البعد عن الوضوح. في حين أن الإدارة القادمة في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب ينظر إليها على نطاق واسع على أنها مؤيدة للعملات الرقمية، إلا أن إمكانية إجراء إصلاح تنظيمي ذي مغزى لا تزال غير مؤكدة.

وقالت المؤسسة: إن دفعة ترامب من المنظور التنظيمي ليست بالضرورة قصة إلغاء الشكل التنظيمي، حيث يعتقد بعض المشاركين في السوق أن الإدارة القادمة قد تسعى إلى استبدال المزيد من المنظمين الذين ترى أن لديهم سجلات متشككة في العملات الرقمية، وترقية أولئك الذين تتوافق وجهات نظرهم بشكل أفضل مع وجهة نظر إدارته.

ورأت المؤسسة أن البيئة التنظيمية لها تأثير على تبني العملات الرقمية، وقالت إن الإطار التنظيمي سيكون محدداً مهماً لاعتمادها، مشيرة إلى احتمالية زيادة الشفافية في التنظيم مما يسلط الضوء على العملات الرقمية الأخرى في دائرة اهتمام المستثمرين.